سنوات مضت، ولا تزال أحداث الحادى عشر من سبتمبر محفورة فى الأذهان، فقد مضى قرابة عقد من الزمان ولم تنتهِ الشكوك التى ثارت حول ما إذا كانت تلك التفجيرات بتدبير من قوى داخلية أمريكية بإشراف وتنفيذ إدارة الرئيس السابق جورج بوش؛ لتبرير اجتياح العراق وأفغانستان، أم أنها ضربة بن لادن، لكن يبقى الأهم، وهو أن الربيع العربى الذى نعيشه الآن يضعنا جميعًا على أعتاب مرحلة جديدة بآمال وتطلعات كبرى لعصور وأجيال أدركت معنى الحرية والعدالة والاستقرار وحب الآخر، حتى وإن كانت هناك بعض المشاعر المعادية التى حان الوقت لأن تتبخر.
لا شك أن الشعوب التى عرفت طريقها إلى الشارع وقدمت أرواحها من أجل أن يعيش الآخرون بعزة وكرامة؛ لن يستطيع أحد أن يمنعها أو يحجمها إذا ما شعرت بالظلم، ولعل هذا يستوجب أن تتغير سياسات الدول والمنظمات العربية والعالمية تجاه الشعوب، وأن يعرفوا حق الآخرين.
فرضت أحداث الحادى عشر من سبتمبر بذاتها عهدًا جديدًا، جربنا فيه الحرب على الإرهاب، وأنفقنا فيه مليارات الدولارات وضيقنا على بعض الأنشطة وبعض الجماعات، لكننا فى المقابل لم نجرب أن نشق الطريق إلى الديمقراطية، وألاَّ نظل ندفع الثمن من نفوس وأرواح بريئة تذهب كل يوم بلا ذنب.
كنا جميعًا ضحايا لفساد وبطالة وقمع وكبت للحريات وغلاء للمعيشة ونجحت ثورتنا، وحان الوقت لتوحيد مطالبنا وأهدافنا، ونسعى لتحقيقها “أحزابًا ونقابات ومنظمات”، ونغير المجتمع تدريجيًّا، ونتغير معه، ونعيش حياة آمنة بلا صراعات أو تطرف أو إرهاب.
شاهدنا ميدان التحرير وجلسنا فيه، اختلفت الأفكار، لكن اتفقت الأهداف، وانتصر الجيش لإرادة الشعب، لا يبقى إلا أن نتطلع إلى الغد بمجتمع ديمقراطى سليم، يرفض الأفكار النمطية والهدامة، ولا يرضى بالإرهاب وترويع الآمنين.
إن أحداث الحادى عشر من سبتمبر تفرض علينا جميعًا أن نبادر بتأسيس وطننا على أسس ونظم وآليات جديدة.. تحارب الإرهاب وتتصدى للفساد وتسعى لإطلاق الحريات فى نطاق عادل يضمن أمن واستقرار المجتمعات، وليعلم داعمو الفوضى ومتبنو الأفكار المتطرفة والخبيثة أن مخططاتهم مصيرها إلى زوال، وسيذهبون حتمًا إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم.