الحضارة.. كلمة تعني التاريخ والإنسان معاً.. والحضارة يصنعها الإنسان ويسجلها التاريخ وتصبح شاهداً علي عصر، ويشهد عليها العالم ويقرها، ولا يختلف أحد علي حضارات الدول وقيمتها علي مدي العصور، وأشهر حضارات العالم هي الحضارة المصرية القديمة.. يعرفها العالم كله وتدرس في كل الجامعات للاستفادة منها،
وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حتي إن الطفل الصغير في أمريكا يعرف عن مصر الكثير، ويعرف المدن المصرية الصغيرة قبل الكبيرة، ويدرس التاريخ المصري القديم والحديث، من منطلق أنها دولة كان لها حضارة عظيمة، وبالتالي فإنه يمكن أن تتكرر!!
وفي ذكري أكتوبر نحن الآن في أشد الحاجة إلي استعادة المعاني والعزيمة الصادقة في العمل المخلص.. أن نفرض روح أكتوبر علي جميع أعمالنا، ويحضرني في هذا من ذكريات تلك الأيام العظيمة موقف نسيناه مع مرور السنين، وهو أن جميع البيوت المصرية قد اتخذت قراراً جماعياً بعدم عمل كحك العيد، كمظهر من مظاهر الفرحة والبهجة باستقبال أيام العيد،
والتبرع بثمنه إلي أسر الشهداء، وتلك المبادرة لم تكن بتوجيه من أحد أو بأوامر أو بنداء من جمعيات المجتمع المدني، فلم يكن لها وجود عام ١٩٧٣، ولكن الوطنية والشعور المصري والتكافل الاجتماعي فرضت هذا الوضع، والجميع التزم به حباً في مصر وشهداء مصر.
كان هذا عام ١٩٧٣ والآن نحن في عام ٢٠٠٧ فرضت علينا الأزمة الاقتصادية، وظهرت الفجوة الحضارية في نسيان ماضينا، وهو ما يجب أن نعترف به، ومن الأجدر بنا الآن أن نسلك نفس ما سلكه آباؤنا وأمهاتنا في عام ٧٣، بمقاطعة مظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد، ولدينا المبررات الكثيرة التي تفرض هذا الوضع.
ارتفاع أسعار السلع الأساسية من دقيق وسكر ومسلي، يفرض علينا أن نعود إلي موقف الشعب المصري بعد مرور ٢٠ يوماً علي العبور العظيم عام ١٩٧٣ والاحتفال بعيد الفطر المبارك، وتلك لمحة بسيطة من حضارة هذا الشعب الممتدة.. مظاهر حضارة الأمم تستطيع أن تراها في أشياء بسيطة جداً في ملابس وزي الرجال والنساء، وحتي في الألوان التي تطلي بها المنازل. فهل لنا أن نظهرها في ترشيد استهلاكنا؟
أنور عصمت السادات
نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية