حمائم النظام يؤمنون بالمساحات والصقور يعملون بسياسة “لو اديناكم صباع هتاكلوا الإيد كلها“
سياسة “كله تمام” تؤذي مصر.. وأحذر من يأس الشباب
الشعب يريد حياة آمنة مطمئنة.. وعلى النظام ألا يدفع الناس إلى الانفجار
كرامة وحقوق الناس هي ما يحفز الانتماء وليس “الكورس التدريبي”
النظام يستخدم ثورة يناير كفزاعة.. والشعب مركز في لقمة العيش
كله كلام ولا شيء يتحقق حتى في الاقتصاد.. و حكومة مدبولي لم تُحاسب
قدمت استقالتي من “القومي لحقوق الإنسان” اعتراضًا على ” تعطيل دوره“
لا يليق بمصر أن تحبس شبابها بسبب الرأي.. ويجب الإفراج عن سجناء توكيلات الرئاسة ل” الطنطاوي”
علاء عبد الفتاح ومحمد عادل وأوكسجين وآخرون سيخرجون تباعًا.. ويجب الإفراج الفوري عن سجينات الرأي
لابد من “أمارة” للجولة الأولى من الحوار الوطني حتى لا يتم مقاطعة الثانية
لم ننس هشام قاسم في السجن.. والتيار الحر مصيره مجهول
خالد البلشي و طارق النبراوي قدما نموذجًا إيجابيًا للمعارضة
صاحب نشاط واسع، وحضور مؤثر في الداخل والخارج، بشكل فتح المجال أمام “فكر تاني” لإجراء حوار معه، تناول فيه كل القضايا المطروحة على الساحة، أو المسكوت عنها، بدبلوماسية مفاوض يعرف قيمة الكلمة ومكانها ووقتها، وحماس سياسي يرفض تعرض وطنه للخطر.
هو النائب الأسبق محمد أنور عصمت السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية المعارض والقيادي البارز في الحركة المدنية الديمقراطية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو المؤسس للعديد من المبادرات؛ أهمها مجموعة الحوار الدولي، العضو البارز في وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية، والذي يلعب في أحيان كثيرة دور سفير الوفاق.
إلى نص الحوار:
من الهجوم إلى طلب المشاركة
من هجوم برلماني وإعلامي حكومي شديد عليك قبل إقصائك من البرلمان في عام 2017، إلى اختياركم من جانب مؤسسات الدولة كعضو في المجلس القومي لحقوق الإنسان في عام 2021.. ما القصة؟
البرلمان في 2016 و2017، لم يكن على مستوى المرحلة، وكان غير موفق بشهادة الجميع، وخروجي منه كان بقصة واهية لا أساس لها من الصحة.
هذا ما دفعني إلى تقديم بلاغ بنفسي إلى النائب العام في نفسي، وقوبلت هناك مقابلة طيبة تم التأكيد فيها أنه لا يوجد موضوع للتحقيق فيه، وعرفت فيما بعد أن المستهدف كان هو خروجي من البرلمان فقط، ثم توالت الأحداث بعد ذلك، وتفرغت لعملي كرئيس حزب، وواصلت تبني قضايا كثيٌر من المحبوسين احتياطيًا في قضايا حرية الرأي والتعبير والقضايا السياسية، ونجحت في حل بعض هذه القضايا كالإفراج عن البعض أو عودة البعض من الخارج، أو وقف المنع من السفر للبعض.
المهم، جاء وقت تشكيل البرلمان في 2020، ودُعيت ضمن أحزاب كانت نشطة في الحركة المدنية كحزب العدل والحزب المصري الديمقراطي وغيرها؛ للانضمام إلى قوائم انتخابية، في وقت لم نكن نستطيع بعد إعداد هذه القوائم بذاتنا، وبالتزامن عرضت إحدى مؤسسات الدولة على شخصي المشاركة في المجلس القومي لحقوق الإنسان، باعتباره -كما قيل لي- أنه سيكون أداة مساعدة لي لإنجاح المساعي الحقوقية التي أقوم بها، فقبلت بعد تردد باعتبارها ميزة تساعدني على أداء ما أرجو، كما أن الدولة وبعض الأجهزة اعتبرت موافقتي إضافة للمجلس من واقع الخبرة ومكسب لها باعتبار وجود صوت معارض له حضور الدولي سوف يعطي للمجلس حيوية وثقل.
بعد هذه السنوات، هل الدولة هي التي كسبت من وجودك في المجلس القومي لحقوق الإنسان أم أنت الذي حققت ما ترنو إليه؟
لا شك أن الدولة كسبت بوجودي، أنا والمرحوم جورج إسحاق، أمام الرأي العام المعني بالحقوق والحريات، سواء دوليًا أو محليًا، حيث اعتبر ذلك انفتاحًا من الدولة على المعارضة، لقبولها ضم أشخاص أصحاب مواقف مستقلة، أما بالنسبة لي، فقد كانت طموحاتي وآمالي كبيرة في المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولكن لم أستطع أن أحقق ما كنت أرجوه، والتجربة غير ناجحة، ولم تضف إلي، ولم تضف للناس التي كانت تعتقد أننا يمكن أن نساعدهم أكثر، وأن نقف إلى جوارهم بشكل أكثر جدية.
هل السبب في ذلك عدم استقلالية المجلس بالأساس كما يرى البعض؟
المجلس طبقا لقانونه مستقل، ولكن فعليًا، عليه قيود، وحاله كحال كل مجالس الدولة ومؤسساتها. ورغم محاولات البعض في المجلس تحريك الأمور، لكن هناك بكل وضوح تعطيل من خارج المجلس، من جهات لا يناسبها ما نسعى إليه، ويساندها في المجلس بعض الزملاء الأعضاء الذين يتبنون نفس وجهات نظر الدولة الرسمية وأجهزتها، وهذا لا يساعد على إنجاح دور المجلس طبقا لقانونه.
ما موقفكم إذن، من تلك القيود وهل تتجه لتجميد عضويتكم في المجلس حتى نهاية مدته في 2025؟
أرسلت بالفعل استقالتي إلى المجلس، ولم أنتظر حتى 2025، ولم يتم الرد عليها إلى الآن بالقبول أو الرفض، وأغلب الفعاليات والاجتماعات لا أشارك فيها. نعم مازالت عضوًا، ولكن على الورق فقط. لم أعد أشارك بفعالياته، كما البداية. كنت متفائلًا ومتحمسًا ولكن جاءت القيود لتطيح بكل شيء.
انفراجة على مراحل
وماذا عن ملف الحبس الاحتياطي.. هل هناك أمل يمكن أن نقدمه لذوي المحبوسين احتياطيًا؟
على حد علمي، وبناء على جهود كثيرة لأحزاب المعارضة من خلال الحوار الوطني أو مساراته، وطبقًا لنصائح كثيرين من الداخل والخارج لحكومتنا، فإن هناك مشاورات جادة تحت الدراسة من جهات عدة، لغلق ملف الحبس الاحتياطي في أقرب فرصة. هناك مقترحات لتعديل قانون الحبس الاحتياطي، يتم النظر فيها باللجنة التشريعية في مجلس النواب، بحيث يتم تحديد مدته وإتاحة بدائل له للتخفيف على الناس حال تعرضهم للإتهام.
تحدثت مؤخرًا عن انفراجة مأمولة. هل تطول سجناء الرأي الذين صدرت بحقهم أحكام؟
لابد أن تتحرك مؤسسة الرئاسة ولجنة العفو الرئاسي، في إجراءات إنهاء سجن هؤلاء وخروجهم، والسماح لهم بممارسة دورهم كباقي المصريين.
هناك أسماء كثيرة مطروحة في الوسط السياسي والحقوقي، كالنشطاء علاء عبد الفتاح ومحمد أوكسجين ومحمد عادل وهدى عبد المنعم. ماذا عنهم؟
أتوقع أن بعض هذه الأسماء، إلى جانب أسماء أخرى منها مثلًا مروة عرفة، سيتم إطلاق سراحهم، خلال الفترة القادمة، والبعض الآخر سيأتي تباعًا على مراحل، دون تحديد أسماء الآن.
أتوقع أن بعض هذه الأسماء، إلى جانب أسماء أخرى منها مثلًا مروة عرفة، سيتم إطلاق سراحهم، خلال الفترة القادمة، والبعض الآخر سيأتي تباعًا على مراحل، دون تحديد أسماء الآن.
وبصورة خاصة، أنا أجتهد في إغلاق ملف حبس البنات والنساء في قضايا الرأي والسياسة، ومنهم قضية التوكيلات الشعبية الخاصة بالمرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي. وأسعى بكل طاقتي، لأنه لا يليق
بمصر أن يستمر حبس بناتنا في السجون مزيدًا من الوقت في ظل الأوضاع الراهنة، وأرى أن إصدار توجيه رئاسي بإغلاق هذا الملف في الفترة المقبلة يشكل أولوية إنسانية حرجة. ولذلك أحافظ على شعرة معاوية مع المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى الآن.
