17يونيو

أكثر من خمسة آلاف عاما مرت علي مصر منذ العهود الفرعونية وعصر الأسرات .. وحتي اليوم .. لم تتغير خريطة مصر كثيرا .. ما بين دلتا النيل وصعيد مصر .. والصحراء التي تحيط بها .. وتوالي الحكام وانظمة الحكم عليها … وهي ارض راسخة ومستقرة.. وبشر متحركون… يحكمون مرة بالعدل ومرات بالظلم .. والشعب كما هو منذ هذا العهد … وصحراء مصر الممتدة الشاسعة تعطي خيراتها للظالم والعادل بلا تفرقة … فهي عطاء متجدد ونبع لا ينضب .. ولا ينتهي .. صحراء مصرية جرداء .. ومع هذا تعطي ذهبا وفضة .. يصنعها ملوك الفراعنة قلائد لهم ولزوجاتهم وأبنائهم .. صحراء واسعة مسطحة حارقة تعطي بترولا وغازاً طبيعياً في ايامنا الحالية … يصدره الحكام بأبخس الأسعار .. وكأنه منحة للعالم تعطيها مصر للعدو والحبيب .. بلا تفرقة .. مصادر الدخل القومي لمصر5 بنود تدرس في المدارس الابتدائية والمعاهد وهي ..قناة السويس و البترول و السياحة و تحويلات المصريين العاملين بالخارج .. والتصدير ..وهي مصادر الدخل القومي للدولة ، المعلنة والمعروفة ..وأخير أضيفت إليها عملية بيع صحراء مصر للبنود الخمسة لتكون ستة بنود !!! .. في غفلة من الزمن … وأصبحت من الثوابت الاقتصادية في مصر !! ولم يفكر أحد في خطورة هذا البند ..
وفي تلك الأيام تثار قضايا بيع الأراضي .. أراضي مصر الصحراوية والساحلية .. ويتم التركيز بصفة خاصة علي أراضي سيناء … وسيناء لها خصوصية في نفس كل مصري.. ولا أزايد علي أهميتها .. ولكن الثمن الذي دفع فيها أكبر بكثير من تلك الملاليم التي تباع … او بيعت به ! وحتي اذا كان الثمن الذي ستباع به باليورو أو بالدولار الأمريكي فالمسافة المادية والأخلاقية والوطنية .. بعيدة جدا عن الواقع …
مصر … تبيع – تحت وطأة الحاجة الى التنمية و التقدم و اللحاق بركب الحضارة – أرضها !
مصر تبيع أرضها لتوفر نقداً يماثل دخلها من قناة السويس ( على سبيل المثال ) .. مع ان لديها غازاً طبيعياً يتفجر من صحرائها .. يباع بأقل من قيمته الحقيقية .. تحت مسميات ( السياسة و الاقتصاد العالمى و المصالح الخاصة .. الخ) ولديها مواقع فى الصحراء .. لها تصنيف دولى بأنها من أنسب المواقع على الأرض صلاحية للمشروعات الاستثمارية العالمية – بخلاف المشروعات السياحية – ولا تلتفت إلي استثمارها استثمارا وطنيا ..
مصادر الطاقة التقليدية في العالم تنضب مع مرور الوقت ( البترول ) وفي استطاعة مصر بموقعها ان تنتج طاقة نووية نظيفة تدفع بها للأمام خطوات بل وقفزات .. علي صحرائها المعروضة للبيع !!!
ما معني ان نمتلك مئات الآلف من الأمتار من الأراضي في سيناء أو في أي مكان آخر في مصر ( توشكى / شرق التفريعة /… الخ ) ولا نستطيع ان نعمرها او نقيم عليها مشروعات ….؟؟ وما معني ان نضارب بسعر الأراضي المصرية في بورصات الخليج ونرفع أسعارها .. ارتفاعا مصطنعاً .. وغير حقيقي .. وسرعان ما ينهار … ويعود لأصله .. ويخسر المستثمرون الهواة ثرواتهم وأملاكهم ؟؟
لم نعمر الأرض …. ولم نضرب في الأرض …. وهو ما أوصانا به الله ، وأمرنا …فهل مخالفة شرع الله ستصل بنا الي تنمية وازدهار … ؟؟
لا أظن .. إنني أطالب بوقفة .. وإعادة نظر، في كل ما يخص تملك أراضي الدولة تحت أي مسمي ..وان تصدر القوانين والتشريعات التي تحمي تراب وأرض مصر من الانهيار الاقتصادي .. وأطالب أن تتدخل الدولة تدخلاً ايجابياً في تنمية الصحراء بعيدا عن سياسة البيع للبيع .. وامتلاك أوراق مالية زائلة .. وبالأمس كان هناك روح وشعور بالانتماء للبلد يعلو فوق كل غال وكل ثمين واليوم أختفي هذا الشعور وظهر بدلا منه روح الجشع والطمع في اقتسام ثروات البلد و سابقا ومنذ عشرات السنين لم نكن نعرف ظاهرة عملية بيع أراضي الدولة والمضاربة بالأسعار ولم تكن حركة الأعمار لها نصيب كبير مثل هذه الأيام .. ولذا فان من اللازم والضروري وضع قانون لتجريم الاحتكارات التي سبقتنا إليه دول كثيرة والتجريم وإصدار التشريعات من مسؤولية مجلس الشعب.. ومجلس الشورى .. وبيع أراضي الدولة لجهات أجنبية أو مصرية أو عربية متحالفة مع أجانب بغرض مشروعات وهمية .. مرفوض… ويجب ان يتصدي له كل وطني مصري .. وكل الكيانات السياسية والأحزاب .. مهما كان حجمها … وهنا نرجع الي دور الدولة في التنمية ..والذي تراجع كثيرا مع العلم بأنها هي الأقرب للاستثمار الآمن والبديل الصحيح للبيع…

أنور عصمت السادات
عضو مؤسس بحزب الجبهة الديمقراطية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.