22أكتوبر

حل لغز الإحباط

ما يفصل بين النظرية والكلام والاسترسال في إلقاء الكلمات واستعراض معلومات، وبين التطبيق الفعلي للكلام والاقتراحات.. هو وجود برامج وجداول زمنية يحملها ويستعرضها كل من يتكلم عن التنمية والاقتصادية وحل مشاكل المجتمع..
دأبت المحطات الفضائية وحلقات النقاش وورش العمل علي استعراض المشاكل الوطنية والقومية، وبحث أسبابها وتاريخها.. وتأثيرها علي البلد.. ولكننا لم نجد من يتكلم عن برنامج محدد وجدول زمني يتبناه هو شخصيا.. ويقتنع بتطبيقه علي أرض الواقع..
ولدينا من المشاكل العشرات.. وكلنا نعرفها ونفهمها.. ونعرف أسبابها وتاريخها.. مثل مشكلة البطالة وتزايد أعداد العاطلين يوما بعد يوم… ولكن لم يقدم واحد من كل هؤلاء الذين يطلقون علي أنفسهم أنهم يعملون في الشأن الوطني والعمل العام برنامجا محددا للخروج من أزمة مشكلة مثل مشكلة التعليم.. ولو حتى علي سنوات عشر !! أن يقدم برنامجا له بداية وله نهاية وله مفاتيح وله مساندة مادية ومعنوية من طبقات الشعب.. للأسف فكل من يطمع في تولي منصب أو دخول المجالس النيابية.. يتحدث فقط عن مشروعات خدمية وقتية.. تصلح للحظات ولكن لا تقيم دولة بحق !! والجميع يتفقون علي مبدأ استجداء التبرعات..!! لإقامة الدولة !!!
لم نجد هذا الشخص أو الفرد أو المؤسسة التي تتبني وضع برنامج لحل قضية… ويتصدر لها فرد يأخذ علي نفسه عهدا بتنفيذ حلول لها في توقيتات محددة ( بعيدا عن الأحزاب وزفة الأحزاب ودعاية الأحزاب… فهي لن تطعم وتوظف الملايين من أبناء الشعب الذين فاتهم كل شيء.. من وظيفة أو عمل أو مسكن أو علاج أو حتى تعليم حقيقي !!ّ )
الولايات المتحدة الأمريكية… أعظم وأكبر قوة علي سطح الأرض… الآن – علي الأقل – كان نتيجة إتباعها أبجديات العمل الإداري في كل مشروعاتها… بدأت بوضعروع اقتصادي إلي غزو الفضاء…بدأت بوضع تسلسل بدائي في التفكير في عشرات المشروعات المرتبطة بالفضاء .. وتركها للجميع..أسلوب بسيطفكر ورأي وعلم… أسلوب بسيط ونجح في وضع عشرات البرامج التي تخدم صناعة الفضاء … وقالوا: إن كل دولار تم إنفاقه في مشروعات الفضاء.. قد عاد إليها ب140 دولار ….
فكر وتنسيق ووضع حلول فعلية في خطوات بسيطة… لمئات وآلاف من المشروعات… وقد تفشل معظمها.. برامج طموحةهناك بعضها سوف ينجح ويغطي علي خسائر الآخرين… برامج طموحة .. برامج جدية…برامج مجنونة… برامج غير منطقية… كل هذا جائز.. ويمكن أن يكون تخريفا… ولكن