مصر بحاجة لتصحيح المسار
ألا يتعارض المسار المؤمن بالإصلاح السياسي المتدرج، بحديث البعض عن “تروما يناير” التي لا تزال تدفع بعض مؤسسات الدولة للتخوف من اتجاه المعارضة المفاجيء للثورة كما حدث قبل ثورة 25 يناير؟
دعنا نتكلم بصراحة، لا يوجد شعب يعيش في حالة ثورة دائمة، تجربتنا في مصر في 2011 و2013، يجب أن نستفيد منها في الإصلاح والتنمية، وتوجس الأجهزة من المعارضة في هذه النقطة غير مبرر، ويؤسفني أنها تستخدمه كحالة فزاعة، والشعب “مش في دماغه النزول إلى الشوارع” والثورة ليست على قائمة أولوياته، “هو مركز في المعيشة”، ودفع الثمن.
ومع ذلك، علينا أن نحذر القائمين على إدارة الدولة من تجاهل المواطنين وعدم السماح لهم بالمشاركة في السياسات والقرارات والأحلام حتى لا يدفعونهم إلى الانفجار.
مصر تريد وقتًا لالتقاط الأنفاس، ويجب على المعارضة ومؤسسات الحكم أن يتوقفوا عن التربص المتبادل، وأن تسود روح مختلفة تستهدف الحفاظ على الوطن، فالوقت لا يحتمل مثل هذه الأمور، وهذه نصيحتي للجميع. لابد من السلام والتركيز على البناء.
أنا متفهم حماس الشباب لغياب الأمل وعدم رؤيتهم لفرص تستوعب طاقاتهم، ولكن أخشى من وصولهم إلى اليأس، وهو ما يُحمل الدولة مسؤولية أن تنتبه إلى هؤلاء الشباب وجميع الناس بالرعاية والسماح لهم بالمشاركة وجعلهم طرفًا في القرار، عبر اتحادات الطلاب والبرلمان والنقابات المهنية والعمالية.
بعد مرور 13 سنة على ثورة 25 يناير.. ما هو المكسب الباقي لمصر وفق رأيكم؟
أترحم أولًا على جميع الشهداء الذين ارتقوا في هذه الأيام. المكسب الوحيد أن بلادنا ما تزال متماسكة، رغم أننا لم نحقق كل ما حلمنا به، وأنا متفائل وأقول دائمًا إنه لدى مصر فرصة لتحقيق كل ما ترجوه شريطة تصحيح المسار، ولن يحدث ذلك إلا عندما تفهم كل مؤسسات الدولة أن الناس لا تضمر شراً لبلادها، وتريد حياة كريمة، طبقًا للدستور وحق الإنسان في حياة آمنة مطمئنة.
نحتاج لجنة جديدة للتسوية
نعود لمبادراتكم، وخاصة العودة الآمنة لمن هم في الخارج.. هل لا تزال سارية ومفعلة؟
إلى الآن لم تأخذ هذه المبادرات شكل التنفيذ الفعلي، الذي أشدد عليه وأسعى إليه، ولكن لا تزال تدور في حالات فردية باتصالات شخصية، وأنا أريد أن تكون ذات قواعد واضحة ترعاها الدولة، وتشارك فيها جهاتها المختلفة، عبر وجود لجنة دائمة يوجد فيها ممثلين من النيابة العامة أو وزارة الخارجية أو أجهزة الأمن للنظر بشكل دائم في ملفات من يريد السفر أو العودة إلى مصر بعد تسوية مواقفه.
أقدر لجنة العفو الرئاسي وجهودها، ولكن دورها لايزال مقيدًا ومحدودًا، وهي ليست صاحبة قرار، ورغم ذلك تستحق الشكر على كل جهد قدمته في الفترة الماضية، ولكن الموضوع الذي أطرحه يحتاج إلى لجنة أخرى بصلاحيات أخرى.
لجنة جديدة أم فتح حديث عن مادة العدالة الانتقالية الموجودة في الدستور هو ما نحتاج إليه؟
حاولت في هذا الصدد وقدمت مشروع قانون للعدالة الانتقالية، ولكن تم الرد في حينه علي، بأن هذا موعد تنظيمي ولا ضرورة للاستعجال في إقرار القانون، وأنا أدعم ضرورة النظر من جديد في هذه المادة وتفعيلها لأن قوة مصر في ناسها وأهلها، ومقدار كرامة المصري داخل بلده.
