فى وقت تسعى فيه الإدارة المصرية إلى إعادة النظر في علاقات مصر بدول العالم بما يضمن إقامة علاقات متوازنة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ، وكانت زيارة المشير السيسى لروسيا أحد علامات التقارب المصري الروسي الذي يعد خطوة هامة وعظيمة سواء كانت بغرض تنويع مصادر السلاح أو لدعم الموقف المصرى تجاه سد النهضة أو غيرها من الأسباب إلا أنها أولا وأخيرا بادرة طيبة وناجحة أسعدت كل المصريين.
هذا التقارب المحمود بين مصر وروسيا لا يعنى أن هناك خصومة بين مصر وأمريكا ولا يعنى أن مصر تستعدى الأمريكان أو تحاول أن تجعل من الروس بديلا إستراتيجيا للأمريكان ، فمصر كأى دولة تبحث عن مصالحها السياسية فى أى مكان ومع كل الأطراف الدولية وأعتقد أن هذا هو المقصود وليس ما يحدث الآن من تغذية والملء الخاطئ للعقول والتسويق المنظم لفكرة العداء غير المباشر والتوتر فيما بين العلاقات المصرية الأمريكية.
لقد بدأ بالفعل غزو عقول الشباب والبسطاء بأن هناك علاقات قائمة فى طريقها لأن تتبخر لأنها أساءت لمصر وللمصريين وكانت سببا فى معاناتهم وتراكم مشكلاتهم على مدار سنوات وعقود مضت وبدأت معها للآسف موجة أخرى من تزييف التاريخ وإنكار الحقائق ومضى البعض يأخذ من التاريخ ما يتوافق مع أهوائه ويؤمن به هو ويريد أن يؤمن به الآخرين.
نحن لا نخاف على التاريخ فالتاريخ سيذكر كل صغيرة وكبيرة وهو خير حاكم على الجميع لكن مكمن الخطورة فى العقول التى لا تقرأ ولا تطلع وتكتفى بالتلقى فتستمع فتصدق فتؤمن فتنقل للآخر ، إنتبهوا لأننا لا نريد أن نبنى جيلا جديدا مشوه الفكر وهنا يأتى دور الإعلام والمثقفين والنخبة والمجتمع المدنى وكل وطنى شريف حريص على مستقبل ومصير هذا الوطن.
التجربة اليسارية الناصرية – الساداتية – المباركية كل تجربة لها ما لها وعليها ما عليها ودورنا أن نأخذ من كل تجربة أفضل ما كان فيها . لكننا لا نريد أن نبخس جهد من إجتهد أو نقلل من دور أحد ، فلا يعقل مثلا أن يختصر أحد المثقفين نجاحات الجيش المصرى فى عرابى وجمال عبد الناصر دون أن يذكر محمد على أو السادات بطل الحرب والسلام.
إننا أمام خطر كبير يداهم عقول جيل قادم بأكمله ، قد يقع فريسة لثقافة العداءات أو لتاريخ مزيف وهو أكبر آفة إن إستمرت ستدفع مصر ثمنها فى عقود قادمة فى وقت لن ينفعنا فيه التباكي وعض الشفاه والتحسر على الشعب ” رحماكم أيها المثقفون ..
محمد أنور السادات