يعد مشروع قانون “الصحة النفسية” ومشروع قانون “زراعة الأعضاء” والمنتظر مناقشتهم في لجنة الصحة بمجلس الشعب من أكثر القوانين جدلاً لأنهما يخصان صحة المواطن.. وقد سبق أن ناشدت المسئولين ضرورة تشكيل “لجنة عليا” من الأطباء والقانونيين بإشراف مباشر من السادة الوزراء المختصين وبحضور قيادة دينية مسلمة ومسيحية وجميع اللجان المختصة بمجلسي الشعب والشوري لتفعيل تطبيق قانون “نقل وزارة الأعضاء” مع ضرورة تشديد العقوبات المقترحة وتغليظها لأي جرم بهذا الشأن علي أن يتم التأكيد علي قيام نظام وطني فعال للحماية الاجتماعية والتي تشمل “صحة المواطن”!! قانون خطير وعاجل لما له من أبعاد دينية وانسانية واقتصادية. ناقوس الخطر يدق.. مصر أصبحت تحتل المرتبة الرابعة عالميا في تجارة الأعضاء البشرية واذا لم يتم وضع الضوابط والتشديد في العقوبات لمن يخالف القانون فتصبح سمعة مصر غير مقبولة دوليا وخاصة بعد أن أقرت الهند وبنجلاديش قوانين لزراعة الاعضاء، كما وضعت الصين شروطا صارمة علي عمليات نقل الاعضاء.. يجب أن تخضع المراكز الصحية الاستثمارية الخاصة التي ستجري فيها عمليات نقل وزراعة الاعضاء لرقابة مشددة من جانب وزارة الصحة منعا لحدوث أي تلاعب.. ولكن ماذا عن الفقراء غير القادرين علي دفع نفقات العملية هل ستتكفل الدولة بدفع تلك النفقات؟! سؤال بلا اجابة في مشروع القانون! ثم يأتي مشروع قانون “الصحة النفسية” لنفاجأ بحفرة شديدة الانحدار فالمعطيات تقول أنه يوجد ما يقرب من 6 ملايين مريض نفسي مقابل 10 آلاف سرير في المستشفيات الحكومية والخاصة مما تسبب في ازدياد اعداد المرضي النفسيين الهائمين علي وجوههم في الشوارع لينشط معها بيزنس بيع الأعضاء.. فهل هذا معقول؟! المشكلة معقدة ومتشعبة فأماكن العلاج محدودة وذوي المرضي يتهربون من استلام مرضاهم بعد العلاج.. هذا اذا كان هناك علاج أصلا!؟! أين الحماية الاجتماعية والصحية لهؤلاء؟! أليسوا بشراً!! ألم يحن الوقت لتصحيح الاوصاع قبل انفجار المشكلة، ونقول “ياريت اللي جري ما كان”؟!! ويتبادر السؤال الي اذهاننا هل سيحمي قانون الصحة النفسية الجديد هؤلاء المرضي أم سيزيد من اعدادهم؟! وماذا عن حالات “غياب العقل” أليس لهؤاء المرضي حق في الرعاية الخاصة جداً حتي لا يشكلوا خطراً علي أنفسهم وعلي المجتمع.. فلماذا اذن لا تحدد مادة قانونية منفصلة تشمل ضوابط رعايتهم؟! كما لفظ المشروع المدمنين وتركهم لرعاية قانون الادمان الذي لا يغني ولا يسمن عن جوع.. نأمل ألا يكون الهدف من مشروع القانون خصخصة المستشفيات العقلية الحكومية للتربح من ورائها. تحديث قانون الصحة النفسية ضرورة بعد مرور 64 عاما من عمر القانون الحالي رقم 141 لسنة 1944 وخاصة بعدما شهد المجتمع المصري متغيرات اجتماعية واقتصادية عديدة.. فنوعية الجرائم المفجعة التي تطالعنا بها الاخبار يوميا تنم عن تراجع سلوكياتنا وقيمنا فتجدنا أمام معلم يقتل تلميذا وأب يقتل اسرته بسبب خسارة امواله في البورصة.. ما الذي حدث للمصريين؟! هل ذلك من شدة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية أم أننا اصبحنا مرضي نفسيين ونحتاج الي رعاية. المواطن عنصر منتج وفعال في المجتمع ومن واجبنا أن نخرجه من تلك المتاهات الصحية ويكون خارج حساباتنا الاستثمارية ومصالحنا الشخصية، يجب ان نضع في اعتبارنا تلك المعادلة: اعاقة معيشية + اعقاة نفسية = هدر حقيقي للانسانية. ندعو الله ان يبصرنا حلولا ايجابية لتلك المشاكل الصحية والنفسية والتي اذا تعذر حلها ستؤدي قطعاً الي القضاء علي صحة مواطنينا تدريجيا.. كفانا هدرا في كرامة المواطن المصري وآدميته في ظل مطالبة العالم اجمع بحماية حقوق الانسان.. ولنذكر انفسنا دائما بقول الرسول صلي الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”.
أنور عصمت السادات