هل تقبل مؤسسات الدولة بـ”مكرم محمد أحمد” جديد؟
الوقت غير الوقت، والظروف غير الظروف، والتجربة تختلف، وما قام به نقيب الصحفيين الأسبق المرحوم مكرم محمد أحمد من رعاية المراجعات مع الجماعة الإسلامية مرفوض تكراره تمامًا، ولن تقبل به الدولة.
مؤسسات الدولة تعتبر أن الوقت غير مهيأ للبحث في ملفات السجناء المحسوبين على التيار الإسلامي، والإخوان في القلب منهم، ولا تريد حتى إيجاد مخرج لهم، ورغم أن كثيرًا منهم رفع الراية البيضاء للدولة، وقدم طلبات للعفو، ولكن إلى الآن لم ينظر لها أو تبحث، وربما يستغرق الأمر بعض الوقت لمثل هؤلاء.
ولكن أنا بصورة إنسانية حقوقية، أرى ضرورة إتاحة الفرصة للمشاركة في الحياة بصورة طبيعية لأي سجين مصري مهما كان اتجاهه، طالما يُقر باحترام الدستور والقانون والمواطنة، وينبذ العنف والتحريض.
مصر كلها “خسرانة”
برأيك.. هل خرجت الحركة المدنية من 2023 رابحة أم خاسرة؟
الحركة المدنية الديمقراطية تمثل عصب المعارضة ورمزيتها، وهي صاحبة مواقف واضحة وصوت مسموع، ولكنها تعرضت العام الماضي لاختبارات كثيرة، حيث لم تنجح في أن توحد صفوفها، أو تكون صاحبة قرارات نابعة من التماسك والاتحاد، وهذا ما شاهدناه في مراحل الحوار الوطني، ثم في أزمة انتخابات الرئاسة وعدم اتفاقها على مرشح واحد.
أعتقد أننا يجب أن نعيد تقديم حركتنا للرأي العام، بعد إعادة تنظيمها وهيكلتها بطريقة تكون مؤثرة ومسموعة بحيث تكون قادرة على استعادة ثقة الناس ومصداقيتها. وبالتالي، لا أستطيع أن أقول إنها كسبت في العام الماضي، لكن لم تخسر كثيرًا لأن “مصر كلها خسرانة” في السنوات الماضية.
لم ننس هشام قاسم
بحكم أنكم أحد أقطابه.. ماذا عن التيار الليبرالي الحر، هل نسيتم هشام قاسم في السجن؟
لا طبعًا، لم ننساه، فهو وطني ومخلص ولا يختلف عليه أحد. ولكن التيار الحر يعيش في موقف صعب، بعد حبس هشام قاسم، كونه أحد أبرز مؤسسيه والداعين له، بتاريخه ومواقفه، وغيابه في تفعيل التيار أدى إلى تعرضه لانتكاسة.
حاولنا كثيرًا التعامل مع فرص إنهاء أزمة حبسه، خاصة عبر مقدمي البلاغات، ولكن كل محاولاتنا لم تنجح. وبالتالي، فهشام قاسم سيظل محبوسًا حتى فبراير المقبل، ونتمنى أن يخرج سالمًا بكامل صحته، ليقرر هو بنفسه الاستمرار من عدمه في التيار.
وبالنسبة للتيار، فمستقبله بات على المحك، حيث أن أطرافه نتيجة حبس قاسم، والضربة المبكرة التي تم توجيهها للتيار، يشعرون بإحباط وبأن المناخ غير مشجع للاستمرار في تفعيل التيار.
أحيي خالد البلشي وطارق النبراوي
إذا كانت الأحزاب وتحالفاتها بهذا الشكل الدرامي، ألا تشكل تجربة النقابات المهنية بارقة أمل للمجتمع، خاصة في تجربتي الصحفيين والمهندسين؟
لاشك أن تجربة انتخابات نقابتي الصحفيين والمهندسين، كانت ولا تزال مبشرة، وقدمت رسالة واضحة للجميع بقوة أعضاء الجمعيات العمومية في الدفاع عن مطالبهم، وحرصهم على إنقاذ مؤسساتهم في الوقت المناسب، بما جعل التجربة مشجعة لآخرين في التجمعات والاتحادات أو حتى في انتخابات مجلس النواب القادمة، باعتبارها نقاط مضيئة في تاريخنا السياسي الحالي.
يجب أن نبني على النجاحات التي تمت في النقابتين الكبيرتين، بما يفيد مصر، الدولة والشعب. خاصة بعدما نجح نقيب الصحفيين الأستاذ خالد البلشي ونقيب المهندسين م.طارق النبراوي، في تقديم نماذج إيجابية ناجحة من قبل المعارضة التي تواجه اتهامات دائمة بالمزايدات الحنجورية، وتتعامل معها أجهزة الدولة بحذر وتشكك وخوف.
