حوار – محمد خيال:
• البلد لا تتحمل فوضى أو ثورة ثالثة.. وعلى البرلمان فتح أبوابه للناس
• كثير من القرارات والسياسات الحالية تحتاج لمراجعة.. والشعب غير راضٍ عنها
• أسعى لإعادة الحكم للشعب.. وإرساء دولة العدل والقانون قمة أولوياتى.. لابد أن تفهم الناس أنه لا يوجد حكام آلهة، وزمن الزعامات والرئيس الكاريزما انتهى
• سكوت الشعب على القرارات الاقتصادية الصعبة ناتج عن الخوف
• أزمة سد النهضة لا تحتمل المراوغة وعلى مصر التوجه فورا للمنظمات الدولية
• على السعودية وقطر والإمارات وقف تعاقدات السلاح مع أمريكا حتى يتراجع ترامب عن قرار نقل السفارة إلى القدس
أعلن رئيس حزب الإصلاح والتنمية عضو مجلس النواب السابق محمد أنور السادات، عزمه الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه قال إنه يرفض دور «المحلل»، مشيرا إلى عكوف لجان عدة حاليا على تجهيز برنامجه الانتخابى، والتواصل مع المحافظات للتنسيق بشأن الحصول على التوكيلات اللازمة للترشح.
وأوضح السادات، فى حوار مع «الشروق»، أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا فى النصف الأول من يناير المقبل، لإعلان موقفه النهائى من الترشح، الذى سيتحدد على ضوء المشهد السياسى، وضمانات إجراء عملية انتخابية حقيقية.
وإلى نص الحوار:
• هل لا تزال متمسكا بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
ــ أعلنت فى السابق عزمى الترشح والنية لدىّ موجودة، لذا سأخوض السباق المقبل، لكن تحديد الموقف النهائى من الترشح سيكون خلال مؤتمر صحفى فى النصف الأول من يناير المقبل، والقرار يتوقف على المشهد العام، فنحن تابعنا موقف رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق من الترشح، الذى أعقبته حالة من الصمت والهدوء، بالإضافة إلى كثرة علامات الاستفهام التى دارت حول موقفه النهائى، ونحن فى حاجة إلى الاطمئنان، حتى لا يقال إننا نخوض السباق كـ«محللين» للرئيس أو أننا نقوم بدور الكومبارس، لذا سنخوض التجربة لأن هناك نية للمنافسة الحقيقية، ومخاطبة الشعب من خلال ملامح ورؤية نرغب فى تحقيقها.
• هل بدأت باتخاذ خطوات عملية استعدادا لخوض الانتخابات؟
ــ أعمل حاليا من خلال لجان عدة على وضع ملامح وفلسفة البرنامج الانتخابى، فهناك مجموعة تعمل على الإعداد والتواصل فى المحافظات لجمع التوكيلات الخاصة بالترشح، فيما تعمل مجموعة ثانية على وضع آلية تبرعات الحملة، فضلا عن مجموعة ثالثة لمتابعة الموقف مع الهيئة الوطنية للانتخابات، باعتبارها الجهة المعنية.
كما خاطبنا اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات بشأن مخالفات الحملات الداعية لترشح الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية، خاصة أنها تعمل قبل فتح باب الترشح، كما ظهرت حملات لتجميع توقيعات من موظفين فى المصالح الحكومية، وهو من المفترض ألا يحدث، ومن هنا نطالب الهيئة العليا بإعلان موقفها بشأن هذا الأمر.
• ما هى العوامل التى ستحسم قرارك النهائى بشأن الترشح من عدمه؟
ــ هناك معايير تتعلق بضمان الحيادية، واستعداد الناس الذين التقيت ببعضهم فى المحافظات، وبعض القوى السياسية الموجودة فى المشهد السياسى من أحزاب وشباب، ونريد منافسة حقيقية حتى إن لم نوفق، وحينها نكون على الأقل حققنا رقما يجعل الفائز فى الانتخابات يأخذه فى الاعتبار، ويجعله يدرك أن هناك نسبة كبيرة من الشعب غير راضية عن قرارات وسياسات وأوضاع كثيرة تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر.
• ما الفرق بين التجربة التى تعتزم تقديمها وتجربة المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى؟
ــ أنا كمرشح للمرة الأولى حريص على أن أطمئن إلى أن هناك فرصة منافسة حقيقية، وفى المقابل أفكار وبرنامج حمدين قد تكون مختلفة عن أفكارى وبرنامجى، لكننى فى النهاية أتصور أن الحق فى الترشح حق دستورى، ولا يوجد رئيس سيعيش للأبد، أو يظل فى منصبه سنوات طويلة كما كان يحدث فى السابق، «لازم الناس تفهم أنه لا يوجد آلهة، وزمن الزعامات والرئيس الكاريزما انتهى»، وفى الوقت الراهن أى رئيس يقضى وقته سواء كان مدة أو اثنتين يغادر المنصب ويأتى غيره، كما أن زمن خروج نتيجة الانتخابات بـ99.9% انتهى، ويجب أن يتعامل الناس مع هذا الواقع ولا يخشونه.
