في إطار سلسلة ندواتها بشأن الحياة السياسية والحوار الوطني وتشكيل حكومة جديدة، فضلاً عن حركة المحافظين الأخيرة، استضافت بوابة «الحرية» محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، للحديث عن تطورات المشهد السياسي وتصوره لمستقبل العملية السياسية في مصر.
خلال اللقاء الذي استمر نحو ساعتين، تم تناول جميع الأزمات التي يعاني منها المجتمع المصري دون وجود أي خطوط حمراء.
وإليكم نص الحوار:
كيف ترى التكتلات السياسية التي نشأت داخل مصر في الآونة الأخيرة؟
من الواضح أن هناك أشكال متعددة لبعض التكتلات التي بدأت في الاجتماع تحسبًا لطرح قانون الانتخابات المتعلق بمجلسي الشيوخ والنواب. وهذه التكتلات إما بغرض تأسيس أحزاب جديدة أو العمل كأحزاب تحت التأسيس. هناك الآن حركة وتفاهمات ومشاورات استعدادًا للقانون الجديد والذي سيحدد ما إذا كانت ستنشأ تحالفات انتخابية أو تكتلات تدخل العمل السياسي لأول مرة.
ما رؤيتك للوضع السياسي الحالي؟
الوضع السياسي الآن في حالة سيولة نتيجة انتظار وترقب قانون الانتخابات، لأن الأحزاب التي ليس لها تمثيل في المؤسسات البرلمانية تفقد فعاليتها ودورها في المشهد السياسي.
ينتظر السياسيون أيضًا ما وعدت به الحكومة من طرح قانون انتخابات المحليات والإدارة المحلية، لهذا نجد شهية الأحزاب والسياسيين مفتوحة لتقنين أوضاعهم كي يحصلوا على دور ومساهمة.
ومن السابق لأوانه الآن قراءة المشهد قبل أن تستقر الأوضاع ونرى أشكال التحالفات التي تتم.
ما هو تقييمك للموقف الإقليمي وتبعاته على مصر؟
لا شك أن الموقف الإقليمي له تأثير كبير على مصر، سواءً من جهة الأمن القومي أو من جهة تأثيره على الاقتصاد المصري.
وحين نرى اليوم تأثير هجمات الحوثيين على قناة السويس وانخفاض معدلات السياحة ندرك مدى التوتر في المنطقة، ما يؤثر على حركة البضائع، ويبعد الاستثمار المباشر، فلا أحد سيخاطر بالاستثمار في منطقة مشتعلة.
وأرى أن الموقف المصري من الدمار والأحداث المأساوية التي تحدث في غزة والضفة الغربية يحسب للحكومة المصرية في قدرتها على التعامل دون مغامرة قد تزج بمصر في مواجهة سيدفع الجميع ثمنها.
وهذا يأخذنا إلى مغامرات خضناها في الماضي في حرب اليمن وحرب 1967 ودفعنا ثمنها غاليًا.
مع التطورات الأخيرة وهجمات الحوثيين على تل أبيب والعكس.. هل تتسع رقعة الصراع؟
لا أرى أن رقعة الصراع يمكن أن تتسع، بل هي مناوشات لا أكثر، مثلما حدث بين حزب الله وإسرائيل، فليس من مصلحة المنطقة ولا اللاعبين الرئيسيين مثل أمريكا والصين وروسيا، أن يحدث توسع في المواجهات: «كله هيدفع الثمن».
ما واجبات النخبة السياسية خلال الأزمات الحالية؟
يجب أولًا أن نسمح للنخبة السياسية بأن تعبر عن رأيها فيما يخص المشاكل الداخلية مثل: الحقوق، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الغني والفقير، وأن تتكلم في بيان الحكومة وتطلب برنامج زمني والتزامات محددة.
أما فيما يخص الشأن الدولي، فأنا أرى ضرورة الحرص في التعامل مع ما يطرح من أخذ مواقف تجاه ما يحدث خارجيًا؛ لأننا لا نملك كل المعطيات لإطلاق حكم صحيح.
فالذين يتحدثون اليوم يتحدثون من منطلق عاطفي عروبي وطني، لكن ليس سياسي.
كلنا نؤكد على أهمية دعم فلسطين، وكلنا نؤكد على أهمية دعم اليمنيين وليبيا والسودان، لكن في النهاية لا يجب أن نطرح مقترحات قد تعود علينا بالضرر ونحن نعاني بالفعل من أزمات كثيرة، ولن نتحمل الدخول في مواجهات.
انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار حول تعدي الكيان الإسرائيلي على الحدود المصرية في رفح.. فكيف ترى هذا الموقف؟
هذا موقف مرفوض طبعًا، والدولة المصرية أبلغت جميع الأطراف بموقفها ورفضها للوجود العسكري الإسرائيلي في محور صلاح الدين، واحتلالها لمعبر رفح. كما أكدت الدولة على عدم فتح معبر رفح ما لم يكن الجانب الآخر فلسطيني، ولن تتعامل مصر مع إسرائيل من ناحية اللجان الأمنية ما لم تلتزم إسرائيل بالابتعاد 4 كيلومترات من الحدود المصرية في المنطقة «د» حسب البروتوكول الملحق.
وأنا أعتقد أن إسرائيل رغم ما تظهره من تمسكها بوجودها في معبر رفح ومحور صلاح الدين، إلا أنها ستتراجع حتى تتجنب التصعيد مع مصر. وأنها تعلم بوجود ضغوط شعبية على الرئيس السيسي ليكون الموقف المصري أكثر حزمًا وصلابة.
كيف تقيم أداء الحكومة الاقتصادي؟
أداء الحكومة سيء جدًا للأسف، ولم نرَ أي تحسن، لذلك تابعنا ورأينا كثيرًا من النواب رفضوا بيان الحكومة وإعطاءها الثقة؛ لأن البيان لم يكن تفصيليًا ولا يحتوي على مدد زمنية لتنفيذ البرامج التي وعدت بها الحكومة.
وإذا استمرت الحكومة بنفس السياسات والتعتيم كما حدث في السنوات الماضية، سنكون في موقف صعب جدًا. لأن من يقفون مع مصر سواء شركاء مصر في أوروبا أو الخليج إذا ساعدوا مصر مرة أو مرتين، فلن يستمر هذا كثيرًا. يجب أن نقوم نحن بواجبنا لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، ويجب أن تعلم الحكومة أن «للصبر حدود»، وأنهم لا يجب أن يحملوا على الشعب أكثر من هذا.
أتمنى أن تغير الحكومة من الطريقة التي تسير بها الأمور وأن يستمعوا إلى أصحاب الرأي والخبرة، وأن يؤخذوا الكلام من أصحاب الخبرة.
كيف ترى إنشاء لجنة تصفية الأصول؟
هذا الكلام ليس جديدًا، فمنذ مدة ونحن نعلم أن هناك عروضًا كثيرة عن طريق الصندوق السيادي الذي أُنشئ، والذي يسمح له قانونه بالدخول في شراكات ومساهمات وبيع للكثير من الأصول المصرية سواء كانت أراضٍ أو مبانٍ أو حتى بعض الشركات التي بيع بعض حصصها لمستثمرين أجانب.
وأرى أن هذا يجب أن يتوقف، لأنه لا يجوز أن أبيع الشركات التي أمتلكها والتي تعتبر مخزونًا استراتيجيًا لي لمواجهة أي كوارث. يمكن أن أعقد شراكات لتطوير وتحسين الإنتاج، لكن البيع مرفوض تمامًا.
كثر الحديث في الفترة الماضية عن وجود خلافات داخل الحركة المدنية، فكيف ترى مستقبل الحركة؟
الحركة المدنية منذ بدايتها وإنشائها دائمًا ما وجدت بها خلافات لأنها تجمع سياسي بأفكار وأيديولوجيات مختلفة، مثل: الليبرالي والقومي والعروبي واليساري، فهذا أمر طبيعي لا يدعو للقلق.
لكن مع بداية الحوار الوطني ودخول انتخابات رئاسة الجمهورية زادت الخلافات، ولكن الحركة تداركت الأمر وعقدت جلسات حدث فيها نوع من التفاهم لضمان استمرار تماسك الحركة. وتولت جميلة إسماعيل رئاسة مجلس الأمناء بشكل مؤقت، واختير الدكتور مجدي عبد الحميد منسقًا للحركة قبل أن يعتذر بسبب ظروف عمله وظروفه الصحية، ورُشح طلعت خليل للقيام بعمل منسق الحركة.
أنا أعتقد أن الحركة المدنية تحاول مداواة خلافاتها وجراحها واستعادة عافيتها مرة أخرى استعدادًا للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وأتوقع أن تحدث مشاورات مع الأحزاب التي علقت عضويتها مثل حزب العدل وحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي كي يعودوا مرة أخرى للحركة المدنية.
هل من الممكن أن يدخل حزب الإصلاح والتنمية في تحالفات سياسية؟
وارد جدًا، لكن وجهة نظري في اللقاء الأخير أنه من السابق لأوانه الآن الحديث عن تحالفات ونحن لم نرَ بعد شكل قانون الانتخابات.