نجاح البلشي والنبرواي، قدم رسالة واضحة أن المعارضة بها رجال ذوي حكمة وعقلانية وكفاءات في أماكنهم، وبالتالي، يمكن أن تحدث حالة تعايش ناجحة حتى لو حدثت بعض المطبات، في النهاية، يمكن إصلاحها في وجود أمثال هؤلاء.
الطنطاوي وفريد زهران مخلصان ووطنيان
وماذا عن المرشحين الرئاسيين السابقين فريد زهران وأحمد الطنطاوي.. هل قدما المأمول منهما كشخصيات معارضة في المشهد السياسي؟
الاثنان أصدقاء وتعاملت معهما وتعايشت معهما، والاثنان مخلصان ووطنيان، فقط كل واحد منهما له أسلوبه، فطنطاوي لغته حادة يغلب عليه حماس الشباب، أما فريد زهران، فهو مُدرك لقواعد اللعبة، “يضرب ويلاقي” كما تقول السياسة، ولكن التجربة كلها تستدعي منا كمعارضة أن نتوقف عندها؛ لأن المرحلة القادمة لا يصلح فيها التشتت والانقسام.
يجب توحيد طريقة تعامل المعارضة مع الدولة وأجهزتها، لأن الجميع خسر في الحركة المدنية من ذلك الانقسام في طريقة التعامل.
“عاوزين نشوف أمارة أو كرامة” للحوار الوطني
نذهب إلى الحوار الوطني، وفيه الانقسام ذاته بين قوى المعارضة، كيف ترون ما تم والمستقبل؟
دعنا نتفق أننا جميعًا كمعارضة ذهبنا إلى الحوار الوطني ولدينا آمال عريضة، ومطالب واضحة، على أمل تغيير الأمور وتحسن الظروف، وانطلق الحوار بمشاركة الجميع، وأدلى كلٌ بدلوه في القضايا المعروضة، احترامًا لمبدأ الحوار الذي ندعو إليه منذ زمن.
ما يعنيني أن ترى توصيات المرحلة الأولى النور، قبل الدخول في مرحلة ثانية أو ثالثة. وبالبلدي “عاوزين نشوف أمارة أو كرامة” بخصوص ما انتهى له الحوار من مناقشات حول الحبس الاحتياطي، وقانون الانتخابات البرلمانية، وحرية تداول المعلومات ومفوضية عدم التمييز، وبعض التوصيات الاقتصادية والاجتماعية، هذه جميعها قضايا لم تتحرك ولا تزال الحكومة تُصرح أنها تعمل على تنفيذها، وهو ما يقلق من شاركوا في الحوار في مرحلته الأولى وخلفهم الشعب كله.
في اجتماعنا الأخير بالحركة المدنية، كانت هناك تحفظات من البعض لاستكمال مشاركة الحركة، والبعض يريد أن ينسحب، وأعلم أن هذه الأخبار لا تهم الحكومة وبعض أجهزتها، التي تقول إنها: تستطيع إيجاد بدائل وحركات جديدة من خارجها، لاستكمال مشهد الحوار، أو كما يقول البعض منها: في ألف غيركم معندناش مشكلة، لكن هذا المنطق خطأ، ويلغى أسس الحوار، وأُحذر من التعامل به مع المعارضة في الفترة المقبلة، فالمعارضة الوطنية العاقلة يجب الاستماع إليها.
مقاطعة الحوار محتملة
طرح البعض تحويل الحوار الوطني لمؤسسة ألا يلقى ذلك قبولًا لدى الحركة المدنية؟
هذا الطرح غير دستوري وغير قانوني، والحوار يجب أن يكون بعيدًا عن سيطرة الدولة وأجهزتها، فمصر لديها لجان نوعية ومجلس للشيوخ له وظيفة استشارية واضحة إلى جانب مجلس النواب، وبالتالي، إضافة مؤسسة جديدة أو كيان جديد هو إضافة لأعباء ومصروفات على ميزانية الدولة، ونحن في غنى عن ذلك في ظل الأزمة الاقتصادية الكبرى الحالية، وفي النهاية، ما ينتهي إليه الحوار الوطني الحالي يحال إلى الجهات التشريعية أو التنفيذية لاتخاذ اللازم.
هل تتجه الحركة المدنية إلى مقاطعة الحوار الوطني في لحظة ما؟
وارد جدًا أن نقاطع الحوار الوطني في أي لحظة، والبعض في الحركة يتبنى هذا التوجه، لعدم تحقيق أي نتيجة، وإنما لم يحسم القرار بعد في الحركة، والبعض الآخر ينتظر أن يقدم الحوار الوطني ما يشجع الجميع على الانخراط فيه.