لدينا عقول تفكر وتنفذ ما فكرت فيه لخدمة البلد وللصالح العام.. أمريكا فعلت هذا… وفي النهاية أصبحت أقوي دولة علي سطح الكرة الأرضية..
لدينا الآن معاهد تدير برامج في كافة المجالات العلمية… وحتى في العملية الانتخابية النيابية الأخيرة… في عام 2005 كان لها دور… وان كان محدودا للغاية..ولكنه علي الأقل كان موجودا…
.. المشروعات القومية والوطنية العملاقة.. والتي نحتاجها في مصر الآن بشدة لحل الكثير من تراكمات أخطاء الماضي التي أتت علي البلاد بالتدني الاقتصادي يمكن طرحها في سطور أمام الشعب… بكل فئاته المثقفة والمتعلمة والحرفية والإدارية… وكل من له عقل.. علية أن يقول ماذا نفعل وماذا يري هو شخصيا…. بلا أي خجل أو شعور بالقلة أو الشعور بان هناك من يفكرون له وان هناك علماء… الموضوع أبسط من كل هذا التعقيد…
ولكن البداية والسماح بحرية الرأي والتعبير هو الأساس… وهذا يأخذنا مرة أخري إلي قضية تطبيق الديمقراطية في مصر.. ومعرفة أساسياتها ومبادئها وحدودها… وان كنت لا اتفق مع كلمة حدودها..
وخاصة في حالات الإبداع البشري.. والتي تتطلب فكر وطموح وانفتاح بلا حدود.. حتى تخرج علينا الأفكار بقوة وجراءة…
المشروعات القومية العملاقة قد تكون هي مفتاحا لحل لغز الإحباط والبطالة في مصر..

نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية

16أكتوبر

مؤتمر السلام … يا سلام !!

شرم الشيخ مدينة السلام ومقر للمؤتمرات المتتالية للسلام في منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من عشر سنوات… وكلنا نذكر يوم التقي الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون مع وفود من إسرائيل وفلسطين .. في محاولة مستميتة منه لتحقيق تقدم في السلام قبل أن يغادر البيت الأبيض … وان يحفظ ماء وجه أمريكا .. ويريح إسرائيل وقادتها من أعمال المقاومة الفلسطينية … فشل .. وكان فشله متوقعا …

واليوم وبعد مرور كل تلك السنوات . لم تتقدم القضية الفلسطينية خطوة للأمام ( في نظر الأمريكان ) ولم يتحقق الاستقرار الإسرائيلي في فلسطين .. بل بالعكس قويت فلسطين وازدادت قدرة علي التحدي وعلي الصمود في وجه تلك المؤتمرات بصعود منظمة حماس إلي قمة السلطة .. منذ عامين …. وانتصار حزب الله علي إسرائيل في حرب لبنان الأخيرة منذ عام … وحركة القضية الفلسطينية في حالة عدم استقرار رغم كل الأماني الغربية والأمريكية بوضع حد وإنهاء حالة تهديد سكان إسرائيل الذين يعيشون في مستعمرات قريبة من الحدود ….!! بطلب عقد مؤتمر سلام جديد … في الخريف القادم .. – بعد شهر – لعله يأتي بجديد … وهو أمل بعيد …
سؤال هام يطرح نفسه علي الساحة السياسية في منطقة الشرق الأوسط من أطول نفس وأكثر صلابة وأبعد رؤية في الجانبين الفلسطيني .. والإسرائيلي؟ . الأيام قالت كلمتها في هذا … الفلسطينيون هم أطول وأعمق نفسا .. وأبعد رؤية … رغم مشاكلهم الداخلية واختلافاتهم السطحية … أقوي كثيرا من كل تلك العنجهية الصهيونية … والغطرسة الأمريكية .. لهذا كان رد خارجية مصر علي عقد مؤتمر سلام في الشهر القادم هو نفي في صورة إيجاب !!
طلبت مصر الأتي :
1- الاتفاق علي تحقيق تسوية نهائية في إطار زمني محدد ..
2- أن تكون قرارات مجلس الأمن ومباديء مؤتمر السلام العربية هي الأساسية لعقد المؤتمر ..
3-الاتفاق علي آلية متابعة للتحقق من قيام الأطراف بتنفيذ التعهدات

4-الاجتماع لابد أن يكون بمشاركة سوريا ولبنان وان تشمل المفاوضات كل المسارات ……. الخ

مطالب مصر من أمريكا لها شكل منطقي ولها صيغة تحمل في طياتها الرفض قبل الموافقة وتحمل صيغ التحدي في أن إسرائيل ليست جادة في التزاماتها ……..
فلسطين … وبعد مرور أكثر من ستين عاما علي احتلال إسرائيل لها، تتكلم عن إقامة دولة فلسطينية !! وهذا حقها وحق كل العرب وكل دول المنطقة … وإسرائيل الدولة التي اغتصبت دولة و واغتصبت ثلاثة أجيال من شعب فلسطين علي مدي 60 عاما تسعي مع أمريكا للسلام …. يا سلام …

نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية

11أكتوبر

أكتوبر والفجوة الحضارية!!

