نداء قديم ردده الكثيرون وهو ضرورة اتحاد كافة الكيانات والأحزاب السياسية تحت مظلة واحدة لصالح المستقبل الاجتماعي والسياسي في مصر.
ولن نختلف أو نزايد على كلمات ومعانٍ جديدة ومصطلحات لغوية غير متداولة، مثل العقد الاجتماعي الجديد، (وهو الدستور الجديد الذي وضعه جان جاك رسو في نهاية القرن الثامن عشر)، وبعيد عن كل تلك المسميات، فالعقد الاجتماعي، الذي نحن في حاجة إليه، هو الاتفاق على صيغة للتفاهم تصل بنا إلى وضع برنامج وخطط قابلة للتنفيذ وهو بالفعل عقد اتفاق مطلوب نشره وتوقيعه والمصادقة عليه من كل من يعمل في العمل العام والشأن العام في مصر.
العقد المطلوب التوقيع عليه يجب أن يشمل مثل كل العقود على مواد وبنود يتفق عليها مثل جهات التعاقد، وفي حالتنا هذه فإن جهات التعاقد مثلاً هو الشعب كطرف أول ويمثله كل من حضر هذا العقد من رموز الدولة ومفكريها ومنظمات المجتمع المدني وبكافة إشكالها وتوجهاتها، أما الطرف الثاني فهي الأحزاب السياسية، بما فيه حزب الأغلبية، الحزب الوطني، وأول بند في هذا العقد يقول (إن مصر فوق الأحزاب والشعب هو صاحب القرار).
وتماشيًا مع بنود العقد الاجتماعي الجديد، الذي أراه- أو افترض وجوده، هو بند نوعية التبادل (موضوع العقد) الذي من المفترض أن يتم بين الشعب والأحزاب (البائع والمشتري)، والبائع وما يمثله من أحزاب سوف تبيع سلعًا في شكل خطط مشتركة بينها لإنهاء حالات البطالة وإنهاء مشكلة التعليم وإنهاء مشكلة تلوث المياه ومشكلة وصول الخدمات الصحية لكل مواطن، إلى آخره من السلع التي يرغب الطرف الثاني في شرائها، وما أكثرها من سلع متنوعة تحمل كل هموم الوطن وتحمل معه تجارب حكومات متعاقبة على مدى 30 عامًا مضت، وأخطاءها المتكررة وتجاربها الفاشلة فشلاً واضحًا!!
والمشتري، والذي يمثله الشعب بكل طوائفه وكل مؤسساته سوف يقبل ويشتري سلع البائع المتمثلة في الخطط، والتوقيتات الزمنية لتنفيذ هذه الخطط،
هكذا ببساطة هو العقد الاجتماعي الجديد الذي لم ير النور بعد.
وعودة إلى الواقع وإلى الأحزاب الموجودة على الساحة الآن نجد أن هناك 24 حزبًا ولكل من هذه الأحزاب كيان وأعضاء، والاختلاف فيما بينها ليس كبيرًا في التوجهات والأفكار.
وعند دخول أي حزب إلى دائرة التعاقد (العقد الاجتماعي الجديد) نجد فجوةً كبيرةً متماثلةً في عدم وجود ميزانيات للحزب وعدم وجود بيانات أو معلومات عن مصادر التمويل وأسلوب تنمية المصادر المالية للحزب.
فجميع الأحزاب ليس لها ميزانيات معلنة يعرفها الأعضاء أو يعرفها الشعب، فهي من الأسرار، ومن خصوصيات أصحاب تلك الأحزاب، حتى الحزب الوطني يعتمد كليةً في ميزانيته غير المعلنة على تبرعات الأعضاء، وهو مصدر غير مستمر ولا يبني عليه خطط تنمية أو مشروعات تنمية، لذا كان لزامًا على الموقعين على العقد أن يكون هناك أسلوب لمراجعة مصادر التمويل المستمرة وضمان ثباتها لفترات طويلة تسمح بتنفيذ المخططات.
والعقد الاجتماعي الجديد يجب أن تكون له بنود للشروط الجزائية، لضمان سير العمل بالعقد أطول فترة ممكنة حتى يحقق الهدف منه.
دورة مجلس الشعب 2005 شهدت تحركات في هذا الاتجاه بالإعلان عن قيام جبهات تحالف وتجمعات حزبية، ولكنها لم تستمر كثيرًا، لعدم وجود صوت مسموع لها على المستوى الشعبي، حتى إنه لقد خيل لي خلال العامين الماضيين أن الذين يعملون بالسياسة هم الصحفيون ورؤساء التحرير فقط، والشعب في وادٍ والسياسيون في وادٍ آخر!!!
التوقيع على العقد الاجتماعي الجديد ووضع الأسماء بجوار بعضها البعض ليس هو المراد
وليس هو الهدف، وأيضًا ليس الهدف منها أن يصدر مرسوم ورقي لكيانات ورقية توضع في أرشيف النضال الوطني!! لقد تعدينا تلك المرحلة الكلامية الورقية وأصبح لدينا واقع شديد التعقيد يلزمنا بالتحرك الفعال والعمل الصادق.
والدعوة مفتوحة وموجهة إلى الحزب الوطني ليتواجد مع باقي الأحزاب في هذا العقد وأن يكون شاهدًا على هذا الاتفاق، بل ومشاركًا فعالاً، في كل ما يجمع عليه ممثلو القوى السياسية، والأمل هو الذي يدفعنا دائمًا إلى أن نبحث عن السبل والطرق التي تجمع، وننبذ الأساليب التي تفرق.