• هناك أصوات عدة تفضل أن يكون المرشح الرئاسى قادما من «دولاب الدولة» ليكون قادرا على إدارتها.. كيف ترى ذلك؟
ــ بالطبع، سمعت مثل تلك التصريحات بمبرر عدم وجود صعوبة أمام المرشح فى إدارة الدولة أو إعاقته من جانب بعض المؤسسات حال فوزه فى الانتخابات، وتجربة الرئيس الأسبق محمد مرسى، خير مثال على ذلك، حيث واجه صعوبة فى ممارسة دوره، لأن «دولاب الدولة» وأجهزتها لم يكونوا يقبلونه، خاصة أن جماعته ــ أى الإخوان ــ لم تنجح فى احتواء القوى السياسية.
• هل تخشى حملات التشويه والتخوين؟ وكيف ستتعامل معها حال ترشحك؟
ــ نحن معتادون على مثل تلك الحملات حتى قبل إعلان نية الترشح، فأى سياسى، أو صوت حر، يختلف مع النظام، دائما ما يجد هجوما عليه من صحف وفضائيات بعينها، لكننى أتوقع توقف هذا الأمر فى الفترة المقبلة، لأنهم فى حاجة إلى وجود انتخابات حقيقية، «وإذا كانوا سيشوهون كل الناس، فلن يجدوا مرشحا واحدا».
كما أعتقد أن المجلس الأعلى للإعلام، ومؤسسة الرئاسة نفسها وبعض الأجهزة، سيكون لهم تأثير فى وقف مثل تلك الحملات، لأن استمرار ذلك يعنى عدم نزول أى مواطن من منزله للإدلاء بصوته، فغياب الناخبين يعد المشكلة الأساسية التى تتسبب فى إزعاج المسئولين، وإذا لم يشعر المواطنون أن هناك انتخابات حقيقية فلن يخرجوا من منازلهم، وسنجد نسبة المشاركة فى التصويت محدودة، بشكل لا يعطى الصورة المطلوب تصديرها للداخل والخارج، لتأكيد شرعية أى رئيس قادم.
• هل تتوقع إعلان أسماء بارزة عزمهم الترشح لسباق الانتخابات الرئاسية؟
ــ لا أعتقد ذلك، فمن خلال متابعتى لا أرى أحدا على الإطلاق، أو بمعنى أصح كل من يصلح ليكون مرشحا حقيقيا متراجع للوراء، فالبعض يرى أن الفرص ضعيفة، والبعض الآخر يرى أنه سيتعرض لهجوم، لكن على حد علمى وفى أسوأ الظروف سيتم الدفع بمرشحين، فلن يترك الرئيس السيسى مرشحا بمفرده فى الانتخابات، وأنا أعرف ذلك.
• ما هى خطورة خروج الانتخابات فى «صورة هزيلة»؟
ـ لن تعطى مصداقية للنظام السياسى، فى وقت نتحدث فيه عن بلد يتطلع إلى تحقيق تنمية وشراكات دولية كبيرة، كما لابد أن يشعر الشعب نفسه بأن هناك انتخابات حقيقية ومنافسة، ولابد أن يرى العالم ذلك، ويفوز من يفوز فى النهاية، لكن أن يتحول الأمر إلى مبايعة أو استفتاء ــ مثل الأنظمة القديمة ــ ففى هذه الحالة لن يكون هناك معنى لثورتى 25 يناير و30 يونيو.
• وما هى أولوياتك حال الفوز بمنصب الرئيس؟
ــ الإنسان يأتى على قمة أولوياتى، والبداية يجب أن تكون انطلاقا من إرساء دولة العدل والقانون والمساواة والمواطنة، والتحدى الأساسى سيكون حكم الشعب لمؤسساته المنتخبة، فهو الآن لا يحكم، لأنه ليس له دور أساسى فى المؤسسات القائمة، لذا أريد إعادة هذا الحكم له، وهذا ما سيتم تقديمه بشكل واضح خلال الرؤية التى سأطرحها فى منتصف يناير المقبل.
• نظريا، تكاد رؤيتك تتطابق مع ما يطرحه الرئيس السيسى.. لكن هل توجد عوامل مثل محاربة الإرهاب قد تؤجلها؟
ــ للأسف، نحن بالغنا جدا فى مسألة محاربة الإرهاب، حتى أصبحت شماعة نعلق عليها مد حالة الطوارئ وبعض القرارات التى تتخذ دون استشارة أحد ودون أى معنى، كما غابت أمور كثيرة عن البرلمان تحت مبرر الطوارئ، فضلا عن التضييق على المجتمع المدنى والإعلام والصحافة، وجميع ذلك يتم تحت مسمى «مؤامرات وإرهاب».
يجب أن نغير من العقلية الحالية، وسنحارب الإرهاب عندما تقام دولة العدل والقانون، مع وجود مجتمع منفتح، تمارس فيه الحريات وتشجع الأحزاب، حتى لو كانت ضعيفة، ونحن لا ننكر أنها ضعيفة بالفعل فى الوقت الحالى، لكن الدستور ينص على أنها وسيلة النظام السياسى، والانتقال السلمى للسلطة يتم عن طريق ممارستها دورها.