الحضارة.. كلمة تعني التاريخ والإنسان معاً.. والحضارة يصنعها الإنسان ويسجلها التاريخ وتصبح شاهداً علي عصر، ويشهد عليها العالم ويقرها، ولا يختلف أحد علي حضارات الدول وقيمتها علي مدي العصور، وأشهر حضارات العالم هي الحضارة المصرية القديمة.. يعرفها العالم كله وتدرس في كل الجامعات للاستفادة منها،
وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حتي إن الطفل الصغير في أمريكا يعرف عن مصر الكثير، ويعرف المدن المصرية الصغيرة قبل الكبيرة، ويدرس التاريخ المصري القديم والحديث، من منطلق أنها دولة كان لها حضارة عظيمة، وبالتالي فإنه يمكن أن تتكرر!!
وفي ذكري أكتوبر نحن الآن في أشد الحاجة إلي استعادة المعاني والعزيمة الصادقة في العمل المخلص.. أن نفرض روح أكتوبر علي جميع أعمالنا، ويحضرني في هذا من ذكريات تلك الأيام العظيمة موقف نسيناه مع مرور السنين، وهو أن جميع البيوت المصرية قد اتخذت قراراً جماعياً بعدم عمل كحك العيد، كمظهر من مظاهر الفرحة والبهجة باستقبال أيام العيد،
والتبرع بثمنه إلي أسر الشهداء، وتلك المبادرة لم تكن بتوجيه من أحد أو بأوامر أو بنداء من جمعيات المجتمع المدني، فلم يكن لها وجود عام ١٩٧٣، ولكن الوطنية والشعور المصري والتكافل الاجتماعي فرضت هذا الوضع، والجميع التزم به حباً في مصر وشهداء مصر.
كان هذا عام ١٩٧٣ والآن نحن في عام ٢٠٠٧ فرضت علينا الأزمة الاقتصادية، وظهرت الفجوة الحضارية في نسيان ماضينا، وهو ما يجب أن نعترف به، ومن الأجدر بنا الآن أن نسلك نفس ما سلكه آباؤنا وأمهاتنا في عام ٧٣، بمقاطعة مظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد، ولدينا المبررات الكثيرة التي تفرض هذا الوضع.
ارتفاع أسعار السلع الأساسية من دقيق وسكر ومسلي، يفرض علينا أن نعود إلي موقف الشعب المصري بعد مرور ٢٠ يوماً علي العبور العظيم عام ١٩٧٣ والاحتفال بعيد الفطر المبارك، وتلك لمحة بسيطة من حضارة هذا الشعب الممتدة.. مظاهر حضارة الأمم تستطيع أن تراها في أشياء بسيطة جداً في ملابس وزي الرجال والنساء، وحتي في الألوان التي تطلي بها المنازل. فهل لنا أن نظهرها في ترشيد استهلاكنا؟

أنور عصمت السادات

نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية 

08أكتوبر

المرافق الأيدلوجية !

