أكد أن كثيرين يفكرون في خوض الانتخابات الرئاسية شرط توافر الضمانات وأعرب عن أمله أن يسفر الحوار الوطني عن توافق مجتمعي لكل القضايا
على وقع حالة سياسية غير مسبوقة في ظاهرها ومختلف على مضمونها، تمضي جلسات الحوار الوطني في مصر التي انطلقت فعلياً مايو (أيار) الماضي، عقب أكثر من عام على دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الـ26 من أبريل (نيسان) 2022، وسط تباين في الرؤى وتساؤلات تطول “جديتها”، بعد أن تجنب النقاش كل ما هو متعلق بالأمن القومي والسياسة الخارجية ودستور البلاد، وتأجل إنهاء ملفي المحبوسين احتياطياً والحقوق والحريات.
وبين تبارز قائم ومستمر بين المؤيدين والمعارضين، يختلط المشهد العام في مصر، ويتزايد الجدل حول “فقه الأولويات والضرورات” وسبل حلحلة التحديات التي تواجه الدولة، على رأسها الأزمة الاقتصادية المحتدمة إثر تراجع قيمة الجنيه، وارتفاعات غير مسبوقة لنسب التضخم.
وبين هذا وذاك، يترقب الجميع ما قد يفضي إليه الحوار الوطني من “انعكاسات إيجابية” على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لا سيما انتخابات الرئاسة المقررة في 2024 التي لم تظهر بعد أي من ملامحها أو شخوصها المتنافسين، وإن كانت التوقعات توحي بعزم الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي الترشح لولاية رئاسية ثالثة.
وفي ضوء انعقاد جلسات الحوار الوطني، المقسمة إلى ثلاثة محاور رئيسة: سياسية واقتصادية ومجتمعية، التقت “اندبندنت عربية” النائب السابق في مجلس النواب ورئيس حزب الإصلاح والتنمية المصري محمد أنور السادات، أحد أبرز الأصوات المعارضة في البلاد، الذي عبر عن “أمانيه المحفوفة بالحذر والترقب” لمستقبل العملية السياسية والاقتصادية في مصر.
"التحاور مرحب به" ولكن
وفق رؤية السادات (67 سنة)، وهو نجل شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، فإن “أي دعوة للحوار الكل يرحب بها. الحوار حالة لا بد أن تظل قائمة مع كل شرائح المجتمع”، مضيفاً “نحن كأحزاب ومفكرين وسياسيين رحبنا بالحوار الوطني، ولدينا تحفظات منذ بداية إطلاق الدعوة، منها أننا نحتاج إلى حوار جاد، يستمع فيه بحرص إلى وجهات النظر المعبرة عن الشارع والنقابات والاتحادات، أي كل التوجهات الموجودة”.
وفي أواخر أبريل (نيسان) من العام الماضي، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى إجراء “حوار وطني حول مختلف القضايا”، واستغرق الإعداد والتمهيد له أكثر من عام، إذ انطلقت أولى جلساته الفعلية في الـ3 من مايو الماضي، ما أثار قلق ومخاوف قوى المعارضة في شأن جدية الحالة التي تشهدها البلاد للمرة الأولى خلال العقد الأخير.
ومع إشادته بتنوع الحضور والتيارات السياسية والاقتصادية وحتى في المجالات الأخرى، في الجلسة الافتتاحية لجلسات الحوار الوطني، وانعكاسه في كلمات البعض ومداخلاتهم، عاد السادات ليؤكد “المهم ما سينتج من هذه الحالة في نهاية المطاف”، موضحاً “كل هذه الجلسات وما يطرح بها سيجري تجميعه وفلترته، ويترجم في شكل توصيات ترفع إلى رئيس الجمهورية، كي يتخذ ما يراه مناسباً، سواء تشريعات مطلوب أن تقدم للحكومة بمعرفة البرلمان أو تعديلات لتشريعات قائمة أو قرارات تنفيذية في ضوء التوصيات، وعليه سننتظر بعد انتهاء الجلسات لنرى ما جرى”.
