تمر مصر الآن بمرحلة حاسمة ولحظات فارقة فى تاريخها تتطلب العمل بأقصى سرعة لإعادة بناء الوطن. والإنتقال بالثورة من مرحلة التغيير إلى مرحلة التعمير ، كى نتمكن من الحفاظ على إستقرار الوطن وسلامة أراضيه.
وفى ظل تلك الأحداث الداخلية وقيام الجيش المصرى بإدارة شئون البلاد وتعهده باحترام الديمقراطية، ونقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة. وتكليف الحكومة الحالية بـ«تسيير الأعمال» مؤقتاً، إلى جانب الإلتزام بجميع المعاهدات الدولية والإقليمية التى تعاهدت بها مصر، رسالة تطمين رفيعة المستوى من القوات المسلحة المصرية للداخل بأن الحكم سيبقى مدنياً ديمقراطياً، وللخارج بإحترام المعاهدات الدولية والإقليمية. وكلنا ثقة تامة بأننا فى يد أمينة تستطيع أن تعبر بمصر هذه الأزمة ، ليتم التدول السلمى للسلطة وتعود القوات المسلحة إلى صفوفها مرة أخرى تحمى تراب هذا الوطن والشرعية الدستورية.
إن الوضع الداخلى الراهن يستوجب علينا أن نتمهل قليلاً ونعطى لجيشنا الفرصة ليتمكن من القيام بمهامه على الوجه الأكمل ، فالمطالب والمظالم والإحتجاجات الفئوية المشروعة التى تجتاح كل قطاعات ومرافق الدولة فى وقت واحد ، لن تؤتى ثمارها فى هذه الآونه التى يسعى فيها الجيش لإعادة الإستقرار، بل وسوف تعوق الجيش حالياً عن القيام بدوره ، ولابد من تأجيلها بعض الوقت حتى تعود الحياة فى مصر إلى طبيعتها.
وعلى القوات المسلحة المصرية والمواطنين أن يضعوا نصب أعينهم ، أن مصر دائما مستهدفة ، ومطمعاً لكثير من الدول البعيدة والمحيطة وأولها إسرائيل ، ولذلك لا يجب أن ننشغل بأوضاعنا الداخلية بالقدر الذى يجعلنا لا نعطى للمخاطر الخارجية حجمها وخطورتها.
أمامنا مشكلات حقيقية لم يتم الحسم فى ملفاتها كمياه النيل ، بل وتحريض الدول على بناء سدود لتحويل المياه ، وتقديم صفقات أسلحة ضخمة لها للتصدي لأي هجوم مصري مزعوم ، هذه التدخلات بدأت تعطي ثمارها توتراً وتدهوراً في العلاقات بين مصر وأثيوبيا على وجه الخصوص.
إن مخطط ما بعد العراق يستهدف إستكمال السيطرة على منطقة الشرق الأوسط ، والأحداث فى إيران ولبنان واليمن والبحرين خير شاهد . ولا نريد أن نكون مثل السودان التى بات إنفصالها في حكم الواقع ، وأصبحت هدفاً مشروعاً للتقسيم والتمزيق كأحد بنود المخططات المرسومة لأمتنا العربية. وعلينا أن نجتهد لنعيد دورنا المتراجع على المستوى العربى والإفريقى والإسلامى .
مصر ليست تونس ، وتونس ليست على بعد خطوات من اسرائيل ، وثورتنا يتحاكى بها العالم وبشبابنا الذين حرروا بلادهم من القهر والظلم والفساد ، وعلينا جميعاً أن ننتبه لئلا نكون من الغفلاء الذين قاموا بتسليم بلادهم الى أعداءهم شر تسليم.
أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسى حزب الإصلاح والتنمية