خلل وشرخ وإرتباك ومجتمع أوشك على الإنقسام . وإحساس يزداد كل يوم لدى المصريين بأن مصر فى أزمة حقيقية ، وأن ما نعيشه الآن ليس له علاقة بالتغيير الذى نادت به ثورة يناير العظيمة .
صحيح أن التظاهرات فى محافظات القناة وغيرها من المحافظات الأخرى ليست بالحجم والضخامة التى قد تزعج أو تهز أركان نظام قائم ، لكنها أيضا تبعث فى داخلها رسالة قوية بأن هناك من الشعب متحفظون وغاضبون من مسيرة الدولة بهذا الشكل تحت حكم الإخوان المسلمين وهو الأمر الذى ينبغى الإلتفات إليه وسرعة ترتيب الأوراق وتحديد المطالب والغايات .
دعونا نتفق أولاً وقبل أى شئ على أن الأعداد القليلة التى تخرج للتظاهر لا تعنى أن البقية الباقية من الشعب والتى لم تخرج معهم راضون عن الوضع الحالى ، بل إن هناك ظروفاً وأولويات قد فرضت على كثيرين مراعاة الظرف الراهن والرغبة فى الإستقرار بعض الشئ وإعطاء بعض الفرص وهو ما يجب أن يلتفت إليه الرئيس ومساعدوه ويضعونه نصب أعينهم وينظروا له بعين الإعتبار.
الحقيقة أن هناك جو من عدم الثقة بين كل أطراف اللعبة السياسية وتخوفات وتحفظات من بعض المصريين حول ما إنتهت إليه الإنتخابات البرلمانية الماضية و الرئاسية الأخيرة وما تم إعداد من دستور جديد للبلاد ، وذلك نتيجة بعض المواقف والقرارات والتصريحات السلبية والتى شعر من خلالها كثير من المصريين بحالة من القلق والإنزعاج ، مثل الإفراج عن المعتقلين السياسيين ، والعلاقة مع حماس ، والسعى شبه المنظم للسيطرة الإخوانية على مؤسسات الدولة ، وغيرها.
إن هذا المشهد المصرى المرتبك يتطلب من الرئيس وحزبه أن تكون هناك رسائل وأفعال طمأنينة للمصريين على المستويين الداخلى والخارجى سواء فيما يتعلق بشئوننا وأوضاعنا فى مصر أو ما يتعلق بمعاهداتنا وإتفاقياتنا وإلتزاماتنا الدولية ، ولابد من وقفة جادة مع أنفسنا لتحديد أهدافنا وفهم ما يحدث فى مصر قبل أن نجد أنفسنا ندور فى حلقة مفرغة ونعود لنقطة الصفر من جديد، ونعطى فرصة لأطراف خارجية بالتدخل فى شئوننا الداخلية .
وعلى الرئيس أن يقوم فورا بلم الشمل ويقف هو وحكومته على أولويات ومقتضيات المرحلة الراهنة ويدرك مطالب جموع المصريين ويبدء فى تنفيذها فورا طبقاً لأولويتها ، ويدعو لمؤتمر قومى لدعم الإقتصاد المصرى بمشاركة خبراء الإقتصاد الدوليين ، وإلا سوف تظل النيران موقدة تحت الرماد مستعدة لأن تشتعل فى أى لحظة وتحرق الجميع ولا نلومن إلا أنفسنا.
محمد أنور السادات