وعبر السادات عن أمله “أن يسفر الحوار عن توافق مجتمعي لكل القضايا والهموم التي تشغل المجتمع المصري، وأولها صراحة وإذا كان هناك إرادة حقيقية قضية إطلاق عفو عن الجميع، كي نبدأ صفحة جديدة، وتكون رسالة طمأنة للمجتمع المصري. الآن توجد عائلات لديهم الزوج أو الابن أو الابنة محبوسين. نحتاج إلى عفو عام عن الجميع. وهذه هي البداية التي أعتقد أنها تبعث برسائل إيجابية”.
"رسائل متضاربة"
إلى ذلك، وأمام رسائل إيجابية تمضي السلطات في طرحها في شأن الحوار الوطني، إذ قال الرئيس السيسي خلال جلسته الافتتاحية، إنه يهدف إلى “صالح وطننا العزيز ولرسم ملامح جمهوريتنا الجديدة التي نسعى إليها معاً، دولة ديمقراطية حديثة، ونضع للأبناء والأحفاد خريطة طريق لمستقبل واعد مشرق يليق بهم”، تتبدى بعض الإشارات السلبية التي تنذر بـ”تفاؤل حذر”، وفق توصيف السادات.
ووفق السادات فإنه “بكل صراحة منذ إطلاق الدعوة للحوار إلى الآن حدث بعض الإفراجات عن الأشخاص، إنما أيضاً جرت حالات قبض وتوقيف لآخرين كثر، ومسألة الاعتقالات لم تتوقف، يخرج أناس ويدخل آخرون”. ومضى “إلى جانب مسألة الاعتقال والتوقيف، لا يزال هناك تضييق على رموز المعارضة وأصحاب الرأي المخالف، إذ لم نر إتاحة لكل ممثلي المعارضة وأصحاب الرأي الآخر للظهور في الإعلام الرسمي، لم نر السماح لبعض الأحزاب بالانتشار في المحافظات من خلال أنشطة وفعاليات لها، لا يمكن القول إن هناك تحولاً كبيراً منذ إطلاق الدعوة إلى الحوار في مناخ الحقوق والحريات أو الممارسة السياسية، لكن دعونا ننتظر هل ستتحقق التوصيات؟ لن نسبق الأحداث، وأتفهم بعض الآراء التي تقول إن الحوار لن يأتي بنتائج، وإنه يفيد السلطة لا المعارضة. لا بد أن نكمل التجربة إلى آخرها، وإذا أسفرت عن نتائج إيجابية سنقول إن هذا حدث، وإذا لم يسفر سنعلن ونقول إننا شاركنا على أمل أن تتغير الأوضاع لكنها لم تتغير. وهذا لن يعيبنا أبداً”.
وبحسب رؤية السادات فإن “الدولة والنظام المصري ليس لديه سبب أو مبرر الآن في أن يستمر في إجراءات استثنائية ليس لها أي داع”، معتبراً أن مصر تمتلك الآن “فرصة كبيرة للاستقرار والسلام المجتمعي رغم المعاناة التي يعانيها الناس نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة. نحتاج إلى أن نوصل رسالة أن الدولة مستقرة، ولا توجد تهديدات، فلا مبرر لوجود قبضة أمنية شديدة أو إجراءات تعسفية وتعنت”.
ويرى رئيس حزب الإصلاح والتنمية أنه وعلى رغم تلك “السلبيات”، على حد وصفه التي تخيم على الأجواء، فإن “قوى المعارضة لا تملك خيارات أخرى سوى المشاركة في الحوار الوطني”، موضحاً “ما زال تأثير القوى المعارضة والأحزاب المدنية والنقابات والاتحادات ضعيفاً، وعليه لا بد من استثمار دعوة الحوار، رغم تحفظ كثيرين بداعي أنه يدعم الحكومة والنظام لتحسين موقفهم”.