أقر وأعترف بأنه عنوان صعب … وثقيل ..ويبعد كل من يطالعه أن يستمر .. حتي في قراءة السطر الأول .. ولكن وكما قال الفنان الراحل نجيب الريحاني … شيء لزوم الشيء !!!
والشيء الاول هو أمريكا … وسقوط رئيسها بوش من نظر الأمريكيين والعالم .. وتهاوي البنية التحتية للولايات الأمريكية في الفترة الأخيرة تحت ضغوط اقتصاديات حروب العراق وأفغانستان والإرهاب الوهمي .. ومحاربة العفريت الذي صنعة القادة الأمريكان بأنفسهم ليخيفون به العالم … فإذا به هو ينقلب عليهم !!
دول ومجتمعات وشعوب الوقت الحالي لها نظرة وفكر مختلف كثيرا عما هو موجود بكتب السلوك الإنساني والحضارات … ثقافة أخري غير التي تربيت عليها أجيال وشعوب طوال مائة عام مضت …
في مائة عام مضت كانت هناك أيدلوجيات وكيانات فكرية مختلفة في توجهاتها .. ولكل فكرة أنصارها ومؤيدوها ومشجعوها … والآن انقلب الحال بعد أن استكفي الناس من تلك الشعارات ومن الهلاوس الفكرية التي لم تقدم لهم سوي الشقاء والكفاح للبقاء بأفكار نظرية صعبة التطبيق .
اليوم غير الأمس وما كان ممكنا بالأمس أصبح الآن غير ذي جدوى وليس له وجود سوي في كتب التاريخ ..
احتياجات الإنسان البيولوجية من أكل وشرب وتناسل .. تتكامل مع احتياجاته من تبني أفكار وعقائد تساعده علي العيش والاستمرار في الحياة ..
ومع مرور السنين وتقدم العمر .. تموت خلايا الإنسان بنسبة تتفاوت من إنسان لأخر .. ولكنها تموت .. خلية وراء خلية … الي ان يموت كلية ..و يتوفاه الله .. وتصعد روحه الي بارئها …
تقادم مرافق الدول يتساوي مع تقادم الأيدلوجيات …. هل تذكر كتب ( ماو ) في الصين وانتشارها في العالم المنادي بالإصلاح الاجتماعي في دول العالم الثالث ؟؟ هل تذكر تلك الكتب الحمراء صغيرة الحجم وعليها صورة ماو تسيتونج وتجاربه الإصلاحية .. والثورة الثقافية في الصين … هل تذكر هذا … اين هو الان … مع العلم بانه لم يمض علي تلك الحقبة الثقافية سوي 50 عاما فقط … وهي فترة ضئيلة جدا في عمر الحضارات والشعوب … ومع هذا اختفت تماما . وأختفائها ليس بأوامر أو قرارات سياسية عليا .. إنما التقادم التاريخي وضعها في مهملات التاريخ .
هل تذكر زعيم حركات التحرر في العالم الثالث وفي الدول التي كانت تنادي بالاستقلال عن الامبريالية الأمريكية … هل تذكر شي جيفا ره … وصورته التي كانت في كل الدول التي تنادي بالتحرر وتنادي بحقوق الانسان …. ووضعت صورته في حجرات الشباب جنبا الي جنب مع صور الفيس برسلي .. ومارلين مونرو .. وبلغ من مدي انتشار أفكار جيفاره، أن قام الملحن المصري المشهور سيد مكاوي بتلحين أغنية خاصة به …( جيفاره مات !! ) وإذاعتها الإذاعة المصرية بصفة متكررة … حدث هذا منذ أقل من 50 عاما مضت . واليوم لا يذكره هذا سوي المؤرخين الجدد !!!
مصر … وفي العشرين عاما الماضية .. أختلط فيها ( الحابل بالنابل ) واختلطت فيها الأفكار التقدمية مع الأفكار السلفية القديمة … ما بين مهاجم وبين مدافع … مهاجم في مظاهر التقدم والحضارة والسلوك الشخصي ومدافع عن الحقوق الإنسانية وحرية التعبير والرأي ..
معارك علي صفحات جرائد رسمية وحزبية مستقلة ومعارضة … وجميعها ….قد لا تكون مقروءة … ونسب وحجم توزيعها يكاد يغطي نفقات ومرتبات العاملين بها …
حركة الحياة الثقافية والفكرية انحصرت في التراث في كتب نجيب محفوظ وأنيس منصور ويوسف إدريس …وقد يكون يوسف القعيد وجمال الغيطاني لهم نصيب ضئيل جدا من الاهتمام . اذا كان هذا في الثقافة فما بالنا بالسياسة ؟؟؟ هل تجتذب أحد ؟؟ هل هناك ظهور لأفكار أيدلوجية جديدة … ؟ وهل للقديمة تواجد .؟ ام هي كتب مرصوصة في مكتبات كليات السياسة والاقتصاد لأغراض الحصول علي الدرجات العلمية ؟؟
حدث ولا حرج … اذا تكلمنا عن الفنون التشكيلية …. ومدي تواجدها أصلا في المجتمع المصري … هل تذكر الفنان حامد ندا … ولوحاته التجريدية … هل تذكر الأخوين سيف وأدهم وانلي .. هل تذكر صاحب القباب والمـاذن عبد الرؤوف عبد المجيد … كل هؤلاء وآخرون شكلوا مصر ورسموا لمصر روحا فنيا …. اين نحن وشبابنا الآن من تلك الحركات الفنية ؟
… الأيديولوجية المصرية تقادمت مرافقها وشاخت …. ونبحث الآن عن الذات المصرية ..
ولنا وقفات مع الذات المصرية كثيرة ….

