الأعوام كثيرة ظلت مصلحة الطب الشرعي في مصر هي أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق العدالة، وظلت هي الجندي المجهول الذي يحمل علي عاتقه الكثير، وهي المنوط بها تقديم أقوي القرائن لحل طلاسم أصعب القضايا. وظهر دور الطبيب الشرعي واضحاً في المأساة التي عاشتها أسرة الشاب تامر مشهور، لاعب كرة اليد، الذي قتل أثناء مشاجرة، والمؤسف انه قتل علي يد ضابط شرطة “من يفترض أنه المسئول عن حمايته والدفاع عنه”.
وكان الخبر الأشد قسوة، حين أعلن الطبيب الشرعي كشفه عن حدوث “عبث” بجثة المجني عليه لإخفاء أدلة الجريمة، ورغم أنه معتاد علي فحص أشد حالات الجرائم عنفًا، والحوادث القاتلة، وحالات الانتحار- إلا أن هذه القضية فقدت الدليل الجنائي، مثلما فقدت البعد الإنساني والأخلاقي. لا ادري لأي مدي سوف يؤثر ذلك علي سير القضية ولكن لا يزال هناك تحقيق جنائي وآخر قضائي يقع عليهما عاتق الكشف عن الجاني ومحاكمته بأقصي سرعة، حتي لا يتحول جسد الضحية إلي جسد بلا ثمن.
لن نتعجل في إصدار الأحكام، فالأطراف ذات العلاقة متعددة ولكل منها مصالحه الخاصة، ولكن أياً كان الفاعل فيجب أن يحاكم، فالشاب المصري لا يقل عن الشاب اليوناني الذي قتل علي يد الشرطة ووقفت شعوب العالم للدفاع عنه. والآن أصبح من الضروري أن تُتخذ وقفة جادة مع وزارة الداخلية التي فشلت في حماية مواطنيها أحياء وأمواتاً ولكي يعلم الجميع أنه ليس من السهل انتهاك حرمة الأموات.
وقديماً كانت الشرطة في خدمة الشعب، أما الآن أصبح الشعب والوطن في خدمة الشرطة!!!.
للفقيد الرحمة ولنا جميعاً خالص العزاء .