ودائماً ما تنفي السلطات المصرية وجود معتقلين سياسيين في سجونها، وفي سبتمبر (أيلول) من عام 2021، أطلقت الحكومة المصرية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف النهوض بهذا الملف من خلال تعزيز احترام وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين، إلا أنه في المقابل، تقدر منظمات حقوقية وجود آلاف السجناء السياسيين في البلاد، فضلاً عن تصنيف مصر في مراتب متأخرة على مستوى الحقوق والحريات.
وعليه يقول السادات، وهو عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، “من خلال عضويتي في المجلس القومي، فإن الدول الشريكة والصديقة لمصر دائماً ما تنصح بأننا نحتاج إلى إعادة النظر في بعض الأوضاع الاستثنائية التي صعبت على المصريين حياتهم، مثل حقهم في ممارسة التعبير بحرية، وحقهم في تكوين جمعيات وأحزاب، وكذلك ممارسة العمل السياسي، وأتمنى أن نتغلب عليه، ويكون صورة طيبة للداخل قبل الخارج. لأن كرامة الإنسان المصري تبدأ من داخل بلده أولاً”.
ويتابع “لا شك أن ملف حقوق الإنسان أضر مصر كثيراً، وهذا ما رأيناه في كثير من التقارير الدولية من جانب بعض الحكومات التي وثقت انتهاكات وتجاوزات بحق المواطنين”، مضيفاً، “لا بد أن تتعامل الدولة مع هذا الملف بجدية حفاظاً على سمعتها، الأمر الذي انعكس في إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وعليه إذ أحسنا العمل وتفعيل ما ورد في هذه الاستراتيجية مع ما هو موجود أصلاً في الدستور والقوانين، وطبقناه سيغنينا عن كل ما يكتب عن مصر أو نهاجم بسببه، وهو ما يتطلب إرادة حقيقية، إذا كنا نتحدث عن استثمار محلي أو أجنبي أو عربي، فهو لن يحدث ما لم يكن هناك استقرار سياسي واحترام لحقوق وكرامة المواطنين المصريين، إنما سياسة الإنكار لن تفيد أحداً”.
وعما إذا كان مؤيداً لفكرة التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها السلطات المصرية “إرهابية”، قال السادات “حينما يذكر اسم (الإخوان) توجد حساسية، أنا مؤمن بأن كل مصري من حقه أن يمارس حقوقه وحريته مع الحفاظ على كرامته ما دام يحترم القانون والدستور، ولا يدعو إلى عنف أو تحريض. يمارس دوره في السفر أو التنقل ما دام ليس مطوباً أو محل اتهام، هذا ينطبق على كل المصريين. ليس لدينا سوى أن نجمع بعضاً مع قدر من التسامح. عشنا خلال السنوات الماضية قسوة وسلوكاً جديداً علينا كمصريين. لا بد أن نضع قواعد العدل على الجميع، من يخطئ يحاسب بالقانون، لا داعي لظلم أحد. والدستور مواده واضحة في هذا الشأن، ويطبق على الجميع”.
أزمة اقتصادية "مركبة"
وحول احتدام الأزمة الاقتصادية في مصر، وارتفاع مستويات الديون الخارجية والداخلية، ذكر السادات، الذي أوضح أن لحزبه رؤية في هذا الشأن ضمن رؤى عديدة تطرحها مكونات الحركة المدنية، “في رأيي الأزمة التي تعيشها مصر تعود إلى ما قبل جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية”، موضحاً “كورونا والحرب كان لهما تأثير، لكنهما لا يتحملان ما وصلنا إليه، ما وصلنا إليه أننا لم نحدد أولوياتنا من البداية، تصورنا أننا سنحقق إنجازات بمشروعات قومية، على أساس أننا نأخذ من هذا أو ذلك بعض الأموال، ورسمنا خطتنا وتصوراتنا بأن هؤلاء لن يخذلونا، لكن ما جرى أن هؤلاء الناس قالت لا”.
