كتب : إمام أحمد ومحمود حسونة
كشف عدد من الخبراء السياسيين، عن وجود توافق بين القوى الوطنية المشاركة فى اللجنة التأسيسية للدستور، بشأن إنهاء الدور السياسى للمؤسسة العسكرية وعودة القوات المسلحة لثكناتها وأداء دورها فى حماية حدود البلاد، مشيرين إلى أن الجمعية ستنظر تشكيل مجلس الدفاع الوطنى الذى شكله المجلس العسكرى قبل ساعات من إعلان فوز الرئيس، ليكون تشكيلاً أكثر توازناً دون سيطرة للمؤسسة العسكرية، حسب وصفهم، فيما رأى خبراء استراتيجيون أن المرحلة الراهنة لا تحتمل إقصاء «العسكر» من المشهد السياسى بالكامل، نظراً للأزمات والمخاطر التى تحيط بالبلاد داخلياً وخارجياً.
وقال أسامة سليمان عضو لجنة الدفاع والأمن القومى فى مجلس الشعب «المُنحل»، والقيادى فى حزب الحرية والعدالة، إن الدستور الجديد سينهى الدور السياسى للمؤسسة العسكرية بالكامل، لتعود القوات المسلحة إلى ثكناتها وممارسة دورها الذى نصت عليه كافة الدساتير السابقة والمتمثل فى حماية البلاد والدفاع عن حدودها، مشدداً على أن هذا الأمر محلاً للتوافق بين كافة القوى الوطنية.
وأضاف: «أى اختصاص آخر ستقوم به القوات المسلحة سيكون تحت طلب مؤسسة الرئاسة باعتبار القوات المسلحة تخضع للسلطة التنفيذية»، موضحاً: «ربما تطلب مؤسسة الرئاسة انتداب الجيش للقيام بأعمال داخلية كبناء وحدات سكنية وإنشائية أو المساعدة فى تعزيز الدور الأمنى فى ظل المرحلة التى تمر بها البلاد حالياً».
وحول مجلس الدفاع الوطنى، قال سليمان: «نحن مع الإبقاء عليه نظراً لأهميته التى تفرضها المرحلة، ولكن هناك توافق على ضرورة إعادة النظر فى تشكيله سواء الكيفى أو العددى»، قائلاً: «نرفض أن ينفرد المجلس العسكرى بتشكيل المجلس لصالحه فى ظل النص على اتخاذ القرار بالأغلبية، وإدخال تعديلات على هذا الأمر فى الدستور الجديد».
وأوضح الدكتور وحيد عبدالمجيد عضو الجمعية التأسيسية للدستور والمتحدث الرسمى لها، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن الفترة المقبلة ستشهد تعقيداً فى العلاقات بين المجلس العسكرى والدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية المنتخب، وأنها ستعتمد على التوافق والتكيفات المتبادلة مثلما حدث فى جزئية حلف اليمين.
وأكد صعوبة أن يخرج المجلس العسكرى من الحياة السياسية فى ظل امتلاكه السلطة التشريعية لحين انتخاب مجلس شعب جديد أو عودة «المنحل» بثلثيه، قائلا: «إنه سيستمر وجوده فى الحياة السياسية إلى فترة ليست بقليلة بجانب الرئيس المنتخب إلى أن يتمكن أى من الطرفين من حسم الصراع لصالحه وإنهاء حالة الازدواجية فى السلطة».
وفيما يخص استمرار مجلس الدفاع الوطنى الذى أصدر المجلس العسكرى قراراً بتشكيله قبل إعلان فوز مرسى، ضمن مواد الدستور الجديد، قال عبدالمجيد: «إن وجود مثل هذا المجلس فى البلاد التى تسعى إلى الديمقراطية أمر لا بد منه؛ ولكن يجب أن يُشكل وفقاً لقانون خاص به وألا يغلب عليه فصيل بعينه، وما فعله المجلس العسكرى بخصوص هذا الشأن أمر يحتاج إلى مراجعة جوهرية، وهذا سيحدث فى اجتماعات تأسيسية الدستور خلال الفترة المقبلة للوصول إلى التشكيل الأمثل للمجلس فى الدستور الجديد».
وأوضح عبدالمجيد أنه لا بد من تحديد صلاحيات محددة وتشكيل متوازن لمجلس الدفاع الوطنى، مشيراً إلى إمكانية أن يستمد «روح المجلس» من دستور 71 الذى نص على تشكيل مجلس دفاع وطنى برئاسة رئيس الجمهورية، وتشكيل متوازن دون سيطرة للمؤسسة العسكرية فى اتخاذ القرار، لكنه لم يكن مفعلاً.
بدوره، أشار محمد عصمت السادات عضو مجلس الشعب «المُنحل»، فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أن الدكتور مرسى سيمارس سلطاته فى هذه المرحلة وفقا للإعلان الدستورى المكمل وبالتوافق مع المجلس العسكرى، قائلاً: «إن رئيس الجمهورية لا يستطيع الاستغناء عن المجلس العسكرى فى إدارة شئون الدولة خلال الفترة المقبلة»، وأكد ضرورة التعاون بين الطرفين من أجل عبور مرحلة وصفها السادات بـ«الحرجة فى تاريخ مصر».
وطالب اللواء محمد الجوادى الخبير الاستراتيجى، بضرورة استمرار أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة الحياة السياسية بجانب الرئيس «لأن المشاكل التى ستواجهه تلزم وجود الطرفين معاً جنباً إلى جنب فى ظل مخاطر أمنية على المستويين الداخلى والخارجى، وأزمات فى جوانب عديدة».
ووصف الخبير الاستراتيجى الدعوات المطالبة بما وصفه بـ«تنحى المجلس العسكرى عن الحياة السياسية» بأنها «هامشية ولا تعبر عن إرادة شعبية حقيقية»، وحول مجلس الدفاع الوطنى واختصامه من صلاحيات الرئيس حسب وصف البعض، قال الجوادى: «إن فكرة تأسيس مجلس الدفاع الوطنى قديمة وكانت موجودة منذ 1936 أيام النحاس باشا، وأنها ليست اختراعاً، بل ضرورة لحماية البلاد، وأن المجلس يقتصر دوره على اختصاصات الدفاع والأمن القومى وما يتعلق بشئون المؤسسة العسكرية».
وحول نص تولى الرئيس المنتخب منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة فى الدستور فى ظل أول رئيس مدنى للبلاد، قال الجوادى: «إن هذا منصوص عليه فى كل دساتير العالم، ولا إشكالية لدى المؤسسة العسكرية فى أن يكون الرئيس مدنياً أو عسكرياً».