27أغسطس

نار تغلى داخل صدور وقلوب كل المصريين، جموع ثائرة، ومشاعر غاضبة.. ودماء تكاد تغلى داخل عروقنا، رفضاً لما قامت به اسرائيل من اعتداء على السيادة المصرية، وإزهاق أرواح شهدائنا، لتمضى فى بطشها معتقدة ان الحدث الذى قامت به سوف يمر مرور الكرام.

ألم تعلم اسرائيل أن ثورة يناير قامت من اجل الثأر لكرامة المصريين التى فرط فيها النظام السابق، ولم يضع لها فى حساباته أى اعتبار؟ ألم تدرك اسرائيل أن عقارب الساعة قد غيرت اتجاهاتها، وأن الشعب المصرى قد استرد بالفعل بلاده ومقدراتها، ولن يسمح بأى اعتداء أو انتهاك لسيادته، وأن شعارات ضبط النفس، وتقبل التبريرات والتعليق على شماعة الأخطاء، كلها أمور لم تعد تنفع الآن.

ان لم تكن اسرائىل ترىأن مصر قد تغيرت فهى عمياء، وإن لم تكن تشعر بالتغيير فهى لاشك تعانى من تبلد الاحساس، وان لم تكن تعلم ان بركان الغضب المصرى من أفعالها لن يخمد قبل ان يتم القصاص لشهدائنا، فقد افتقدت شيئاً هاماً وهو الحكمة التى تستطيع ان تقدر بها حجم الأمور.

ما قامت به إسرائيل يعنى لاشك انها تتربص بنا وتتحين الفرصة لذلك، فبمجرد ان وقع حادث الحافلتين، انقلبت كفة الميزان ضد مصر، وخرج «إفخاى أورغى» المتحدث باسم جيش الدفاع الاسرائيلى، ووزير الدفاع الإسرائيلى «ايهود باراك» زاعمين ان مصر تفقد السيطرة على سيناء، واتهموها بتراخيها فى تسلل البعض الى اسرائيل، وتناسوا ما فعلوا وكأننا نحن من قتلنا الشهداء..

اليوم توحدت القوى والتيارات السياسية التى شاركت من قبل فى الثورة، ثم تفرغت بعدها للتناحر والصراعات والخلافات، وعادت الشعارات الواحدة والروح الواحدة التى لا تجعلنا نشعر بالقلق والتشرذم والانقسام او الخوف على مستقبل هذا البلد.

إن الإدانة والشجب والاستنكار لم يعد له مكان عندنا، واننا لا نريد او نتمنى ان نخوض حرباً مع اسرائيل،ولا ينبغى ان نسعى لذلك، لا خوفاً ولا تفريطاً لكن إعمالاً للعقل والحكمة، وادراكاً لمصلحتنا الأولى، واننا وهم فى الحقيقة غير مستعدين لذلك ولا يجب ان يدفعنا الغضب الى الانجراف وراء العاطفة دون تقدير للأوضاع، ومن ثم الدخول فى نفق مظلم قد يفقدنا الكثير في آنة يفترض اننا نسعى فيها لبناء مصر.

ينبغى أن تعلن السلطات المصرية موقفاً محدداً لضمان عدم ضياع حق الشهداء، وان نساند النظام السياسي الحالى والمتمثل فى المجلس العسكرى فى ظل الاوضاع الراهنة المتأزمة داخلياً وخارجياً حتى يتمكن من مواجهة الأزمات الخارجية، ومحاكمة المسئولين الاسرائيليين عن اتخاذ قرار الاعتداء والذين قاموا باختراق الأراضى المصرية وقتل الشهداء، والقيام بمشروع «صناعى ـ زراعى» لتنمية صحراء سيناء وتوطين المصريين بها درءاً لمطامع ومساعى الإسرائيليين لتوطين بعض الفلسطينيين بسيناء بحجة التخلص من التكدس فى قطاع غزة، وان يعاد النظر فى كامب ديفيد، لأنه تم توقيعها فى آونة كانت لها ظروفها ومقتضياها،وحان الوقت لأن يجلس الطرفان «المصرى ـ الإسرائيلى» على ضوئها لمناقشة اعادة ترتيب الاوضاع الأمنية وزيادة عدد القوات المتواجدة فى المنطقة «ج» بالجانب المصرى حفاظاً على أمن وحماية االحدود الفاصلة بين البلدين وعدم اتاحة الفرصة لأى مخططات ارهابية.
إن الخلل الأمنى والعسكرى الذى تشهده حدودنا مع اسرائيل والذى أدى الى هذه المأساة وما سبقها، يستوجب علينا ان نبكر بموعد انتخابات الرئاسة لتكون تالية لانتخابات مجلس الشعب وقبل وضع الدستور، حتى تستقر مصر، ونمضى بخطى ثابتة ومناخ مناسب لبنائها وتعميرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.