تقادم الأفكار وتقادم الأيديولوجيات سنه من سنن الكون … والتجديد والإبداع هو ما يجعل العالم يستمر ويستمر في الحياة

مرافق الحياة والمرافق الأيدلوجية متكاملان في جسد وفكر الإنسان … والمرافق الأيدلوجية ليست بدعة ولا ألفاظ ولا مستحدثات في القاموس السياسي !! انها شعب وأقسام في عقل الإنسان السوي وصاحب الأرض وصاحب التاريخ ..

نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية

08أكتوبر

العقد الاجتماعي والأحزاب في مصر

نداء قديم ردده الكثيرون وهو ضرورة اتحاد كافة الكيانات والأحزاب السياسية تحت مظلة واحدة لصالح المستقبل الاجتماعي والسياسي في مصر.

ولن نختلف أو نزايد على كلمات ومعانٍ جديدة ومصطلحات لغوية غير متداولة، مثل العقد الاجتماعي الجديد، (وهو الدستور الجديد الذي وضعه جان جاك رسو في نهاية القرن الثامن عشر)، وبعيد عن كل تلك المسميات، فالعقد الاجتماعي، الذي نحن في حاجة إليه، هو الاتفاق على صيغة للتفاهم تصل بنا إلى وضع برنامج وخطط قابلة للتنفيذ وهو بالفعل عقد اتفاق مطلوب نشره وتوقيعه والمصادقة عليه من كل من يعمل في العمل العام والشأن العام في مصر.

العقد المطلوب التوقيع عليه يجب أن يشمل مثل كل العقود على مواد وبنود يتفق عليها مثل جهات التعاقد، وفي حالتنا هذه فإن جهات التعاقد مثلاً هو الشعب كطرف أول ويمثله كل من حضر هذا العقد من رموز الدولة ومفكريها ومنظمات المجتمع المدني وبكافة إشكالها وتوجهاتها، أما الطرف الثاني فهي الأحزاب السياسية، بما فيه حزب الأغلبية، الحزب الوطني، وأول بند في هذا العقد يقول (إن مصر فوق الأحزاب والشعب هو صاحب القرار).

وتماشيًا مع بنود العقد الاجتماعي الجديد، الذي أراه- أو افترض وجوده، هو بند نوعية التبادل (موضوع العقد) الذي من المفترض أن يتم بين الشعب والأحزاب (البائع والمشتري)، والبائع وما يمثله من أحزاب سوف تبيع سلعًا في شكل خطط مشتركة بينها لإنهاء حالات البطالة وإنهاء مشكلة التعليم وإنهاء مشكلة تلوث المياه ومشكلة وصول الخدمات الصحية لكل مواطن، إلى آخره من السلع التي يرغب الطرف الثاني في شرائها، وما أكثرها من سلع متنوعة تحمل كل هموم الوطن وتحمل معه تجارب حكومات متعاقبة على مدى 30 عامًا مضت، وأخطاءها المتكررة وتجاربها الفاشلة فشلاً واضحًا!!