وبحسب السادات، “لم نعد الآن قادرين على لملمة أنفسنا، بعد أن تورطنا في ذلك البذخ. اليوم ضغوط متفاقمة إثر محدودية الإنتاجية والتصدير، وتراجع عوائد السياحة، وتراجع الاستثمار بسبب بيئته غير الجاذبة، وفي الوقت نفسه القطاع الخاص أصيب بالموت، فلا توجد منافسة عادلة، سمحنا لشركات تابعة لأجهزة ومؤسسات سيادية بأن تتوسع على حساب الجميع، أضف إلى ذلك اتفاقك مع صندوق النقد أجبرك على بعض الالتزامات، وإن كانت صعبة على المواطن لكن أصبحت دواء مراً، وعليه أوصلنا أنفسنا إلى الوضع الراهن”.
وأضاف رئيس حزب الإصلاح والتنمية، “لا بد أن يعاد النظر في كل هذا، ما يحدث حالياً أن مصر بدأت تبيع (عفش البيت). الشركات والأصول التي لدينا بدأنا نبيع أسهماً منها أو جميعها. وماذا بعد؟ لا بد من سرعة تدارك هذا بالاستعانة بمتخصصين يتعاملون مع هذا الوضع بكل الصلاحيات الكاملة كي ننقذ ما يمكن إنقاذه”.
وفي ما يتعلق بالديون قال السادات، “ملف الديون لا بد أن نتعامل معه بذكاء، هذه الديون تحتاج إلى ترتيب وتخطيط، علينا أن نفكر وندرس كيف ننهيها، خصوصاً الديون السيادية الحكومية”، مضيفاً “أؤمن بأن نظريات المؤامرة التي كانت تتحدث عن أن الغرب يريد أن يسقط مصر خطأ، الغرب حريص على مصر، واليوم من يساندك؟ الغرب، لأنه يحتاج إلى استقرارك والمنطقة. مصر بالنسبة إلى الغرب رمانة الميزان والحفاظ عليها واجب، لكن أنت كدولة من الذكاء أنت تحافظ أيضاً على نفسك، وتستفيد من الذين يرغبون في الوقوف إلى جوارك، نحتاج إلى تفكير ذكي للتعامل مع الأزمة، وأول شيء الاعتراف بأننا لدينا أزمة، لأنها بداية الحل إنما الإنكار لن يفيد، حتى لا نفاجأ بالسقوط”.
ترقب رئاسيات 2024
وفي ضوء تردد الحديث حول عزم بعض الشخصيات (لم يعلن رسمياً أي منها بعد سوى النائب السابق أحمد طنطاوي) التقدم بالترشح لانتخابات الرئاسة المقرر العام المقبل، وسط أنباء عن نية الرئيس السيسي الترشح لولاية ثالثة، أوضح السادات، “الانتخابات الرئاسية استحقاق دستوري متاح لكل من تنطبق عليه الشروط والمعايير. من الواضح أن الرئيس السيسي يعيد تقديم نفسه لفترة رئاسية ثالثة وأخيرة، وطبيعي أن هناك مرشحين أياً كانت انتماءاتهم، لكن إلى الآن لم يعلن أي من هؤلاء المرشحين، باستثناء الذي أبدى رغبة وهو ما زال مرشحاً محتملاً، النائب أحمد طنطاوي، لكن إلى الآن لم يتم بحث مرشحين بعينهم وعرضهم من خلال لقاءات سواء حزبية أو سياسية، للتوافق عليهم والوقوف خلفهم”.
وأضاف “ربما الفترة القادمة نبدأ في استعراض دعم أسماء بناء على من أبدى رغبته في خوض هذه المعركة، وأعتقد أنها فرصة شرط أن تكون حرة ونزيهة، ونحن أعلنا وقوى وطنية كثيرة، وأيضاً الحركة المدنية بكل تشكيلها، الضمانات التي نرى أنها ضرورية لإجراء انتخابات الرئاسية المقبلة”.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية (تضم مجموعة من الأحزاب المدنية)، ما قالت إنه “ضوابط ومعايير لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة مع قرب الانتخابات الرئاسية” التي من أبرزها: إتاحة فرص متكافئة لجميع المرشحين، وحرية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، وحياد مؤسسات الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من كل المرشحين، وخضوع العملية الانتخابية برمتها للمتابعة من قبل هيئات ومنظمات محلية ودولية مشهود لها بالحياد والموضوعية، واستقلال ونزاهة وشفافية الهيئة المشرفة والمديرة للعملية الانتخابية”.
