جميل أن تستضيف مصر المنتدى العربى الثانى للمياه خلال الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر الحالى، والذى يعقد تحت رعاية جامعة الدول العربية ووزارة الموارد المائية والرى تحت شعار ” التعايش مع ندرة المياه “، بهدف إعداد قانون المياه العربية المشتركة.
خاصة وأن متوسط نصيب الفرد من مياه نهر النيل يتناقص سنوياً مع ثبات مواردنا المائية إلى جانب الأخطار الداخلية ” ما نفقده من المياه ” والخارجية التى تتمثل الخلافات بين مصروبعض دول حوض النيل ليس حول مشروعات المستقبل ، بل وحول نصيب مصر فيما تحصل عليه من مياه وفقاً للاتفاقيات الدولية المبرمة فى العقود الماضية .
لو عدنا بالتاريخ قليلاً إلى الوراء نجد مصر منذ تنفيذ مشروعات الري في عهد محمد علي باشا وبناء السد العالي في بداية ثورة 1952م , تبنت سياسات وتقنيات فعالة فى مجال الزراعة وادارة الموارد المائية لدعم التنمية البشرية فى كافة أرجائها ، ومن المفترض أنه بمرور الوقت تتحسن أساليب إدارتنا لملف المياه لكن للآسف لا نمتلك مهارة إدارة الأزمات.
ولأن الشئ بالشئ يذكر ،، فقد تقدمت منذ سنوات بمشروع قانون لتنظيم استخدام المياه فى مصر يتضمن المشروع الذى حمل عنوان” ترشيد استهلاك المياه ” ضرورة استخدام وسائل الرى الحديثة فى الزراعة “، مع إقرار ” طابع للمياه ” يحصل لخزانة الدولة كرسوم على الاستخدام الترفيهى والصناعى للمياه ويفرض على ملاعب الجولف والنوادى الرياضية والملاهى المائية ومحطات البنزين والحدائق الخاصة بالفيلات والقصور، وأصحاب المنتجعات السياحية على جانبى طريق مصر إسكندرية الصحراوى وغيرهم. لكن كالعادة حفظته الحكومات السابقة كغيره فى الأدراج .
لم يعد أمامنا الآن إلا تعلم حرفية التعامل الإقليمى والدولى مع ملف المياه ، وثقافة الاستخدام الأمثل ، والبحث عن موارد مائية جديدة ، وإعداد إستراتيجية كاملة لتحقيق الأمن المائى العربى ، ووقف الهدر المهول في مجال الري وتأمين المياه الجوفية بالوادي والدلتا وصحراء سيناء, وكذلك الاستفادة من مياه الامطار والسيول في زراعة مراعي موسمية لتنمية الثروة الحيوانية ، التوسع في اساليب الري الحديثة بالاراضي القديمة ، ومراجعة خطة التوسعات المستقبلية في توشكي وشرق العوينات والدلتا وغيرها بما يتناسب مع اقتصاديات الموارد المائية المتاحة.
والاستفادة من نتائج ابحاث جلب السحب والامطار، وتقليل فاقد محطات وشبكات المياه ، إلى جانب فاقد بحيرة ناصر حوالي11 مليار م3 سنويا ، والاخذ باعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي في زراعة محاصيل معينة, واستحداث انظمة ري قادرة علي فصل الملوثات وضبط نوعية المياه المعاد استخدامها ، ومراجعة انتشارالبحيرات الصناعية ، وكذلك ملاعب الجولف وحمامات السباحة للطبقات المرفهة ، وتخصيص دور ثابت للإعلام تحت اشراف وادارة متخصصة لتوعية المواطنين بسبل الحفاظ علي المياه ، هذا إلى جانب إعادة النظرمن جديد فى مشروع غرب الدلتا الذى أقيم لخدمة رجال الأعمال والمستثمرين “مافيا الاستيلاء على الأراضى” .
الأهم من هذا كله قناعتنا الداخلية وإحساسنا بكم الخطر الذى يواجهنا بعد تأكيد الخبراء بأن مصر ستعانى من نقص شديد فى الموارد المائية خلال السنوات القادمة ، بما يتطلب منا أن نشارك جميعاً كل منا قدر إستطاعته لكى نتغلب على تلك المشكلة، ونعبر تلك المرحلة بنجاح .