دعونا نوجه التحية لكل القضاة الذين أشرفوا على الانتخابات الرئاسية فى كل لجان مصر، امتداداً من الإسكندرية شمالاً إلى النوبة جنوباً.. ومن العريش شرقاً إلى مطروح غرباً.. وواصلوا العمل بالليل والنهار فى أجواء صعبة للغاية.. وفى درجات حرارة وصلت إلى 43 درجة فى محافظات الصعيد.. وجرت على أيديهم إنتخابات مشهود لها بالشفافية والنزاهة ، اللهم إلا بعض الأخطاء والتجاوزات التى لا تذكر والتى وقعت من أنصار كلا المرشحين..
والآن وبعد أن إنتهت معركة الإنتخابات ، ووصلت سيادة الرئيس إلى القصر الجمهورى نريد منك جميعاً أن تكون مدركا لقيمة مصر الجغرافية والتاريخية والحضارية ، مستوعباً للدور المصري في المحيط العربي والإفريقي والإسلامي والدولي ، وأن تمثل الهوية المصرية بدوائرها المتداخلة وطبقاتها الحضارية ، وتستوعب كافة الأبعاد والمستويات الحضارية والثقافية لشعبك ، وتدرك قيمة التاريخ والعلم والثقافة وقيمة العلماء والمفكرين وأثرهم في رقي الأمم .وأن تؤمن بالفكر الثورى و بالعمل الجماعي وبالديمقراطية وتمارسها ، وتدرك أن التغيير هو أحد أهم القوانين فى الحياة , وأن يكون لديك مرونة كافية للتعامل مع سائر أطياف المجتمع . وأن تقف على مسافة متساوية من كافة الإتجاهات السياسية والاجتماعية .ولا تتشبث بالسلطة لنفسك ولا تمكن أحدا من التشبث بها دون مبرر، وإسمح للأجيال الجديدة أن تأخذ فرصتها بناءا على كفاءتها وقدراتها .
نريد منك سيادة الرئيس أن تعلم أن المخاطرة لابد وأن تكون محسوبة ، وحين تختار مرؤسيك إبحث عن صفاتهم الشخصية وقدراتهم ورؤاهم المستقبلية وميزانهم الأخلاقى وإمكاناتهم وقدراتهم , وتعامل معهم على أنهم بشر، وإستثمر كل ما لديهم من أفكار ورؤى مستقبلية. وتحرى أعلى درجات الصدق والأمانة والشفافية فى تعاملاتك الداخلية والخارجية ، وإنظر للشعب نظرة مليئة بالاحترام والتقدير فهم ليسوا أطفالا قاصرين أو رعايا يستحقون الحجر والوصاية , وإنما كبارا ناضجين وجديرين بالثقة والاحترام وتبادل الأفكار . وتحمل النقد ولا يأخذك جنون العظمة للتعالى على شعبك ، ولا ترى فى نفسك دائما أنك البطل المنقذ أو الأب المسيطر أو الحاكم المتحكم . وتوافق مع معطيات العصر وأدواته التقنية الحديثة في التواصل والتأثير بإرادة حقيقية مستقلة وقدرة على الحلم والخيال السياسي الناضج والطموح . ولا تستكبر على التساؤل والاستفسار عما لاتعرفه مع الاستعانة الصادقة والحقيقية بكل صاحب خبرة بصرف النظر عن انتماءاته أو توجهاته ، وتحمل الخلاف والاختلاف وتقبل كافة أطياف المجتمع وتعامل معهم بمرونة واحترام بإعتبار أن الجميع مواطنون شرفاء يشاركون فى المنظومة السياسية والإجتماعية بصرف النظر عن الإختلافات الشخصية بينك وبينهم . وأخيراً والأهم أن تعترف بأخطائك وتتراجع عنها وتصححها وتتحمل مسئولية نتائجها.وأن يكون لديك الشجاعة والقدرة على أن تنسحب بشرف من ساحة القيادة لتعود مواطنا عاديا إن أخطأت أو أحسست برفض الشعب لك تاركا المسئولية لآخر، فقد أصبحت السيادة للشعب وصار هو صاحب الصوت والتأثير فى مجريات الأمور.
إن آمال المصريين فى الإصلاح والتنمية لا يمكن أن تتحقق ، بدون أن نتكاتف مع رئيسنا ، وإننا جميعاً فى عنق الزجاجة، وعلى كل منا أن يتحمل مسئوليته أمام الوطن والتاريخ