كتب محمود محمد
طالب أعضاء مجلس الشعب بالقصاص من الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم الحرب بقتل الأسري المصريين عامي ١٩٥٦ و١٩٦٧ خاصة بعد قيام التليفزيون الإسرائيلي بعرض الفيلم الوثائقي «روح شاكيد» الأسبوع الماضي، متضمنا قتل ٢٥٠ جنديا مصريا عام ١٩٦٧ بواسطة وحدة «شاكيد» التابعة للجيش الإسرائيلي بقيادة بنيامين بن أليعازر وزير البنية التحتية الحالي.
وطالب النواب خلال الاجتماع المشترك للجان الشؤون العربية والعلاقات الخارجية وحقوق الإنسان أمس، بطرد السفير الإسرائيلي بالقاهرة، وسحب السفير المصري من إسرائيل وإلغاء اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية ورفع دعوي أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية أن اتفاقية السلام لن تدع مصر تقف مكتوفة الأيدي نحو القصاص من مجرمي الحرب، وردا علي ملاحظات بعض الأعضاء قال: إن عدم تصديق مصر أو إسرائيل علي اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية لا يمنع رفع الأمر إلي هذه المحكمة ، وحذر من رفع الأمر إلي مجلس الأمن الدولي الذي وصف اجتماعاته بأنها «مجرد مكلمة».
وطالب الفقي باستثمار اعتراف وزير البنية التحتية الإسرائيلي «بن أليعازر» بارتكاب المجزرة، وألا يتم تناول الأمر باستهانة مثلما حدث عند اعتراف إسرائيل ببرنامجها النووي، وطالب بضرورة الحصول علي الفيلم الوثائقي وتقديمه لجميع الجهات الدولية المعنية.
وطالب اللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشؤون العربية بتشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ودعا إلي ضرورة تكثيف التحرك البرلماني المصري لإدانة الجريمة.
وتسبب المستشار إدوار غالي الذهبي في أزمة حادة عندما اقترح ضرورة استدعاء السفير الإسرائيلي لتوضيح الأمر، وثار عدد من النواب واصفين الاقتراح بأنه دعوة للتطبيع، ورفضوا دخول السفير الإسرائيلي مبني مجلس الشعب.
وصحح الذهبي الموقف بالكشف عما يقصد باستدعاء السفير الإسرائيلي إلي وزارة الخارجية، وبعدها طالب عدد من نواب الإخوان بطرده من مصر.
ووجه النائب المستقل مصطفي بكري اتهامات حادة للخارجية بالتفريط في حقوق المصريين، وانتقد صمت الحكومة إزاء الحدث رغم إذاعة الفيلم الوثائقي يوم ٢٥ فبراير، وحذر من انتهاء الأمر من خلال قرارات سيادية تقمع الرأي العام الذي استفزته الجريمة.
وطالب حيدر بغدادي وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب بتحريك الدعوي الجنائية ضد مجرمي الحرب، خاصة أن الجريمة وقعت داخل الأراضي المصرية، كما دعا نقابة المحامين إلي اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لتحريك الدعوي.
وحذر حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة الإخوان من اكتفاء مجلس الشعب باستنكار الجريمة حتي لا يقابل النواب باستنكار المواطنين.
واعتبر إبراهيم غياب وزير الخارجية استهتارا بالسلطة التشريعية.
وطالب محمود عامر نائب الإخوان بضرورة إلغاء معاهدة كامب ديفيد.
وبعد أن أشار الدكتور حمدي حسن المتحدث الإعلامي باسم كتلة الإخوان إلي ما نشرته الصحف حول شعور بعض القادة الإسرائيليين بالأسف عقب إذاعة الفيلم، تساءل: هل شعر المسؤولون في مصر بالأسف هم أيضا حتي يتحركوا؟ وقال: إن الأمل الوحيد يتمثل في عدم سقوط الجريمة بالتقادم، وهو ما يتيح الفرصة للأجيال المقبلة للقصاص.
وطالب النائب أنور عصمت السادات بتجميد اتفاقية تصدير الغاز بين مصر وإسرائيل، وكذلك إلغاء بروتوكول «الكويز» ودعا النواب إلي التوقيع علي هذين الطلبين وقال للنواب «اعملوا حاجة.. دم الأسري في رقابنا».
وقال سعد الجمال إن اللجنة المشتركة ستتوجه برسالة للقيادة السياسية لمراجعة أوجه العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية.
وفي نهاية الاجتماع، أثار حسين إبراهيم نائب الإخوان أزمة أخري عندما رفض انفراد رؤساء اللجان بصياغة بيان مشترك حول الأحداث، وأكد سعد الجمال أن الصياغة ستتم بالتشاور مع أعضاء اللجان الثلاث.
وأعرب عدد من النواب خاصة ممثلي كتلة الإخوان المسلمين عن غضبهم لغياب أحمد أبوالغيط وزير الخارجية عن الاجتماع، وأوضح السفير عبدالعزيز سيف النصر مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية، أن أبوالغيط يشارك في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية، وأضاف أبوالنصر أن جميع العاملين بالخارجية المصرية لا تنقصهم الوطنية للدفاع عن مصر بكل قوة.
وقال إن الوزارة كلفت السفارة المصرية في تل أبيب بالحصول علي جميع المستندات التي تؤكد ارتكاب جرائم الحرب في حق الأسري المصريين، كما قامت الوزارة باستدعاء السفير الإسرائيلي، وبدأت في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لمحاكمة مجرمي الحرب، وكذلك مخاطبة جميع المنظمات المعنية مثل لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي لحشد الرأي العام العالمي حول الحق المصري في هذه القضية، وأكد أن الفيلم الإسرائيلي أتاح للخارجية المصرية توثيق هذه الأحداث لخدمة موقف مصر القانوني.
وكشف السفير أحمد إسماعيل مدير إدارة إسرائيل أن مصر طرحت قضية الأسري المصريين إلي أن تمت إثارة القضية إعلاميا عام ١٩٩٦، كما أن الرئيس مبارك طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتئذ شيمون بيريز بكشف أبعاد هذه القضية، وموافاة الجانب المصري بجميع التفاصيل.