ويقول السادات: “الضمانات التي طالبت بها الحركة المدنية مسموح ويعمل بها في كل دول العالم، لا نريد انتخابات مسخرة لمرشح بعينه”، مضيفاً، “لدينا تجارب سلبية سابقة، رأينا في انتخابات عام 2018 من قبض عليه، ومن جرى توقيفه، ومن احتجز مساعدوه، كل هذه الأمور تحدثنا عنها بكل وضوح وأعلناها، وأيضاً ننتظر أن نرى إجابات لها، وتأكيدات عليها من الهيئة الوطنية للانتخابات التي من المفترض أنها تدير هذا الاستحقاق برمته”.
وتابع رئيس حزب الإصلاح والتنمية، “متى توافرت هذه الشروط سيكون هناك مرشح مدني. كثيرون يفكرون جدياً، ومرشحون على قدر من المسؤولية جاهزون لخوض غمار المنافسة، لكن الكل ينتظر، يرغبون في منافسة عادلة وحقيقية، بصرف النظر عن النتائج، لكن لا بد أن يطمئن المرشح هو ومن معه قبل أن يخوض المعركة”.
مرشح لـ"إنقاذ مصر"
وبحسب السادات، فإنه “لم يحسم إلى الآن أسماء بعينها لخوض المنافسة، أو أبدت رغبتها بشكل نهائي. البعض يفضل مرشح مدني صرف، وهؤلاء يميلون إلى هذا، ويرون أنه الأنسب والأفضل لمصر، وآخرون لهم وجهة نظر بأنه إذا كان شخص مدني، وخدم في القوات المسلحة في وقت ما، لماذا لا؟ ما دام إنساناً وطنياً، ولا خلاف عليه. المسألة ليست لها قاعدة معينة. أرى أن مصر وإن كانت تسعى إلى جمهورية جديدة فإنها تحتاج إلى مرشح مدني ينقل مصر من خلال فريق عمل قادر على مواجهة كل الأزمات، والتحديات التي تواجهها الآن، ليست مسألة شخص، لكن الأهم فريق عمل يكون محيطاً بهذا الشخص، من اقتصاديين وسياسيين وأناس لديهم القدرة على الابتكار، وإنقاذ البلد والتفكير كيف تخرج مصر من أزماتها”.
وتابع السادات، “المرشح المدني لديه مؤسسات، لا أحد يعمل بمفرده، ولن يكون بمفرده، لا أحد يفهم في كل شيء، المرشح ليس مفترضاً أن يكون (عبقري زمانه) لا يستعين بالخبراء ومؤسسات الدولة والمستشارين، هذا ما يحدث في كل دول العالم نحن لا نبتدع، ومخاوف الاضطرابات الأمنية على الحدود وفي دول الجوار فزاعات يجب ألا نلتفت إليها ما دامت المؤسسات موجودة”.,/p>
"جمال مبارك مرشحاً"
ووفق السادات، الذي يقول عنه مقربون إنه “قريب من أوساط سياسية وعسكرية واسعة في البلاد”، فإن “مجموعة أحزاب الحركة المدنية بشخصيتها المستقلة إلى الآن لم تطرح بشكل محدد أياً من المرشحين الذين ينتوون الترشح للرئاسة. لم يحدث أي لقاءات بعد”، مضيفاً “توجد أسماء يجري تداولها، لكن لم يتقدم أحد بعد”.
وأفصح السادات عن حوار دار بينه وأحد الشخصيات العامة التي لم يسمها، الذي قال في شأنه إن لديه “فرصة كبيرة في الانتخابات المقبلة إذا ما قرر الترشح”، موضحاً “كان لي حوارات مع أحد الشخصيات، سمعت أفكاره وقراءته للمشهد الحالي، وكنت متفاعلاً معه، وأتمنى في الوقت المناسب أن يعلن عن نفسه. وقتها سنشهد معركة انتخابية حقيقية. إذا كان هناك ضمانات واضحة وفرص متساوية للجميع. سنشهد انتخابات مثلما رأينا انتخابات 2012، الكل تنافس على أرضية واحدة، نريد انتخابات حرة وشفافة كما يحدث في دول العالم المتقدم”.