والمشتري، والذي يمثله الشعب بكل طوائفه وكل مؤسساته سوف يقبل ويشتري سلع البائع المتمثلة في الخطط، والتوقيتات الزمنية لتنفيذ هذه الخطط،

هكذا ببساطة هو العقد الاجتماعي الجديد الذي لم ير النور بعد.
وعودة إلى الواقع وإلى الأحزاب الموجودة على الساحة الآن نجد أن هناك 24 حزبًا ولكل من هذه الأحزاب كيان وأعضاء، والاختلاف فيما بينها ليس كبيرًا في التوجهات والأفكار.

وعند دخول أي حزب إلى دائرة التعاقد (العقد الاجتماعي الجديد) نجد فجوةً كبيرةً متماثلةً في عدم وجود ميزانيات للحزب وعدم وجود بيانات أو معلومات عن مصادر التمويل وأسلوب تنمية المصادر المالية للحزب.

فجميع الأحزاب ليس لها ميزانيات معلنة يعرفها الأعضاء أو يعرفها الشعب، فهي من الأسرار، ومن خصوصيات أصحاب تلك الأحزاب، حتى الحزب الوطني يعتمد كليةً في ميزانيته غير المعلنة على تبرعات الأعضاء، وهو مصدر غير مستمر ولا يبني عليه خطط تنمية أو مشروعات تنمية، لذا كان لزامًا على الموقعين على العقد أن يكون هناك أسلوب لمراجعة مصادر التمويل المستمرة وضمان ثباتها لفترات طويلة تسمح بتنفيذ المخططات.

والعقد الاجتماعي الجديد يجب أن تكون له بنود للشروط الجزائية، لضمان سير العمل بالعقد أطول فترة ممكنة حتى يحقق الهدف منه.

دورة مجلس الشعب 2005 شهدت تحركات في هذا الاتجاه بالإعلان عن قيام جبهات تحالف وتجمعات حزبية، ولكنها لم تستمر كثيرًا، لعدم وجود صوت مسموع لها على المستوى الشعبي، حتى إنه لقد خيل لي خلال العامين الماضيين أن الذين يعملون بالسياسة هم الصحفيون ورؤساء التحرير فقط، والشعب في وادٍ والسياسيون في وادٍ آخر!!!

التوقيع على العقد الاجتماعي الجديد ووضع الأسماء بجوار بعضها البعض ليس هو المراد
وليس هو الهدف، وأيضًا ليس الهدف منها أن يصدر مرسوم ورقي لكيانات ورقية توضع في أرشيف النضال الوطني!! لقد تعدينا تلك المرحلة الكلامية الورقية وأصبح لدينا واقع شديد التعقيد يلزمنا بالتحرك الفعال والعمل الصادق.

والدعوة مفتوحة وموجهة إلى الحزب الوطني ليتواجد مع باقي الأحزاب في هذا العقد وأن يكون شاهدًا على هذا الاتفاق، بل ومشاركًا فعالاً، في كل ما يجمع عليه ممثلو القوى السياسية، والأمل هو الذي يدفعنا دائمًا إلى أن نبحث عن السبل والطرق التي تجمع، وننبذ الأساليب التي تفرق.

