! الأموات يتنفسون.. “حين ميسرة” وصلتني هذه المقالة مرفقة برسالة رقيقة من أنور عصمت السادات نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية قال فيها:”أتشرف بأن أرفق لكم مقالة قصيرة تعبر عن رأيي فيما يثار حاليا من نقد وتعليق علي فيلمي “حين ميسرة” و”هي فوضي” أرجو أن تتاح الفرصة لعرضها من خلال صفحتكم”.. ونظرا للطرافة والإثارة في كون نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية اختار أن يتحول إلي ناقد سينمائي، وإن تعمد تناول أفلام سينمائية تتبني هموما سياسية منحيا نفسه، وقلمه، عن ميدانه الحقيقي الذي يثير الجدل، من خلاله، في العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، نعرض ما كتبه، وكان سببا في أن يؤرقه، عقب مشاهدته لفيلمي “حين ميسرة” و”هي فوضي”. أقوي من كل المقالات وأقوي من كل اللقاءات السياسية.. وأشد تأثيرا علي الشعب بكل فئاته.. أن يشاهد فيلما سينمائيا ويتابع أحداثه ووقائعه.. وأن يقرأ لفاروق جويدة.. شعرا ووسط كل الأفلام التي انتجت في السنوات الثلاث الماضية كان فيلم “حين ميسرة” صرخة قوية في وجه واقع مرفوض من كل من رأي وشاهد هذا العمل السينمائي، فهو يصور مجتمع ما تحت خط الفقر.. الذي يعاني من تدهور في كل نواحي الحياة.. وكلمة عشوائي ليست التعبير الصحيح عن حال من يعيش في هذا المستنقع العفن.. بل الكلمة الصحيحة هي أموات يتنفسون!! السياسة كانت ممثلة في تواجد تلك الفئات البشرية.. وكانت السياسة في كلمات وردت علي لسان شخصيات هذا العمل.. حين يقول “احنا مش باينين!!”.. غير ظاهرين.. مخفيين.. حتي حين نتحرك ونمشي بين رجال السلطة.. ليس لنا وجود ولا حضور.. ولا اهتمام.. ولا نمثل خطرا أو تهديدا أو حتي نفعا لمن حولنا.. أموات نتنفس!! وحين يقول فاروق جويدة هذه بلاد.. لم تعد كبلادي.. فالغربة هي الخط الأساسي للقصيدة هنا فلماذا تحولت السياسة إلي محور لتلك الأعمال.. وكيف؟! أليست السياسة هي ممارسة الفرد للحقوق الإنسانية.. والحصول علي حد أدني للكرامة الإنسانية.. من مآكل وملبس وبيت وتعليم وعلاج؟.. فإذا كانت كل تلك الاحتياجات غير موجودة وغير متوافرة فكيف يعيش.. وإذا عاش فهو سراب.. ووهم.. ودخان.. إنه أمام خيارات صعبة.. يركب البحر ويواجه الموت.. كما وصفت القصيدة أم يعيش عيشة المتسول والبلطجي.. ويضرب بكل القيم عرض الحائط؟ كما في فيلم “حين ميسرة”؟ السياسة أصبحت في كل شيء في السينما وفي القصائد وفي كل مكان!