كتب ــ محمد سالم
«الخارجية لم تتقاعس، ولا نقبل هذه الاتهامات»، هكذا عقب الدكتور محمد كامل عمرو وزير الخارجية، على هجوم نواب مجلس الشعب على الوزارة، واتهامها بالتقصير فى أزمة احتجاز الناشط أحمد الجيزاوى بالسعودية، واصفا من هاجموا سفارة المملكة بأنهم «ليسوا شباب الثورة».
ورفض الوزير الاتهامات التى توجه إلى «الخارجية»، وانتقد قيام عدد من الشباب الغاضبين بكتابة «شعارات غير لائقة»، حسب وصفه، على جدران السفارة، ومحاولتهم اقتحامها وإنزال العلم السعودى، مضيفا: «هذا ليس شباب الثورة، ويجب الفصل بين مجمل العلاقات المصرية والسعودية، وحادث فردى، خاصة أن الإعلام ينقل صورة غير دقيقة للأحداث».
وفيما يتعلق بقرار سحب السفير السعودى من مصر، أوضح عمرو أنه ليس سحبا للسفير وإنما كان استدعاء من الجانب السعودى للتشاور معه حول الأزمة، على أن يعود قريبا مرة أخرى إلى مصر، مشيرا إلى أن قضية الجيزاوى «أصبحت فى يد القضاء السعودى، وهو من له الحق فى الفصل فى التهمة الموجهة إليه بحيازة وتهريب المخدرات».
وأشار عمرو خلال الاجتماع المشترك للجان العلاقات الخارجية والشئون العربية وحقوق الإنسان بمجلس الشعب أمس، إلى أن عدد المصريين المقيمين بالسعودية يصل إلى 2.4 مليون مواطن، وأن كل حالات احتجاز والاعتقال للمصريين هناك بدون محاكمات تصل إلى 34 مصريا، ومنهم من تعدت مدة احتجازه الـ6 سنوات، وهناك محاولات حثيثة لبحث سبل الحل، كاشفا عن وجود اتصالات متواصلة بين المشير حسين طنطاوى وخادم الحرمين السعودى لاحتواء الموقف.
وانتقد عمرو مطالبات البعض بسحب السفير المصرى من السعودية قائلا: «مش عايزين جزائر تانية»، مشيرا إلى أن هناك سعوديين محكوما عليهم بالمؤبد داخل مصر، وأن احتجاز أجانب على أراضى الدولة صاحبة السيادة أمر طبيعى ويحدث فى جميع الدول.
واستعرض الوزير ملابسات القبض على الناشط أحمد الجيزاوى، بداية من استقبال القنصلية المصرية فى جدة لاتصال هاتفى فى 18 أبريل من ناشطة تدعى سيلين الديب، تفيد احتجاز «الجيزاوى» فى الجمارك لأسباب سياسية، مشددا على عدم تعرض الناشط لأى معاملة سيئة، كما روجت وسائل الإعلام، مشيرا إلى عدم وجود اعتمادات مالية للقنصليات المصرية بالخارج، تخصص لتوكيل محامين عن المقبوض عليهم من المصريين بالخارج، موضحا أن الخارجية تعد قانونا بهذا الشأن، مطالبا النواب بالموافقة عليه عند عرضه على المجلس.
وأشار رئيس العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، عصام العريان، إلى أن أزمة احتجاز الجيزاوى عابرة، ويجب ألا تؤثر على العلاقات بين الشعبين المصرى والسعودى، خاصة أن هناك توترات تصاحب نهاية المرحلة الانتقالية، مع قرب تسليم السلطة وبدء العد التنازلى لرئيس مدنى منتخب، مع محاولات داخلية وخارجية لعرقلة انتقال السلطة.
وقال عضو الهيئة البرلمانية لحزب مصر الديمقراطى، عماد جاد، إن هناك «تلكك» من الجانب السعودى لسحب سفيرها من القاهرة، مستشهدا بواقعة مقتل مروة الشربينى والاحتجاجات التى صاحبتها، وعلى الرغم من ذلك لم تقم ألمانيا بسحب سفيرها، قائلا: «دى خطوة متقدمة من السعودية»، منتقدا حالتى الاستجداء والمناشدة لعودة السفير السعودى من قبل المسئولين والمصريين هناك».
وأكد رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، محمد عصمت السادات، أن الأزمة ليست مقصورة على السعودية وحدها، بل تشمل دول الخليج قاطبة، مشددا على أنه منذ قيام ثورة يناير، فدول الخليج تنظر لما يحدث فى مصر بنوع من القلق، منتقدا قرار إغلاق السفارة السعودية بالقاهرة، وأن على أصحاب القرار بالدولة الشقيقة أن يتفهموا الحالة الثورية التى تمر بها مصر، وألا يكون لهذا تداعيات سلبية على الاستثمارات الخليجية بمصر.
«تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها»، هكذا صرخ النائب نصر الزغبى قائلا: «ليعيش المصريون أحرارا وليأكلوا التراب فى بلادهم، والسعودية تحترم فقط فى حال احترامها المصريين».
وأوضح رئيس لجنة الشئون العربية بالمجلس، محمد السعيد إدريس، أن هناك أطرافا وقوى عديدة بالداخل والخارج تحاول جاهدة إجهاض ثورة مصر، خاصة أن مشروع نهضة مصر وعودتها لريادتها الإقليمية يهدد مصالحهم فى المنطقة، مشددا على ضرورة أن تعاد العلاقات الدبلوماسية بين مصر ما بعد الثورة والدول المجاورة، بما يحفظ كرامة المصرى بها.
وقال إدريس: هناك ارتباك واضح فى أزمة الجيزاوى، مع تواتر أنباء مغلوطة، بما يوحى بأن هناك 3 سيناريوهات للواقعة، أولها جلب الناشط للمخدرات والقبض عليه، والثانى نفى صحة تلك الواقعة وتأكيد المسئولين بمطار القاهرة على خروج الناشط وزوجته بدون حيازتهما أية ممنوعات، والأخير هو احتجاز الناشط بناء على انتقاده للذات الملكية، مما دفع ملايين المصريين إلى الغضب جراء تلك الممارسات، منتقدا بشدة البيان المتسرع لمجلس الوزراء أمس الأول، وإنه نزل بالأزمة مجددا إلى مرحلة الاستجداء، وهذا أمر غير مقبول بعد أن استردت مكانتها، مضيفا «كما أن حديث السفير السعودى به تطاول وتعال ولهجة غير مقبولة».