كله كلام دون إنجاز
عدم الإنجاز كذلك يطول لجنة حقوق الإنسان في الحوار الوطني التي تشارك فيها.. كيف ترى ذلك؟
لا يوجد شيء تحقق على أرض الواقع، على أي مستوى، “كله كلام”، حتى في الاقتصاد، يقولون لنا: الدولة طرحت استراتيجية جديدة للاقتصاد، رغم أنها لا يوجد فيها آليات تنفيذ. ملخص المشهد أن الحكومة تريد بهذه المماطلة احتواء المعارضة، وهذا لن ينجح وهو غير إيجابي بالمرة.
المثير للدهشة، أن رئيس الجمهورية أصدر تعليمات بشكل واضح وصريح للنظر في توصيات ومقترحات
الحوار الوطني، ولا يزال البعض يماطل في التنفيذ، بطريقة بيروقراطية، ويقدم للرئيس أسبابًا لهذا التأخير، وهو الأمر الذي يجب أن يكون محل نظر الرئيس مرة أخرى، حتى يتم إنجاز المتفق عليه في المرحلة الأولى، وتشجيع كل المشاركين في الحوار على مواصلة الطريق.
الأقرب للرئيس الآن هم من يريدون فتح المجال العام
هذا يطرح تساؤلات لدى البعض، حول مَن صاحب اليد الطولى في المشورة إلى جوار الرئيس: الصقور أم الحمائم؟
الدولة لها رأس واحد، هو الرئيس، وهو صاحب القرار، ولكن بطبيعة الحال هناك مؤسسات وأجهزة قريبة منه، تستمد قوتها من قربها منه، وهو ما نشاهده في الإعلام والاقتصاد وادارة الوزارات، ولا يوجد لدينا بشكل جازم، صراعات أو أجنحة في الحكم، وبحسب ما أرى، فإن المجموعة القريبة حاليًا من الرئيس هي التي تقدم مشورتها بفتح المجال العام والانفتاح على المعارضة الوطنية.
ولكن للأسف هذه المجموعة التي تسمونها “حمائم” تصطدم على أرض الواقع بما يغل يدها وصوتها عن مواصلة السعي لدى الرئيس. هناك مواقف في الفترة الأخيرة مخيبة لآمال البعض في دولاب الدولة الذي يريد فتح المجال العام.
بعض الأجهزة تنتقد ما رأته من تجاوز وطريقة غير مقبولة، وكثيرًا ما سمعنا منهم: نديكم صباع عايزين تاكلوا الايد كلها. القصة متشابكة ومعقدة، وتدفع الكل منذ 30 يونيو 2013، إلى التشكك الزائد والتحوط خوفًا من أن “الدنيا ممكن تفرقع في أي وقت”.
النظام توسع في فتح قنوات الاتصال
من يتفاوض مع مؤسسات الدولة الآن من المعارضة، فالمعروف أنكم كنتم تقومون بهذا الدور بشكل معلن؟
اليوم، النظام يرى ضرورة التوسع في فتح قنوات اتصال مع الجميع سواء من شخصيات المعارضة أو الشخصيات العامة أو البعض ممن يريدون أن يلعبوا دورًا في الفترة المقبلة، والمسألة لم تكن كما مضت، وما حدث ببساطة أنهم لم يستطيعوا احتواء شخصي وعقلي، فاتجهوا إلى توسيع النطاق.
أنا منذ البداية ليست لدى أي مشكلة في الجلوس مع الدولة وأجهزتها للتفاوض، “ما فيش على راسي بطحة” باختصار، وكنت دائمًا أجلس في العلن على عكس آخرين حريصين على الجلوس بشكل غير معلن، وكنت أحرص على التمسك بمبادئي وقناعاتي ورؤيتي للإصلاح وعدم تغييرها، مع إبداء المرونة فيما يجب فيه المرونة والتفاهم والتفاعل بما يصب في صالح بلدي، لكن الأخطاء مثل استمرار الحبس للبعض، والمنع من السفر أو العودة، كنت لا أساوم عليها أبدًا.
