مرت 27 عاما ً على تحرير سيناء كاملة في الخامس والعشرين من أبريل عام 1982 في خطوة تاريخية أسعدت قلوب المصريين الذين واجهوا يدا ً واحدة هزيمة يونيو 67 المريرة , ولعل تلك الذكرى تعيد للأذهان صورة الرئيس مبارك وهو يرفع العلم المصري على أرض سيناء الحبيبة , واعتقدنا بعدها أن تحرير أراضينا بداية لتحرير الإنسان المصري من القيود التي كبلته طوال سنوات الصراع مع العدو الإسرائيلي , والتي كلفته الكثير من أجل أن يرفع من شأن الوطن ويعيش على أرضه بكرامة مرفوع الرأس .
والآن آن الأوان أن يفخر كل مصري محارب باستعادة أراضيه بعد انتصار 73 وأن يزداد فخرا ً كل مفاوض باستردادها كاملة وفقا ً لمعاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979, والتي لابد أن تكون مثار اعتزاز لما حققته من نجاح باهر في الحصول على أراضينا المحتلة بالدبلوماسية والسبل السياسية السلمية , ورغم كل دعاوى الهجوم على الاتفاقية والتشكيك في عروبة مصر فمن حق كل من شارك في المفاوضات أن يمتلأ فخرا ً بما حققه من انجاز غير مسبوق , وخاصة بعد أن أثبتت الأيام والسنين أن الحرب وحدها لا يمكنها أن تحسم الصراع وأن الرؤية المصرية لعملية السلام في الشرق الأوسط كانت مستقبلية وبعيدة المدى .
إلا أن تراجع الدور المصري في المنطقة مقابل اعتماد السياسة الخارجية الإسرائيلية على إحراج الجانب المصري في كل عملية اجتياح يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاه إخواننا في فلسطين والقيام بمذابح مثل قانا وغزة أو عمليات عسكرية في الجنوب اللبناني عن طريق إيهام الرأي العام العربي بالتنسيق مع الجانب المصري مسبقا ً بشأن تلك العمليات , يجعل بعض المصريين يشعر بعقدة الذنب تجاه معاهدة السلام , ولكن عن أي سلام نتحدث ؟ بالطبع نحن نتحدث عن سلام الشجعان سلام سيفه القوة ودرعه الدبلوماسية والتفاوض وليس سلام الضعفاء أو الجبناء خاصة بعد تردد أنباء حول ضربة عسكرية جوية إسرائيلية على الحدود السودانية المصرية بزعم وجود جماعات مسلحة تقوم بتهريب الأسلحة إلى غزة وبالطبع كان الرأي العام المصري ينتظر توضيح أو إدانة , ولكن لم تحرك الخارجية المصرية ساكنا ً أمام تلك التجاوزات الإسرائيلية التي تطول أحيانا ً الحدود المصرية الإسرائيلية تارة بحجة ضرب الأنفاق الحدودية وتارة أخرى يصاب ويقتل مجندين مصريين على الحدود بالخطأ .
وأمام تلك التجاوزات تظهر حقيقة لا يجب أن ننكرها , وهي أحقية الأجيال الحالية في مراجعة وتعديل معاهدة السلام وفقا ً للمصالح الوطنية المصرية ووفقا ً للمتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية على المستوى الإقليمي والدولي , وهي مهمة ليست بالهينة ولكنها ليست مستحيلة وتحتاج إلى جيل جديد من المفاوضين السياسيين على أعلى مستوى من الحنكة والوعي بأمن مصر القومي والاستراتيجي ليعيدوا لنا أمجادا ً اشتقنا إلى ذكراها العطرة , أمجاد النصر في السلم والحرب .
أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسي حزب الاصلاح والتنمية