عماد فؤاد – حسام صدقة
كشف محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، فى حواره مع «المصرى اليوم» عن أسباب الفشل المتكرر لمؤسسة الرئاسة فى الدعوة للحوار مع القوى السياسية، وأشار إلى دوره كوسيط للتقريب من وجهات النظر بين «الرئاسة» و«جبهة الإنقاذ» أثناء انعقاد الحوار الوطنى الأول، وكيف ساهمت تصريحات قيادات مكتب إرشاد جماعة الإخوان فى إجهاض تلك الوساطة.
وطرح «السادات» رؤيته لكيفية عقد حوار الآن للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، وطالب بضرورة إعلان تفاصيل المفاوضات التى تتم مع رموز الحزب الوطنى لاسترداد الأموال المهربة حتى لا تتزايد الشكوك حول استفادة بعض كبار المحامين المقربين من الإخوان بحصولهم على نسبة من الأموال التى سيتم استردادها.
■ كيف ترى موقف جبهة الإنقاذ الرافض للحوار مع مؤسسة الرئاسة؟
رغم أن الحوار مطلوب.. لكن الواقع الآن يشير إلى وجود حالة من فقدان الثقة بين الطرفين.. الجبهة والرئاسة.
■ لماذا؟
لأن مؤسسة الرئاسة لم تحترم نتائج الحوار السابق، خاصة فيما يتعلق بقانون الانتخابات، حيث فرض حزب الحرية والعدالة رؤيته أثناء مناقشة مشروع القانون فى مجلس الشورى.
■ إذن تتفق مع جبهة الإنقاذ فى موقفها؟
لا أتفق معها رغم التماس العذر لها، لأن تجربتها وخبرتها مع مؤسسة الرئاسة أو جماعة الإخوان أفقدتها الثقة فى الطرفين، ولكن لا يجب على الجبهة أن تفرض شروطاً مسبقة للحوار، ويمكن أن تضع ضوابط.. والأزمة السياسية الحالية لا تحتمل أن يفرض أحد شروطه على الآخر.. كما يجب ألا نضع شروطاً تعجيزية أمام بعضنا البعض مما قد يؤدى لفشل الحوار قبل أن يبدأ.
■ «الرئاسة» وجدت من يقبل المشاركة فى الحوار دون ضوابط؟
من قبلوا المشاركة هم الأحزاب الإسلامية فقط، وهم أنفسهم من سيطروا على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. والسؤال هنا كيف تتحاور مع من وضعوا الدستور ليقوموا بتعديله؟، وإجابة السؤال تعنى أن الحوار شكلى لأن كلاً منهم سيتمسك بوجهة نظره.. فمن كتب الدستور لن يعدله.
■ ما الآلية المناسبة لتعديل الدستور؟
القوى السياسية الرافضة لبعض مواد الدستور أعلنت تصوراتها للتعديل، وأنا أنصح مؤسسة الرئاسة بتشكيل لجنة محايدة مستقلة من فقهاء القانون الدستورى لدراسة المقترحات المقدمة من الأحزاب وإعداد تقرير يمكن عرضه على مجلس النواب بمجرد انعقاده.
■ لكن الرئاسة شكلت لجنة بالفعل للقيام بتلك المهمة؟
للأسف ضمت اللجنة من شاركوا فى اللجنة التأسيسة سواء كانوا سياسيين أو فقهاء دستور.. يعنى بنضحك على نفسنا.
■ نعود مرة أخرى.. اقتراحك يصطدم برفض جبهة الإنقاذ الحوار مع الرئاسة؟
إذا كان هدفنا الحوار مثلاً.. فيمكن أن يدعو له مجلس الدفاع الوطنى أو القوات المسلحة ومعها شيخ الأزهر والمفتى وقداسة البابا رأس الكنيسة المصرية.
■ لو تم الحوار بضوابط ترضاها الرئاسة وجبهة الإنقاذ هل سيهدأ الشارع؟
صوت الشارع أعلى من الجميع بمن فيهم جبهة الإنقاذ وقياداتها.. وكل القوى السياسية تحاول اللحاق به، ورأينا من قبل الهجوم الشرس من كل القوى الثورية والشباب على كل من شاركوا فى الحوار الوطنى الأول.
■ رغم كل ملاحظاتك على أداء مؤسسة الرئاسة، إلا أنك شاركت فى الحوار الأول، وكنت مكلفاً بالتواصل مع الرافضين دعوتهم؟
أنا أحدد موقفى من القضايا الوطنية بشكل واضح ومحدد.. ولك أن تتذكر أننى انسحبت من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور اعتراضاً على ما حدث بها، وأعلنت رفضى للدستور، ولكن بعد الاستفتاء أصبحنا أمام أمر واقع جديد يجب التعامل معه، وبعد أن كنت رافضاً للحوار قررت المشاركة اعتباراً من الجلسة السابعة، وقلت فى الجلسة التى شارك فيها رئيس الجمهورية إنه لا يعقل أن يتم الحوار فى غيبة القوى السياسية وجبهة الإنقاذ وبقية الأحزاب، وقال الرئيس إن الغائبين رفضوا الحوار، وطالبنى ومعى إبراهيم المعلم والدكتور سامح فوزى بالتوسط لديهم، وبدأنا جهود الوساطة.
■ رغم كل هذا رفضت الجبهة الحوار.. ما تفسيرك لذلك الموقف؟
للأسف كنا نبذل ذلك الجهد وفى المقابل خرجت تصريحات قادة الإخوان وأعضاء فى مكتب إرشاد الجماعة تتهم بعض رموز جبهة الإنقاذ بالخيانة العظمى.
■ بعد أن فشل الحوار.. هل شعرت بالندم على المشاركة فيه؟
لم أندم لأننى أردت خوض التجربة.
■ وما أبرز ما تم التوافق عليه خلال الحوار؟
توافقنا على كثير من النصوص الخاصة بقانون الانتخابات الذى أقره مجلس الشورى بغير ما توافقنا عليه، مثل وضع المرأة فى النصف الأول من القوائم الانتخابية، وعدم تغيير الانتماء الحزبى للمرشح بعد نجاحه، أو انضمام المستقل لأى حزب، وما يثير الدهشة والضيق أن رئيس حزب الحرية والعدالة «الدكتور سعد الكتاتنى» تقدم باقتراح لتعديل بعض المواد بعد إقرارها.. وأقول للإخوان.. ما كان من الأول.. ولا يوجد منطق يقول إنك تمشى اللى أنت عاوزه وبعدين تقول تعالوا نتفاهم
■ هم الآن يسعون للتصالح مع رجال أعمال الحزب الوطنى السابقين، وتدور المفاوضات لاسترداد نصف ثرواتهم مقابل العفو؟
ليس كل أعضاء الحزب الوطنى السابقين من رجال الأعمال، الحزب كان يضم أيضاً ناس غلابة.. وبالمناسبة لا أحد يعلم كيف تتم المفاوضات هذه التى نسمع عنها ومن يتفاوض، يجب أن يتم التعامل مع تلك الأمور بشفافية لأنها تخص الدولة وليس حزب الحرية والعدالة، وحتى لا تتزايد الشكوك حول بعض من يقومون بالتفاوض، ومن بينهم محامون كبار مقربون من الإخوان يدور الكلام حول حصولهم على نسبة من الأموال التى سيتم استردادها.
■ هل ما نشهده حالياً ثورة ثانية أم استكمال للثورة أم انتفاضة؟ وما توقعاتك لها؟
إنها انتفاضة غضب، والموضوع ليس مقصوراً على أحداث بورسعيد، الشعب كله غاضب الآن من أسلوب إدارة دولته وتدخل جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد فى السياسات والناس تشعر بأن الرئيس لا يحكم وحده، ويشاركه مكتب الإرشاد وجماعة الإخوان كرسى الرئاسة، وأن ولاءه لحزبه وجماعته، مما لا يتناسب مع دولة بحجم مصر، التى تريد رئيساً لكل المصريين، وأن تكون هناك مسافة بين الرئيس والجماعة ومكتب الإرشاد لإعطاء إحساس وشعور بأنه رئيس بحق وليس بالكلام، الناس انتخبوا مرسى، ولم ينتخبوا مكتب الإرشاد، وما نعترض عليه هو السياسة المتخبطة والتراجع فى القرارات، ومن حول الرئيس ليسوا على مستوى الخبرة والكفاءة، وهذا واضح للجميع، وليس من الضرورة أن ينتمى كل من حوله لجماعة الإخوان أو تيار الإسلام السياسى، لأن هذا سيعود علينا بالسلب وندفع ثمنه من تخبط وتراجع.
■ هل ترى أن شرعية الرئيس مازالت قائمة؟ وهل تصطدم تلك الشرعية بالدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟
الرئيس جاء بانتخابات صحيحة حتى لو نجح بنسبة ضئيلة، فهكذا الانتخابات، ويجب أن يكمل مدته، لكن أى رئيس لو رأى أن الشعب أراد أن يطرح الثقة فيه مرة أخرى، فالقرار يرجع إليه شخصياً، وهناك إرادة شعبية يجب احترامها، والأمر رهن بتقدير الرئيس، لكن لا أرى الحديث فى هذه الظروف عن انتخابات رئاسية مبكرة، فهذا سيزيد الأمر تعقيداً، المنتمون لتيار الإسلام السياسى، سيقابلون هذا بموقف مضاد ولن يسمحوا بذلك بسهولة، وسندخل فى مواجهات.
■ البعض يرى أنه بعد وضع دستور جديد يجب إجراء انتخابات رئاسية مرة أخرى؟
لم يتم التوافق على هذا فى الدستور الجديد، وسبق أن استمر الرئيس أنور السادات فى الحكم بعد إعداد دستور 1971، والفرصة مواتية للرئيس مرسى لأن ينجح فى لم الشمل وإعطاء فرصة للقوى الثورية والوطنية للمشاركة فى شؤون الدولة، وهذا ليس عيباً، ولا أرى مانعاً فى أن يستعين بحمدين صباحى لإدارة ملف العدالة الاجتماعية، وعمرو موسى لشؤون السياسة الخارجية، والبرادعى لملف السلطة القضائية والعدالة وهكذا.
■ الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة قد تكون أكثر ملاءمة للوضع الراهن بدلاً من المطالبة بإسقاط النظام؟
بصراحة أنا لا أتفق مع المطالبين بإسقاط النظام أو الرئيس.. لأننا بذلك سندخل فى دوامة لا نهاية لها.
■ لكن المطالبة بإسقاط النظام مسيطرة على الشارع؟
أقول للجميع نشد حيلنا كقوى مدنية وليبرالية وناصرية ويسارية لخوض الانتخابات البرلمانية لنجعل الإخوان أقلية.. وهذا سيكون درساً قاسياً لهم.