أنا “دماغي فاهمة.. مش ناشفة”، لأنني أريد مساعدة بلدي، ولا أريد أن تقع، واستقرار مصر مرهون بمراعاة مختلف مؤسسات الدولة للشعب، خاصة كرامتهم وحقوقهم وإنسانيتهم، وهذا ما يحفز الناس على الولاء والانتماء ويزيد الوعي، خاصة عندما يرون حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية حاضرة مثل الأكل والشرب والتعليم، فالولاء لا يتم أخذه في كورس تدريبي للوعاظ والمدرسين والدبلوماسيين، بل يتم إيجاده في السياسات وأثرها على أرض الواقع فلا ولاء مع الألم والوجع والجوع.
طريقة “كله تمام” تؤذي مصر
هل ترى أن هذه العقلية هي التي جعلتك مقبولًا من الدولة، وتسافر باسمها في أوقات سابقة للخارج، ومع ذلك تلقى تقديرًا ومكانًا لدى المعارضة؟
مفتاح هذه المساحة الشخصية هو عدم إنكار الواقع، فما أعيشه أقوله بكل صراحة وأبحث عن الحل، فلا ينفع الإنكار أو الدفاع الذي يجعلك محل سخرية، ما يعني ضرورة الإقرار بالحقيقة بالتزامن مع تقديم حلول وتقديم عون من وقائع التجارب المماثلة، أما سياسة “كله تمام” فهي تؤذي مصر، ورأيت ذلك في كل المحافل الدولية.
وأنا في معظم سفرياتي الخارجية أحب أن أجالس المصريين الذين لديهم مواقف من السلطة، لأسباب متنوعة، سواء مظلومين أو لا يعرفون سبيل للعودة، أو أهاليهم عرضة لمشاكل، وأتناقش معهم بكل صراحة وأجد منهم اهتمامًا بمصر وحرصًا على مستقبلها.
هذه رسالتي إلى الرئيس
إذا تيسر لك الجلوس إلى الرئيس السيسي في الفترة المقبلة قبل حلفه اليمين الدستورية الجديدة.. ماذا تقول له؟
** أقول ياسيادة الرئيس: أنت الأن فزت بصوت الشعب، وأصبحت محل ثقتهم، في ولاية ثالثة، وآن الأوان في عمل مصالحة حقيقة مع كل المصريين في الداخل والخارج الذين يحترمون الدستور والقانون وينبذون العنف، وحينما تنتوي اختيار حكومة جديدة، فإن الموضوع الاقتصادي هو عامل الاختيار الأهم، مع منح المجموعة الجديدة صلاحيات كاملة غير منقوصة ، تكون أنت فيها وحدك الفصل بين السلطات، كما ينبغي أن يكون الوزير الجديد صاحب قرار كامل، يحاسب إذا أخطأ ويكافئ إذا نجح، إنما مسألة استبدال شخصوص بنفس النظام المتبع في الفترة الماضية، لن ينفع مصر في ظل غياب المساءلة والمحاسبة.
هل تطالب بمحاسبة حكومة الدكتور مصطفى مدبولي إذن؟
بالطبع، كان يجب أن تتعرض حكومته للمسائلة والمحاسبة على ما أوصلتنا إليه، فلا يوجد بيت لا يعاني، الغني منه قبل الفقير، والأزمة ليست في رحيل حكومة د.مدبولي واختيار حكومة مكانها، بل في إعلاء مبدأ المحاسبة ومنح الصلاحيات الكاملة للحكومة الجديدة، وتفعيل كافة مؤسسات الدولة بعيدا عن البيروقراطية، مع إطلاق يد البرلمان الجديد في ممارسة صلاحياته واختصاصاته طبقا للدستور والقانون ومنها محاسبة الحكومات.
لن أخوض انتخابات البرلمان وسأركز على حزبي
بذكر البرلمان، هل تنتوي خوض انتخابات مجلس النواب القادمة؟
أنا لا أعتقد ولا أظن أنه يمكن أن أترشح للبرلمان مرة أخرى، وأظن أني اكتفيت بتجاربي البرلمانية السابقة، عبر 3 برلمانات، نجحت فيها كمستقل وعلى المقعد الفردي، دون دخول في القوائم.
أيعني ذلك أن تتفرغ للانتخابات الرئاسية في 2030؟
هذا الكلام سابق لأوانه، وأنا أركز حاليًا ومتحمس لحزبي الإصلاح والتنمية في الانتخابات البرلمانية القادمة، وأقابل العديد من الشباب والكفاءات التي يمكن أن تكون معنا في الفترة المقبلة، وسأسعى إلى الفوز بتمثيل محترم في البرلمان القادم من أعضاء حزبنا.