01أكتوبر

السائر وحده

أبو ذر الغفاري المتفرد في الزهد والورع المترفع عن السلطة والمال .. مخافة من الله وهو كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عنه (رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده). صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم .
صحابي جليل … يحبه رسول الله … ولان الطبيعة الإنسانية تختلف من شخص لآخر فقد كان أبو ذر واحدا من هؤلاء أصحاب السمات المتفردة في الطبيعة الإنسانية … وحياته السياسية كانت لها صفحات بيضاء مخالفة لكل السياسيين أيام الرسول وبعده … فهو الوحيد الذي فهم ما هي السياسة وما خفاياها ورفض كل المناصب التي عرضت عليه ..
والسائر وحده كان وصفا دقيقا من رسول الله ( وما ينطق عن الهوى ) لحياة إنسان أسلم في الجهر وليس في الخفاء ولفظ ورفض كل من كان يحاول أن يتملقه أو يداهنه أو حتى يداعبه اليوم وبعد 1428 عاما علي هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم.. يتكرر هذا النموذج.. وها نحن الآن وفي أحد الأقطار العربية (مصر) التي فتحها المسلمون.. لدينا السائرون وحدهم ….وهم ليسوا من السياسيين .. ولا من الصالحين . ولا من الاقتصاديين ولا من الاجتماعيين ….أنهم مواطنون عاديون ويعيشون بيننا ومهمومون بالوطن .. ولا يملكون جاها ولا سلطانا ..
تلك الفئة درست وعملت وسلكت طرق الحياة بمثالية نادرة .. ولم تسلك أي طريق خلفي سواء في التعامل اليومي أو في العمل الذي يعملونه .. سواء كان حكوميا أو عملا حرا أو مهنيا … النموذج الذي اتخذوه في حياتهم ..هو كما يقول الكتاب في وصف النموذج المثالي في الحياة ..
بالقطع هؤلاء هم السائرون وحدهم..وبالقطع هم بعيدون عن أسباب الظهور و الشهرة … ولا يعرفهم الكثيرون .. ولكن في كل مجموعة أو فئة واو تجمع نجد هذا النموذج البشري يعيش بيننا والجميع يحترمه …
ولقد وصلنا في حياتنا السياسية الآن إلي هذا إننا نسير وحدنا ونتكلم وحدنا ونسمع وحدنا وسنموت وحدنا … من كثرة التهميش الذي تفرضه فئات من حزب الأغلبية… ولا اعتراض…وكأننا نكلم أنفسنا ونتحدث إلي حائط أصم !!
رددنا كثيرا كلاما حول ضرورة الارتقاء بالعمل العام ليكون خالصا لوجه الله وليس نفاقا ولا رياء للوصول لمراكز سلطة … ولم نجد آذانا صاغية …تكلمنا وكتبنا بضرورة دفع الصفوف الخلفية إلي الأمام لتأخذ دورها وحقها في قيادة البلد وتحمل المسؤولية … ولا مجيب ..
سائرون وحدنا …
رفضا كل مظاهر الاحتكار وكل أسبابه … وكشفنا مواطن وبؤر الفساد .. ولم نجد رد فعل أو تغير في السياسة أو في الأسلوب …. سائرون وحدنا ..
كشفنا تدهور البنية الأساسية في القرى و النجوع البعيدة عن العاصمة وطالبنا بضرورة الإسراع في الارتقاء بالمستوي المعيشي للفلاح البسيط والمواطن المكافح البعيد عن نقاط الاهتمام والبعيد عن متخذي القرار … ولم نجد إصلاحا حقيقيا أو حتى نية إصلاح ….. سائرون وحدنا
طالبنا بضرورة الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث ( تشريعية وتنفيذية وقضائية ) وضرورة استقلال القضاء استقلالا تاما .. والبعد عن التداخل مع السلطة التنفيذية …
وتكلمنا وكتبنا وعبرنا عن هذا … وكأننا سائرون وحدنا….
التعديلات الدستورية الأخيرة .. تكلمنا وكتبنا فيها برأينا وكتب كل من له رأي فيها .. ولم يتم الأخذ بأي من كل تلك الآراء .. وكأننا سائرون وحدنا ..
كشفنا معاناة الشباب الباحث عن عمل .. في محافظات الدلتا – الأكثر كثافة سكانية بين محافظات الجمهورية .. وكيف انه يخاطر بحياته بالسفر للخارج بالطرق الغير قانونية الغير آمنة وضرورة أن نجد له سبيلا أكثر آمنا.. وتوفير أسلوب جديد يحقق له العيشة الكريمة سواء بمصر أو خارج مصر .. ومازال مسلسل غرق الشباب في البحر مستمرا …. سائرون وحدنا …
السائر وحده الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري لم يكن ليرضي بما يحدث بمصر ولو قدر لنا أن يكون بيننا شخصية مثله … لتغير الحال …

نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية