09مارس
العربية

أشرف عبد الحميد

أثار النص القانوني الخاص بتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر، وعدم جواز الطعن على قراراتها، موجة من الجدل والخلافات، ولكن يبدو أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد حسمت المعركة لصالح التيار المؤيد لتحصين أعمال اللجنة، بحسب ما ذكر معظم الحقوقيين الذين استطلع موقع “العربية.نت” وجهات نظرهم.

ودار الصراع القانوني حول قرارات لجنة انتخابات الرئاسة بين فريقين: الأول يرى أن التحصين له مشروعية لمنع اللغط حول شرعية الرئيس القادم وحماية المنصب الرئاسي من الملاحقات والطعون القضائية التي قد تستمر سنوات طويلة في أروقة المحاكم، بينما ذهب الفريق الآخر المعارض إلى أن القرار يعد مخالفة صريحة لنص المادة 97 من الدستور، باعتبار أنه يمنح لجنة ذات أعمال رقابية حصانة غير قانونية وغير دستورية مما يعد انتهاكا صريحا لدولة القانون.

وحول تحصين قرارات اللجنة، قال مستشار الرئيس المصري للشؤون الدستورية، علي عوض، إن هناك رؤيتين تناولتا قضية الطعن بقرارات اللجنة، تستند الأولى إلى أنه لا يوجد أي نص في الدستور يحظر الطعن على قراراتها، فيما ترى الأخرى عدم جواز الطعن، مشيرا إلى أن ما تمر به البلاد من أوضاع استثنائية.

وتابع مستشار الرئيس المصري المؤقت أنه بناء على موافقة مجلس الوزراء، تم إقرار اعتماد رؤية عدم جواز الطعن على قرارات اللجنة.
وأكد أنه يجوز لولي الأمر أن يحدد ما هي أكثر الآراء ملاءمة للواقع الراهن، وربما كان أضعف الآراء سندا هو أكثرها ملاءمة لظروف المجتمع درءا لمفسدة أو جلبا لمنفعة.

وأضاف أنه تم الإبقاء على حصانة قرارات اللجنة، باعتبار أن قراراتها يتم الطعن عليها أمامها بالفعل وتفصل فيها خلال جلسات قضائية، معتبرا أن حصانة اللجنة لا تتعارض مع حظر التحصين للقرارات المنصوص عليها في المادة 97 من الدستور.

مخاوف من عدم الدستورية

وتتجسد رؤية الفريق المعارض لتحصين أعمال اللجنة في رأي الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، الذي أكد أن تحصين قرارات اللجنة مخالف لرأي الدولة، وسيضع المحكمة الدستورية في مأزق، مؤكدا أن إجراء الانتخابات في ظل التحصين سيؤدي إلى التشكيك في نتائجها.
وقال في تصريحات لـ”العربية.نت” إن تحصين قرارات اللجنة غير دستوري واللجنة – وإن كانت قضائية – فإن قراراتها ذات صبغة إدارية، وكل القرارات الإدارية يجوز الطعن عليها.

وأضاف أن هذا القرار لن يحقق الاستقرار لأنه – وإن عُرض على المحكمة – ستحيله إلى مجلس الدولة ووقتها يمكن الدفع بعدم دستوريته.
وأشار كبيش إلى أن ما حدث يعد خطأً دستوريا وكان من الأفضل الاتفاق مع قرارات مجلس الدولة بجواز الطعن على القرارات حتى لا تكون هناك شبهة عدم دستورية من السهل الطعن عليها وبطلانها.

وفي نفس الاتجاه، أكد محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري، أن تحصين قرارات اللجنة سيعرض منصب الرئيس في المستقبل إلى الطعن بعدم الدستورية.
وقال إن المحكمة الدستورية العليا وافقت على التحصين، وأبدت رأيها فيما لم يطلب منها، رغم أن المقترح الأول قام على فتح باب الطعن بضوابط وفي مواعيد قصيرة، وهو ما كان مقبولاً ودستورياً.

وإلى ذلك، قالت إيمان المهدي، عضو المكتب السياسي لحركة تمرد، إن قرار التحصين مناف لنص المادة 97 من الدستور، التي تتضمن حق التقاضي، موضحة أن تحصين الانتخابات الرئاسية هو انتقاص من فكرة العدالة.
وأضافت أن القائمين على الأمر قرروا تحصين قرارات اللجنة لعبور المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن وذلك من وجهة نظرهم، مشددة على ضرورة إعادة النظر وتعديل المادة، لأنه لا يصلح وضع قوانين منافية للدستور.

الظروف الاستثنائية حتمت التحصين

ومن بين صفوف الفريق المؤيد لتحصين أعمال اللجنة، أيد عصام شيحة المستشار القانوني لحزب الوفد الخطوة. وقال إن هناك خلطا في الأمر، فاللجنة ستصدر منها قرارات إدارية وأخرى قضائية ويجوز الطعن على هذه القرارات، لكن الطعن سيكون أمام اللجنة نفسها وليس أمام أي محاكم أخرى، باعتبار أن اللجنة مستقلة بذاتها.

وقال في تصريحات لـ “العربية.نت” إن الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر والمنطقة حتمت على المشرع أن يمنح اللجنة حصانة خاصة وأن تكون كل قراراتها نهائية لا يجوز الطعن عليها حتى لا يصبح منصب رئيس الجمهورية في مهب الريح، وتصبح شرعيته محل تشكيك قانوني ودستوري.

وأضاف أنه يجوز لأصحاب الصفة والمصلحة من المرشحين الطعن على قرارات اللجنة أمامها، لكن وبعد نظر الطعون وإعلان النتائج النهائية يظهر الأثر القانوني للتحصين ولا يجوز الطعن على اللجنة وقراراتها بعد إعلان اسم الرئيس الفائز بالمنصب الرفيع.

اللجنة الأخيرة

ويؤيد ذات الرأي محمد أنور عصمت السادات عضو مجلس الشعب السابق ورئيس حزب البناء والتنمية، موضحا أن “التحصين لا يخالف نص المادة 97 من الدستور كما يقول المعارضون، فالمادة 97 تنص على جواز الطعن على القرارات الإدارية كافة، بينما أبقت المادة 228 على تشكيل اللجنة السابقة للانتخابات الرئاسية، وبالتالي تم الإبقاء على التحصين كذلك”.

وأشار إلى ان هذه اللجنة هي آخر لجنة انتخابات رئاسية في مصر حيث سيتم وبمقتضى الدستور إنشاء اللجنة الوطنية للانتخابات والتي سينطبق على قراراتها مستقبلا نص المادة 97 وسيجوز الطعن عليها وعلى قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.