مهم جدًا أن نعرف كيف سيأتي قانون الانتخابات قبل تفعيل أي تحالف أو مواءمة، حتى نستطيع أن نعرف إمكانيات أحزاب الحركة المدنية والمنتسبين لها من المستقلين، ثم نقرأ الكيانات الجديدة التي انتشرت مؤخرًا في الساحة.
ثم أيضًا نقرأ الكيانات الجديدة التي كثرت في الساحة السياسية ونسمع أن هناك أحزاب تحت التأسيس وتكتلات جديدة، كل هذا أيضًا يحتاج أن نفهم كيف ستسير الأمور.
لذا كان وجهة نظري مهم طبعًا أن نستعد للانتخابات.
هل من الوارد أن نشهد عودة للتيار الحر؟
بالنسبة لي، عودة التيارات الحرة في الوقت الحالي مجمدة، بعد النكسة التي أصابته بحبس هشام قاسم، رئيس التيار الحر. لكن عودته في هذا الوقت صعبة.
هل ترى في تعيين المستشار محمود فوزي وزيرًا للشؤون النيابية والاتصال السياسي خطوة نحو انفراجة سياسية قادمة؟
وسأقدم أيضًا بيانًا بأسماء بعض السجناء الذين يستحقون الإفراج الفوري عنهم، وأتمنى أن تسفر جلسة الغد عن جدول زمني محدد لغلق ملف سجناء الرأي، لأنه كان دائمًا محل انتقادات محلية ودولية.
أنا شخصيًا سعيد جدًا بأن هذا الملف يُفتح الآن، ومتفائل بوجود الوزير محمود فوزي مسؤولًا عن الاتصال السياسي والشؤون البرلمانية. وأكثر ما ننتظره هو النتائج، وإعطاء الحرية لكل من يرغب في السفر، والإفراج عن كل المحبوسين احتياطيًا في قضايا الرأي وحرية التعبير.
وأرى رغبة وإرادة من الدولة لتسوية هذا الملف، المهم أن نعمل بذكاء لتحقيق أكبر مكاسب تعود على أهالي السجناء.
لا أحد يختلف على أن الحبس الاحتياطي لا يجب أن يكون عقوبة، وأنه يختص فقط بالجرائم التي تمثل خطورة. أما ما دون ذلك، يوجد بدائل كثيرة كالأسورة الإلكترونية، أو أن الشخص محل الاهتمام لا يغادر الحي أو المنطقة إلا بإخطار.
المهم أننا يجب أن ننهي موقف المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا لم تُنظر ولم تُحال إلى المحاكم.
كيف رأيت الحكم على السياسي أحمد طنطاوي الذي وُصف بأنه حكم سياسي؟
أحمد طنطاوي صديقي وأنا أعرفه شخصيًا وأعلم أنه إنسان وطني مخلص، وهذا لا يمنع أن السياسيين أحيانًا يقعون في أخطاء وهفوات خلال تناولهم لبعض القضايا.
الحكم صدر وانتهى، ولا يهمني أن أتكلم فيه، ما يهمني هو الاطمئنان عليه والتأكد من تلقيه معاملة إنسانية، وحصوله على الرعاية الطبية.
في تقدير القانونيين أن التوكيلات الشعبية هي بمثابة وثيقة سياسية ولا يترتب عليها حق قانوني.. فماذا يعني هذا؟
أنا لست قانونيًا، ولكنني متعاطف مع أحمد طنطاوي من احتكاكي به، وللقانونيين أن يقولوا ما يشاؤون حول إن كانت التوكيلات وثيقة أو أوراق مزورة، ولكن في النهاية هناك حكم.
أعلنت عن حملة جمع توقيعات للإفراج عن أحمد طنطاوي. ما مصير هذه الحملة؟
حينما أعلنت عن هذه الحملة تجاوب معي الجميع حتى المعارضين لأحمد طنطاوي، ولكن الإشكالية أن بعض المحسوبين على طنطاوي سواء من أعضاء حزبه أو من أقاربه أدلوا بتصريحات أساءت لفكرة حملة التوقيعات بأنهم يتبرؤون منها.
الحملة أُرسلت إلى الجهات المعنية كي تؤخذ بعين الاعتبار، لكن رد فعل زوجة أحمد طنطاوي تسبب في إحباط السياسيين.
وجه رسالة للرئيس السيسي؟
وأدعوه إلى إعطاء المصريين رسالة أمل وطمأنينة للشعب، «إذا كنت مش قادر أوفر لهم الدخل الذي يساعدهم على أن يعيشوا حياة كريمة، فعلى الأقل أدخل السعادة في البيوت من خلال الإفراج عن أبنائهم وذويهم».