ما موقف الحركة المدنية من الانتخابات البرلمانية؟
النية موجودة للتنافس والاستعداد موجود في الحركة، ولكن لابد من إعلان قانون الانتخابات قريبًا حتى يتم تحضير المرشحين المناسبين، كي يتواجدوا في أوساط الناس، ولكي نستطيع في الحركة أن نستعد بشكل ملائم للمنافسة، حتى لو ضد قوائم لبعض من أحزاب الدولة.
تشكيل وفد دبلوماسية شعبية
نحيا وسط منطقة مضطربة، وتلاحقنا توابع أطماع إثيوبيا وإسرائيل.. ما العمل وأنت كنت عضوًا نشطًا في المجلس المصري للشؤون الخارجية؟
الملفات الإقليمية والدولية تحتاج إلى تناول احترافي بشكل أكبر، فرسائل ما يحدث في الصومال وغزة والبحر الأحمر وغيرها، تدفع إلى ضرورة مراجعة هذه الملفات بعناية أكبر.
وأعتقد في هذا الإطار أننا بحاجة إلى التخفيف عن كاهل القوات المسلحة، التي تتحمل أشياء كثيرة، وتقدم ما يطلب منها، وذلك للتفرغ بشكل كامل للمهام الأساسية لها في حماية الحدود والتفكير فيما هو قادم في ظل اضطراب المنطقة، وبخاصة في الأمور التي يمكن أن يقوم بها غيرها في الداخل كشركات القطاع الخاص والشركات الحكومية، مع السماح له بالتواجد بما يلبي فقط احتياجاتها وليس كلاعب رئيسي في السوق.
وأقترح كذلك بدء الاستعانة بآليات الدبلوماسية الشعبية، وقد شكلنا من قبل وفدا للدبلوماسية الشعبية، وله نجاحات ، والمعروف أن العالم الغربي يحب أن يسمع لمثل هذه الوفود التي تتكون من أطياف متعددة بصورة أقوى من الوفود الرسمية، بحيث أن نشكل رأيا غريبا مساندا لمصر في حقوقنا في النيل وموقفنا من سد نهضة أثيوبيا، وكذلك فيما يحدث في البحر الأحمر، وموقفنا مما يحدث في غزة ورفضنا للتهجير.
وأنا أعتقد أن الغرب يرغب في استقرار الأوضاع في مصر، وهو حريص على استقرار مصر وتماسكها لأن وقوع مصر بالنسبة له، يؤذيه ويكلفه كثيرا، فهي صمام أمان والأمن في المنطقة، ولن يتركوا مصر “تغرق”، قد يقدم “مسكنات”، ويتركك “عائما” دون أن تغرق، على أن تقوم بلادنا بنفسها بالعوم والنجاة، عبر الإصلاح والإنتاج.
ولكن العديد من القوى السياسية تتهم صندوق النقد الدولي بأنه أداة الغرب في إغراق مصر؟
هذه وجهة نظر أيديولوجية قومية، وليست بالضرورة أن تكون صحيحة، وأزمة صندوق النقد الدولي، أن إجراءاته تنعكس على الناس بصورة مباشرة، في غياب بدائل توزن الكفة في مصر، ما يدفع البعض لتحميل الصندوق مشاكلنا الداخلية المتراكمة.
وأتصور الآن في ظل غياب البدائل بمصر، أن اليسار ليس وحده، في مسار التحفظ على دور صندوق النقد الدولي، بل بعض العناصر الليبرالية المستنيرة، تطالب بوقف التعامل مع الصندوق، لأن طلباته لا تناسب الوضع الاقتصادي في مصر.
تجربة الرئيس السادات
*مع تصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، هل تصلح طريقة الرئيس الراحل محمد أنور السادات باستخدام الحرب والسلام لإنجاز التحرير لخدمة القضية الفلسطينية الآن؟
**الرئيس السادات رحمه الله، كان يفكر في القضية بمنظور شامل بدأه من الداخل قبل الخارج ، حيث فتح المعتقلات والسجون على الجميع، كحاضنة شعبية له، وأخرج منها كل المصريين سواء كان من الإخوان أو الشيوعيين أو الليبراليين، ليدخل الحرب بقوة ناسه وتوحدهم خلفه، وانتصر في الحرب، ولكن عرف متى يتوقف، ويذهب إلى السلام لأنه كان واضحًا في عدم البحث عن زعامة أو عنترية، على جثث ضباطه وشبابه، ولذلك اختار مبدأ المفاوضات حتى أخذنا أراضينا.
ولذلك أعتقد أن الرئيس السادات قدم نموذجًا، في الحرب والسلام يستحق الدراسة، فضلا عن أنه نجح في تحقيق أهدافه رغم أنه دفع حياته ثمنا لهذا، ويمكن الاستفادة مما قام به الآن.