• الحكومة اقرت أخيرا ان سياسة الدفاع عن سعر الجنيه المتبعة على مدار السنوات الماضية كانت خطأ واضرت بالتنافسية المصرية وساهمت في تدهور الوضع المالي الخارجي لمصر، لماذا تأخر هذا الاعتراف ومن المسئول عن تلك السياسات الخاطئة والتي كلفتنا تكاليف باهظة ما زلنا نفاجأ بها بشكل يومي؟
• تعويم الجنيه خطوة جيدة بالطبع وفي الاتجاه الصحيح، ولكن الاثار الجانبية المباشرة متعددة وخطيرة:
o ارتفاع تكلفة دعم الوقود والكهرباء والمواد التموينية وبالتالي ارتفاع العجز في الموازنة. الحكومة اتخذت اجراء برفع أسعار المنتجات البترولية، ولكن هل ستكفي هذه الإجراءات أم اننا سنرى ارتفاعات أخرى للسيطرة على العجز الناتج من هذا البند؟
o نستورد من 70 الى 97% من المواد التموينية من خارج البلاد، ومعنى ذلك أيضا ارتفاع تكلفة الدعم التمويني في الموازنة. بهذا الصدد الحكومة أعلنت رفع نصيب الفرد بالبطاقة التموينية بمقدار 3 جنيهات فقط، وذلك يعني بشكل منطقي ان المواطن سيحصل على مقدار اقل من السلع التموينية، يعني ارتفاع نقدي بسيط وانخفاض حقيقي حاد. هل سيتحمل المواطن هذا الضغط الإضافي؟
o ارتفاع سعر الدولار يعني أيضا ارتفاع قيمة الدين العام بالعملة الأجنبية والمقدر بأكثر من 70 مليار دولار (56 مليار للخارج، و17 مليار لبنوك محلية). كل جنيه ارتفاع في الدولار يعني 76 مليار جنيه إضافة تلقائية للدين العام، فضلا عن زيادة الفوائد على هذا الدين نتيجة ارتفاع قيمة الأساس المحتسب عليه هذا الدين؟ هل وضعت الحكومة هذا التطور في الحسبان وكيف ستعالجه في موازنة هذا العام والموازنات المقبلة؟ وهل سيعني زيادة العجز الكلي الناتج عن هذا ضغوطا أكثر على بنود أخرى في الموازنة؟ المشكلة انه لا توجد خطة واضحة متكاملة معلنة امامنا؟
o ارتفاع معدل الفوائد على أدوات الدين المصاحب لقرار التعويم (وغرضه كبح الدولرة ورفع جاذبية الجنيه) بمقدار 3% يعني بالضرورة زيادة كلفة صافي الدين العام بما لا لا يقل عن 60 مليار جنيه وبالطبع ستزيد من العجز الكلي للموازنة وستؤدي الى مزيد من الضغط على خطط الحكومة للتنمية والاستثمار والتطوير والمرتبات وغيرها، فما هي الخطة لمعالجة هذه المشكلة؟
• نعلم ان هناك مستحقات قصيرة المدى مطلوب سدادها بشكل فوري سواء سندات مستحقة في ديسمبر بقيمة 3 مليار دولار، او مستحقات لشركات البترول بأكثر من 3 مليار دولار أيضا، بالإضافة الى شركات اجنبية كثيرة لا تستطيع تحويل أرباحها، الخ .. فهل ستكفي الدفعة الأولى من التمويل سواء من الصندوق او جهات أخرى للوفاء بهذه المستحقات وهل سيعود الاحتياطي للانخفاض مرة أخرى لمستويات مقلقة نتيجة هذه التدفقات الخارجة، وهل لدينا خطة لتعويض هذا الفاقد الكبير؟ هل سنتجه للاستدانة الواسعة من سوق السندات الدولية وبفوائد مرتفعة؟ أيضا ليس لدينا خطة متكاملة مطروحة من الحكومة بهذا الشأن.
• توقف اتفاق أرامكو لبيع المواد البترولية لمصر بتسهيل على 15 سنة سيضع ضغط إضافي على المدفوعات الخارجية بمقدر 5 مليار دولار سنويا إضافية؟ فما خطة الحكومة لتوفير هذا المبلغ الإضافي؟
• نأتي للقضية الأساسية الكبرى وهي تخفيض العجز الفادح في الميزان التجاري نتيجة اعتماد مصر الكبير على الاستيراد وضعف القدرات التصديرية لمصر في سوق عالمي لا يرحم. لنكن صرحاء مع أنفسنا، ولا نلقي اللائمة على سلع استفزازية وهذا الكلام. الحقية ان اجمالي السلع النهائية التي نستوردها بالكاد تصل الى 25% من اجمالي وارداتنا والباقي عبارة عن مواد خام ومواد غذائية وسلع وسيطة ورأسمالية لا غنى لنا عنها ولا بديل على المدى القصير. والى الان لا نجد مخطط واضح من الوزارات المختصة بعلاج هذا العجز الضخم والنهوض بالصادرات المصرية في قطاعات نستطيع التنافس فيها تضييق الفجوة التجارية الضخمة تلك. ما زلنا نرى تخبطا في القوانين والإجراءات المنظمة للاستثمار وتطوير الصناعة ورفع التأهيل للعمالة المصرية لزيادة القدرة التنافسية لمصر.
• وبالنسبة للمالية العامة، فما زلنا أيضا نرى سياسات التعتيم المعلوماتي ونقص الإفصاح اللازم لمشاركة المواطن في مراقبة الانفاق العام ومحاسبة المقصرين وسد منابع الإهدار التي يراها المواطن بعينه ويسبب مقاومة شديدة منه لأي إجراءات اصلاح مالي تنتقص من دخله هو فقط دون ان يتزامن ذلك مع علاج لمواطن الخلل المالي المزمن في إدارة موارد الدولة. على سبيل المثال فقط لا الحصر، ما زال المواطن يسأل عن موارد الصناديق الخاصة واوجه انفاقها وما زلنا لا نرى أي تحرك ملموس من الحكومة لمعالجة هذه المشكلة
محمد أنور السادات
عضو مجلس النواب