هل يمكن أن تُجرى تعديلات دستورية تمكن الرئيس من الاستمرار لفترات رئاسية أخرى؟
أنا لا أتوقع أن تُجرى تعديلات أخرى على الدستور لمنح الرئيس ولاية رابعة أو أكثر، ولكن أرجح تعيين نائب رئيس يُعد ويُدرب بشكل جيد حتى يكون مرشحًا لما بعد 2030 مع مرشحين آخرين.
هل تتوقع أن يكون هذا النائب عسكريًا؟
لا أمانع في أن يكون المرشح ذا خلفية عسكرية، المهم أن تكون له القدرة على التعامل بفكر مدني لإقامة دولة مدنية حديثة، وأنا لا أتكلم عن أن المؤسسة العسكرية هي من تحكم، بل أتكلم عن فرد يتم إعداده لتولي القيادة.
ما هي توقعاتك للانفراجة السياسية في السنين القادمة؟
أتوقع إذا كان الرئيس في ولايته الأخيرة كما نتوقع جميعًا وكما يتحدث الدستور، فإن الخمس سنوات القادمة ستشهد تغيرًا كبيرًا جدًا فيما يخص الانفتاح السياسي، وأن يكون للبرلمان القدرة على المحاسبة ومسائلة أي مسؤول أو سحب الثقة.
في الفترة الماضية شهد ملف عودة المصريين من الخارج خمولًا، فهل نتوقع انتعاشه في الفترة القادمة؟
هذا الملف من أولى اهتماماتي وأحب أن أطمئنك، فبالرغم من حالة الخمول إلا أننا نجحنا في إعادة البعض، ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي.
هل توجد اتصالات غير معلنة لتفعيل هذا الملف بشكل أقوى؟
لا أستطيع أن أقول إنها اتصالات غير معلنة، لكنها اتصالات تتم مع بعض الذين لديهم حالات إنسانية ويحدث تفهم من الأجهزة ومن النيابة العامة ويسمحون بذلك.
هل يميل حزب الإصلاح والتنمية إلى القائمة النسبية أم القائمة المطلقة؟
يميل حزب الإصلاح والتنمية من خلال التوافق مع الحركة المدنية إلى القوائم النسبية والمقاعد الفردية التقليدية، لكن من الواضح أن هناك قوائم مطلقة، لكن النسب غير معروفة.
هل أنت مع فكرة الكوتة البرلمانية أم ضدها؟
أرى أن الدستور حدد هذه المسألة لفترة زمنية معينة، والمفروض أن الشخص الذي يريد تمثيل الشعب بحق عليه أن يفعل ذلك إما من خلال حزبه أو من خلال المقعد الفردي وتكون له القدرة على التلاحم مع الجماهير والحصول على أصواتهم.
لكن المقعد الذي يأتي بطريقة سهلة ودون شعبية، يجعل صاحبه غير مسؤول ولا يتحدث بألسنة الناس.
ما تقييمك لأداء البرلمان؟
في آخر دور انعقاد للبرلمان، بدأنا نرى أصواتًا ومواقف لكنها ليست على القدر المطلوب ولا تلبي طموحاتي البرلمانية.
المشكلة هي وجود نواب كثيرين الناس لا تعرف عنهم شيئًا ولا يعرفهم أهالي دائرتهم وليس لهم أصوات حقيقية.
ما تقييمك لأداء المعارضة المصرية؟
المعارضة المصرية أصابها ما أصاب الشعب المصري ولم تكن على مستوى الأحداث في كثير من المواقف، ولا بد أن تحسن وضعها وتصبح أكثر حضورًا ومشاركة، لأن من حقهم كأحزاب أن يسعوا إلى السلطة.
على المعارضة أن تحل مشاكلها الداخلية ثم تبدأ في حل المشاكل التي تعوق حركتها من الخارج سواء كانت أجهزة أو مؤسسات.
كيف ترى أزمات حزب الوفد؟
على مدى سنوات طويلة، لم يستطع حزب الوفد أن يستفيق من الأزمات التي مر بها، وهذا الوضع محزن لأني كنت أرى حزب الوفد على أنه العباءة التي يعمل من خلالها كل الفكر الليبرالي المستنير.
أتمنى أن يحل الوفديون مشاكلهم ويعودوا لبناء الحزب لأنه «مرسيدس الأحزاب»، ونتمنى أن يعود فاعلًا وقويًا كما عهدناه.