من الطبيعى أن يعقب ثورة أى مجتمع مفاوضات ومكاسب وإضطرابات ، لكن الخطر أن تستمر الإضطرابات والتصادمات أكثر مما ينبغى ، وهنا يأتى التباين فى الأفكاروالتوجهات ، وتنتج الأزمات التى تعصف بمكاسب الثورة وتهز أركان المجتمع، وتقوده إلى طريق مسدود يصعب معه تحقيق الهدوء والإستقرار والتقدم والرخاء بإعتبارهم أهم أمانى وتطلعات كل البشر.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الجروح الغائرة التى أحدثها النظام السابق فى نفس كل مصرى ، وملئت صدر كل مواطن بنيران موقدة لن تنطفئ إلا بعد أن يرى رموز الفساد فى العهد السابق خلف القضبان، ويجد عوضاً عن دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حياة كريمة للآخرين ، و تعود للشعب أمواله المنهوبة.
ولا تعنى الحرية ممارسة السلوك الحر فى فضاء غير محدد المعالم ، أو بما قد يؤذى الآخرين ويؤثر على حرياتهم ، وإن أفراد الشعب والقوى الوطنية التى تناست خلافاتها الفكرية ، وكذلك الروح التى جمعتهم فى إطار المصلحة العليا للوطن نحن أحوج ما نكون لأن نبثها ونعيدها من جديد، لكى يكتمل نجاح الثورة وتتحقق مطالبها ، وتفوت الفرصة على القوى الهدامة التى تهدف إلى تخريب مصر.
منذ أيام أعلنا العصيان على دعوات العصيان رغبة منا فى أن تستقرمصر وتدور عجلة الإنتاج ، لكن للآسف ما زالت تتوالى أزمات كثيرة قد تذهب بمكاسب الثورة بعيداً عما قامت من أجله ، فما بين مطالب وإحتياجات فئوية مشروعة من الأفضل أن تؤجل قليلاً حتى تسترد مصرعافيتها ولن تضيع كما يتوهم الكثيرين ، وما بين فتن وأزمات طائفية آخرها أزمة العامرية وما حدث من تهجير لبعض الأسر المسيحية ، وعصبيات قبلية كما يحدث الآن فى قنا بين قبيلتى الحميدات والأشراف ، فضلاً عن سلوكيات التخريب وتعطيل مصالح الشعب من قطع للطرقات وإيقاف لحركة القطارات وغيرها مما لا يمت بأى صلة لحق التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى ، ناهيك عن عمليات السلب والنهب والسطو المسلح والإختطاف أضف إلى ذلك كله مخططات طره التى تنفذ بدقة متناهية على أرض مصر.
نعيش معاً فترات عصيبة تمر بها مصر، تستوجب علينا أن نضع أولاً المصلحة العليا للوطن فوق أى إعتبار، وأن نتغاضى عن بعض السلبيات ، ونوحد مواقفنا وخطواتنا ونكون أكثر وعياً وحرصاً على أمن وإستقرار الوطن ، والحفاظ على مكاسب الثورة.
إن كثيرين بالداخل والخارج ينتظرون أن يفتح الجيش نيرانه على الشعب بمحاولات ووسائل وخطط وإستفزازات مختلفة لتأتى الحماية الدولية ونقع فريسة الإحتلال وتنهار مصر بأكملها ،،، وإن إسرائيل وغيرها يتربصون لنا فى الخارج وأياديهم تعبث بأمننا فى الداخل ، وإننا نواجه أخطاراً أخرى محلية وإقليمية ودولية ، وأن أعظمها على الإطلاق هو الخلاف الداخلى الذى سيفتح الباب للأخطار الأخرى ، ويحول أحلامنا التى واكبت الثورة إلى واقع مؤلم.
معذرةً ,,,،،،،،،،،، إن كنت أواجهكم بالحقيقة ، وإن كانت قاسية تقلقكم وتغضبكم ، فليس مرادى أن أغضبكم لكن هدفى أن تنتبه العقول فتفكر، وتجتهد الأيدى فتبنى وتعمر، والنفوس فتخلص وتضحى ، ونكون على قدر المسئولية فى حماية مصر ، وتحمل الصعاب مهما كلفتنا من أجل رفعتها وعزتها. وواهم من يظن أنه من الممكن أن نحصد دون أن نزرع . ومخطئ من ينتظر ثمرة طيبة دون أن يمهد الأرض لها لكى تنبت ، وبنفس الدرب ترتقى الأوطان ، طالما أننا نقطع طريقنا الصحيح للقضاء على الفساد ، ومحاسبة الفاسدين ، وبناء مصر ، وتحقيق العدالة والقانون ، ورد حقوق المصريين.
محمد أنور السادات
info@el-sadat.org