12أكتوبر

ميز الله الإنسان علي كافة مخلوقاته بالعقل والتفكير.. واختصه بعقل وذاكرة.. تعي وتستوعب التاريخ بأحداثه وبكل تفاصيله.. وإعمال العقل في المقارنات.. وتطابق الأحداث الراهنة مع التاريخية.. لاستنتاج منهج حياة يرضي الله سبحانه وتعالي ــ عنها وعن أصحابها وينير لها الطريق الصحيح والمستقيم لرفع شأن الإنسان والإنسانية علي الأرض. وحياة الأمم والشعوب وتاريخها تسير في موجات متلاحقة.. ما بين ارتفاع وانخفاض.. وما بين موجة عاتية جبارة تأخذ وقتها وتنتهي وتنكسر علي الشاطئ وتصير زبدا ورغوا تتطاير مع الهواء.. وموجة صغيرة ومنخفضة.. تكاد لا تصل إلي الشاطئ وتتلاشي قبل وصولها. وأكثر الأحداث جدلا وصخبا.. تلك الأحداث التي تغير مسار وتاريخ أمة وشعب.. وقد كانت الحروب والمعارك العسكرية الأكثر تأثيرا علي إعادة تشكيل الدول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ومعركة عين جالوت التي وقعت احداثها يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658 هـ 6 سبتمبر 1260م بين التتار وجيش مصر بقيادة قطز.. من تلك المعارك والحروب التي غيرت وجه الدولة الإسلامية في ذلك الوقت حتي عهود ليست بالبعيدة. ولنا في تلك المعركة والمواجهة عبر ودروس مازلنا ونحن الان في عام 2006 نسترجعها ونستشف منها نقاط القوة والضعف.. بل إننا تعدينا ذلك إلي التحليل النفسي لأبطال تلك الملحمة التاريخية.. ونتمادي ونستفيض في البحث إلي حد اننا قد نتهم أياً من هؤلاء القادة التاريخيين في تصرفاتهم وسلوكهم في المعركة وبعدها!! وكتاب التاريخ والمؤرخون يكتبون ويحللون ويدرسون دقائق الأحداث.. وقد يكون لخيالهم مكان وسط الاحداث الفعلية!! ومرورا بالتاريخ الإنساني للدولة المصرية منذ عام 1260 وحتي 1973. منذ معركة عين جالوت وحتي حرب أكتوبر 73.. لم نجد أحداثاً تستحق ان يقال انها غيرت تاريخ شعب وأمة مثل حرب اكتوبر 73.. وحرب 1973 شأنها شأن معركة عين جالوت.. كتب فيها كل من عاصرها ومن لم يعاصرها.. ودرستها جميع الجهات البحثية العسكرية والمدنية ــ علي حد سواء ـ وعلي المستوي العالمي.. والمحلي.. ومنحت الجامعات والمراكز البحثية الدرجات العلمية للباحثين تقديرا لجهودهم في ابحاثهم. وان اختلفوا مع نظرائهم ــ الأحياء والأموات ــ علي الادوار المؤثرة علي تلك الحرب بالايجاب أو السلب ولكننا لم نر أو نسمع ان يتم محاكمة شخص ــ ايا كان انتماؤه أو عقيدته ــ علي رأيه في أحداث اغتيال مضي عليها أكثر من 25 عاما.. وأغلقت القضية وعوقب مرتكبوها. ان توارد الأفكار واسترجاع أحداث تاريخية ومحاولة قراءتها مرة أخري هي من الطبائع الإنسانية والطبيعة الفطرية.. التي فطر الله الإنسان عليها تلك الطبيعة تظهر حية وواضحة لهؤلاء الذين لهم ادراك حسي عال ومسئولية تاريخية أمام الناس.. ومحبة متبادلة مع العامة ومع طوائف الشعب تجعلهم ينطقون بما في عقول هؤلاء البسطاء ويترجمون ما يدور في خلدهم وأفكارهم إلي كلمات قد لا تتفق مع الآخرين وثوابتهم وتتعارض مع حقائق وواقع.. نعلم جيدا انها حقيقة وواقع تاريخي (حادث المنصة) ونعلم كافة الملابسات والعواقب التي صاحبتها.. تلك الحالة وضحت جلية في موضوع النائب/ طلعت السادات.. وتحيله إلي محاكمة عسكرية لسماع أقواله وشهادته في واقعة تاريخية بكافة زواياها وماترتب عليها من محاكمات للمتسببين فيها فهل تلك الأطروحة والفكرة التي طرحها في مجمل أقواله علي إحدي الفضائيات تستدعي كل تلك الجلبة؟.. ولو كان الامر هكذا.. فلماذا لا نحاسب اصحاب الفتاوي الدينية التي تطرح كل ساعة علي البرامج الفضائية وليس لها سند من القرآن ولا من السنة الشريفة؟ وتؤثر تأثيرا مباشرا في حياة الناس بل احيانا علي الاقتصاد المصري كله.. حين يتكلمون عن فوائد البنوك؟؟ ايهما أحق وأولي ان نهتم به؟ موضوع تاريخي مر عليه 25 عاماً؟ أم موضوعات تمس كل بيت وكل مؤسسة اقتصادية الآن؟ نحن الان نمر بمنعطف تاريخي هام وخطير في التحول من الاقتصاد الموجه إلي الاقتصاد الحر ومن السياسة المنفردة إلي السياسة المرتبطة بالديمقراطية.. والمشاركة الشعبية فيها من خلال الاحزاب والكيانات السياسية وجماعات الضغط الاجتماعية والمجتمع المدني.. تلك الفترة تحتاج منا إلي الكثير من سعة الصدر واتساع الأفق والصبر وسماع كافة الآراء والافكار.. مهما كانت درجة تشعبها وخروجها عن المألوف والثابت في قوانين السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع.. فهذا يخلق رأيا حرا مستنيرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.