وأكد رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أنه “لو لم يطمئن الناس أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة وقتها لن يشاركوا، ويدلوا بأصواتهم، ستكون المشاركة ضعيفة إذا شعر المواطنون بأنها مسرحية وليست انتخابات حقيقية. في 2018 وبعدها كانت المشاركة معدومة، واضطرت السلطات لتمديد وقت التصويت كي يشارك الناس، في وقت نشهد فيه نسباً مرتفعة من المشاركة في انتخابات دول في المنطقة تتجاوز الـ80 كما حدث في الانتخابات التركية الأخيرة”.
وبشأن حنين كثيرين إلى عصر حسني مبارك الذي أطاحته ثورة شعبية في يناير (كانون الثاني) 2011، وتزايد الحديث عن احتمالات أن يخوض نجله الأكبر جمال مبارك (60 سنة) الانتخابات الرئاسية المقبلة مع انتشار عديد من الصفحات التي تدعمه على مواقع التواصل الاجتماعي، أوضح السادات: “لا نستطيع لوم الناس على حنينها إلى الماضي القريب، ربما كانت أحوالهم أفضل من الأوضاع الحالية. هذه مسألة تحدث، ما يخص جمال مبارك فإذا كانت تنطبق عليه الشروط ولا يوجد ما يمنعه ويرغب في الترشح للرئاسة، فأهلاً وسهلاً، العبرة بمدى مشاركة المواطنين في هذه الانتخابات واختيارهم لمن يرغبون فيه رئيساً”، مضيفاً، “تابعت بعض الكتابات مع وضد ترشيح جمال مبارك، لكن أقول هذا حقه في حال انطبقت عليه الشروط والحكم والقرار للشعب”.
ويقول مراقبون، إن الحكم الذي طال نجل الرئيس السابق وشقيقه ووالده في عام 2015، بالسجن ثلاث سنوات في القضية المعروفة إعلامياً في مصر بقضية “القصور الرئاسية”، “قضية مخلة بالشرف”، ما يمنعه من الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، فيما يجادل آخرون بإمكانية حصول جمال مبارك على حكم قضائي بـ”رد الاعتبار” لممارسة حقوقه السياسية، وذلك بعد مرور المدة القانونية عقب الحكم الذي صدر بحقه.
وحول احتمالات أن تشهد مصر مفاجأة على المدى القريب المنظور، قال السادات، “التغيير قادم لا محالة، لكن لا بد أن يكون من الداخل، الخارج ليس له علاقة بهذا، الخارج شركاء، وأصدقاء، وداعمون، من الممكن أن يقدموا نصائح وتوصيات، لكن التغيير لا بد أن يكون من الداخل، وأعتقد أن الدولة المصرية والرئيس وكل من حوله أصبح على قناعة أنه حان وقت التغيير الجذري في السياسات. المسألة ليست في الشخوص، بل في النهج الذي نسير عليه، لأنه المشكلات أصبحت محيطة بنا من كل جانب، لا بد أن نشهد سواء إذا حدث والرئيس فاز في الانتخابات القادمة إعادة النظر في الأسلوب الذي تدار به البلد، فلا يجوز أن نستمر هكذا”.
ومضى، “جربنا النهج القائم ووصلنا إلى هذه النقطة، وعليه لا بد أن يعيد الرئيس النظر في السياسات، وأن يطلق الحرية للمتخصصين بأن يتولوا حقائب وزارية بعينها، لا بد أن يترك لهم الحرية والصلاحية الكاملة في اتخاذ ما يرونه مناسباً للخروج من هذه الأزمة، سواء الرئيس الحالي أو أي رئيس جديد، لا بد أن يكون واضحاً إن ما جرى على مدى السنوات الماضية القريبة وما وصلنا إليه يحتاج إلى تغيير: مفاهيم جديد، ومعالجات جديدة، وشخوص لديهم القدرة والكفاءة على إدارة هذه الملفات، ومن يتجاوز أو يخطأ يساءل. المفترض أن لدينا برلماناً، ولا بد أن يكون فاعلاً، ويسأل ويحاسب من يخطئ، ويكون لديه القدرة على سحب الثقة من هذا المسؤول المخطئ، الحكومة لا بد أن تفهم أن المواطن كي يصدقها ويتحمل معها ويصبر لا بد أن يرى فيها القدوة من البداية”.