• هل ترى تفهما حقيقيا من الشعب للقرارات الحكومية الاقتصادية الصعبة خلال الفترة الأخيرة.. أم أنه سكوت بدافع الخوف؟
ــ أعتقد أنه خوف بالطبع، كما أن الناس تعبوا كثيرا خلال السنوات الأخيرة، لكن هذا لا يمنع أن هناك جزءا بسيطا من الصبر والتفهم، بينما الجزء الأكبر من الناس غاضبون، خاصة عندما يرون الكثير من مظاهر البزخ والإنفاق غير المبرر فى احتفاليات ومشروعات ليست أولوية، ما يجعل المواطن يتساءل «كيف نقول إننا بلد فقير، ثم نتصرف كإحدى دول النمور الآسيوية»؟!!.
كما نرى عددا من «القرارات العجيبة»، ومنها على سبيل المثال فرض رسوم إغراق على الحديد المستورد، لصالح 3 مصنعين كبار للحديد، فكيف أدعم هؤلاء على الرغم من حصولهم على مواد خام رخيصة وتسهيلات كبيرة، وفى المقابل نجد سعر الحديد المستورد من الصين وتركيا وأوكرانيا أرخص من مثيله المصرى بأكثر من 1500 جنيه، حتى بعد إضافة مصاريف النقل؟!!.
أتمنى عدم تعبير المواطنين عن الغضب من زيادة الأسعار المتوقعة مع بداية العام الجديد فى شكل فوضى، فأنا على قناعة بأن مصر لا تتحمل فى ظروفها الحالية أى حالة غضب فى الشوارع، وهذا يتطلب أن يفتح البرلمان أبوابه للناس ويمتص غضبهم، عبر لجان وجلسات استماع، يحاول مع الحكومة تخفيف آثار الهجمة المتعلقة بارتفاع الأسعار، كما يجب منح منظمات المجتمع المدنى فرصة بالوجود فى المحافظات والقرى التى تحتاج لمساعدة ودعم، لكن للأسف ما يحدث من خنق لمنظمات المجتمع غير مبرر، فلا أحد يعمل ضد الأمن القومى، بينما تم قتل منظمات المجتمع المدنى من خلال القانون المفترض أنه ينظم عملها.
• كمرشح محتمل.. كيف ستتعامل مع قضية «تيران وصنافير» وتهديد إثيوبيا حصة مصر من مياه النيل؟
ـــ موقفى من قضية تيران وصنافير واضح من البداية بعدم التفريط فيهما، تأييدا لحكم قضائى صادر بذلك، وكان على مجلس النواب عدم التعرض للقضية فى ظل الأحكام القضائية، لكن أما وقد حدث، فأرى أنه لابد من فتح حوار مع الجانب السعودى مرة أخرى عبر تفاهمات بشأن مستقبل الجزيرتين، حيث يجب أن تظل سيادة مصر عليهما لأسباب تتعلق بالأمن القومى المصرى والعربى.
وفيما يخص ملف مياه النيل، للأسف أرى أننا تساهلنا ــ وبحسن نية ــ عبر التوقيع على وثيقة مارس 2015 والمعروفة بـ«إعلان المبادئ»، التى أتاحت لإثيوبيا الحق فى الاستمرار فى بناء السد، دون أن تضمن لنا أى تأكيدات على حصتنا التاريخية من المياه.
الوضع بات لا يحتمل المراوغة، ويجب أن تتجه الدولة فورا إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى، ومحكمة العدل الدولية فى لاهاى، لطرح الأمر، وللأسف حتى الآن لم نتحرك ولا يزال العض يتعامل على أن هناك أملا فى استماع أديس أبابا.
• ما تقييمك للموقف العربى بشأن قرار الرئيس الأمريكى الخاص بالقدس المحتلة؟ وكيف يمكن مواجهة القرار فى تقديرك؟
– دونالد ترامب رجل أعمال ولا يفهم غير لغة المصالح، ونحن لا نزال نملك أدوات للضغط، وأنا أول من دعا أمين عام الجامعة العربية، ورئيس الجمهورية وشيخ الأزهر، لعدم استقبال نائب الرئيس الأمريكى خلال زيارته المرتقبة لمصر، وعلى دول مثل السعودية وقطر والإمارات «أصحاب أكبر تعاقدات على السلاح الأمريكى والتى تقدر بالمليارات»، وقف وتجميد تلك التعاقدات إلى حين إعادة وجهة النظر الأمريكية فى القرار، فهذه هى اللغة التى يفهمها ترامب.
على الجميع أيضا التحرك بشكل سريع قبل أن تلحق دول أخرى بالولايات المتحدة وتتخذ قرارات مماثلة، فقد أعلنت التشيك نيتها ذلك، وللأسف نجد دولتين إفريقيتين هما غانا وتنزانيا أعلنتا موقفهما بشأن تأييد القرار، لذا يجب على مصر الحفاظ على استمرار واحتواء المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس، حتى تكونا جسما واحدا للفلسطينيين فى مرحلة الجلوس على مائدة التفاوض.