وإلى جانب مطالبته الحكومة بترشيد النفقات وتأجيل بعض المشروعات القومية التي تثقل كاهل ميزانية الدولة، قال السادات، “هناك ضرورة ملحة إذ كانت هناك نية لتشجيع القطاع الخاص، أن يكون الجميع على أرضية متساوية، لا ميزة لأحد، لا شركات تابعة للقوات المسلحة لها امتيازات ولا شركات تابعة لأجهزة سيادية، ولا شركات حكومية. الكل يعمل في إطار منافسة متساوية بقواعد واضحة، هذا هو ما ننتظره، إذا كنت تسعى إلى خلق مناخ حقيقي جاذب للاستثمار”. وتابع “رأينا ذلك في نصائح من كل من تعامل معنا سواء مؤسسات دولية لها ثقل أو حتى شركاؤنا في الخليج، الذين بدأوا يتحدثون في هذا الشأن. فماذا ننتظر؟ لا بد أن نقف مع أنفسنا وقفة جادة ونتخذ قرارات، تنهي الحالة التي تعيشها مصر. الفرصة موجود لكن المهم أن نفهم أنه لا بد أن نتعامل مع هذه التحديات بسرعة. يجب ألا ننتظر أكثر من هذا”.
ووفق السادات فإن “بعض من أعضاء الحكومة يدركون الأزمة التي تعيشها مصر، لكنهم ليسوا أصحاب قرار، مع الأسف. الدستور ينص على الفصل بين السلطات، ولا بد أن يطبق، لا يجوز أن يكون وزير مسؤول عن ملف في وزارته بينما هو ليس صاحب قرار، لأن هناك جهات أخرى (لم يسمها) تملي عليه أو توجهه بأن يفعل أو لا يفعل، هذا الكلام لا بد أن يتوقف. كل هذه السياسات جميعنا يدفع ثمنها الآن. إذا كنا نتحدث عن جمهورية جديدة لا بد أن يكون الرئيس القادم قد تعلم الدرس، ويغير هذه المفاهيم إذا كنا نرغب في نقلة”، مشيداً بما سماه “ثورة وطفرة تشهدها الدول الخليجية”، قائلاً “السعودية تشهد انفتاحاً ثقافياً وسياسياً وكذلك الإمارات وقطر، أين مصر التاريخ والحضارة؟ مصر التي كانت صاحبة الريادة لا يجوز أن تتراجع، لدينا من المبدعين والمفكرين ولدينا نماذج مشرفة، لكن ينقصهم الفرصة والحرية، والآن الفرصة مواتية”.
في الوقت ذاته، انتقد السادات، ما سماه “تخلي قوى المعارضة عن مسؤوليتها”، قائلاً “القوى المدنية تحتاج إلى أن تصلح نفسها، وأن تفهم أنها ليست مسؤولية الحكومة أو الدولة وحدها”. أضاف “نحن كأحزاب وقوى مدنية علينا دور. لا بد أن نتحمل جزءاً من المسؤولية، نحتاج إلى أن نبني كوادر حزبية صحيحة، وأحزاب جادة لديها رسالة واضحة، لديها حلول من خلال أعضائها، علينا أن ننتبه أن البلد سيقوم بنا جميعاً. أحزاب، نقابات، اتحادات، روابط. الجميع لا بد أن يراجعوا أنفسهم، لأن الأزمة كبيرة لن تتحملها الحكومة بمفردها. الجميع لا بد أن يشارك في هذا الحمل الثقيل”.