عام مضى، منذ إسقاط عضويتى من مجلس الشعب.. عام حمل من الهموم الكثير.. وبدايتها كان في مراجعة النفس.. ومراجعة جميع المواقف التي اتخذتها والتي واجهتها أثناء وجودى بالمجلس.. وبعد خروجى منه.. وكان حزب الجبهة الديمقراطية بالنسبة لي نافذة جديدة ومفتوحة لممارسة العمل العام يمكن من خلالها المشاركة في العمل السياسي واستثمار ما قمت به من بناء قاعدة جماهيرية متفاعلة وتريد المزيد من العمل في خدمة مصرنا الحبيبة. عامان.. انقضيا بين مجلس الشعب وحزب الجبهة.
والعمل السياسي الخلاق والمثمر.. هو ما يكون نابعاً من الشعب ومن المواطن البسيط.. الذى ينظر إلى المستقبل.. وينتظر الأمل فى حياة أفضل.. ترفعه إلي مستوى أعلي بقوانين ودستور وخطط تنموية ومشروعات اقتصادية.. وفرص تعليم حقيقية.. عام مضى.. أعطى لى دفعة قوية للاستمرار في العمل.. برؤية أوسع وأشمل.. وأكبر من محيط القرية.. وتمتد إلي العالم بأسره.. وعلاقات مصر الخارجية بمفهومها الشعبى.
عرفت الأبواب الأمامية للسياسة المصرية.. والأبواب الخلفية لها خلال العامين الماضيين.. وأدركت ألا يوجد علي الإطلاق اللون الأبيض ولا اللون الأسود فى كل الموضوعات والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وللأسف والقضائية.. ولكن هناك اللون الرمادي الذى يمثل الخلفية السائدة في كل الموضوعات تحت حكمة ومنطق ومبررات حفظ التوازنات ومراعاة الأبعاد الخارجية وتأثيرها علي مصر.
مظلومة كلمة مصر حين توضع بين كلمات الاحباط.. ومظلوم شعب مصر حين يفقد الأمل في سواد اللون الأبيض.. فهو شعب خلق ليكافح.. يكافح ويناضل كل شىء، من الاستعمار في القرن العشرين، إلي الاحتكار في القرن الحالى.. من التخلف الحضارى خلال القرنين الماضيين إلي الاستهانة به وبقدراته خلال هذا القرن.
ألا يستدعى ذلك الاحباط أن تكون لنا قضية ومهمة.. تكاد تكون مستحيلة، في رفع الظلم وشحذ الهمم للنهوض مرة أخري واللحاق بالحضارة العالمية في الألفية الجديدة.
مصر أرض الكنانة.. ومخزن الرجال.. تستحق أن يكون لى هدف أسعى لتحقيقه لها والعمل علي تفعيله وسط كل المتناقضات وكل التجاوزات التي تصدر ممن لا يعرفون التاريخ ولم يدركوا الصحوة الوطنية فى الشباب.
الأبواب الخلفية في السياسة في كل دول العالم عادة ما تكون ممثلة في التجمعات العرقية أو الدينية أو أصحاب رؤوس الأموال.. والولايات المتحدة الأمريكية خير دليل علي صحة هذا فهناك اللوبي الصهيونى.. الذى ىستطيع أن يهدم أي قرار ليس في مصلحته، ويستطيع أن يصنع قراراً لخدمة أهدافه.. أما في مصر فإن الأبواب الخلفية للسياسة لا تخرج سوي من باب واحد هو باب رجال الأعمال الذين يشكلون لوبياً مصرىاً مضاداً للقرارات التي لا تخدمهم.. ولا أعتقد أن مجموعة الإخوان المسلمين يشكلون لوبياً ضاغطاً وفعالاً في القرارات المهمة.. وذلك لعدم الاعتراف بهم ككيان سياسي ولا بتواجدهم العقائدى.. في مجلس الشعب.. ومحاربتهم في النقابات والمجالس المحلية.. وتقليص دورهم وتحديده علي جميع المستويات.. ورجال الأعمال المصريون لهم جماعات أخري مساعدة.. تفتح لهم الطرق وتمهد لهم الموضوعات والمشاريع.. وتلك الجماعات تتمثل في شكل جمعيات ومنظمات اجتماعية واقتصادية تقف إلي جوارهم.. بجانب بعض رموز وتيارات النظام.
الأبواب الخلفية فى السياسة كثيرة.. وليس بالضرورة أن يكون الدخول والمشاركة فيها بالصفة الرسمية والتقليدية.. ولكن من خلال أي عمل عام.
منذ أكثر من 50 عاماً مضت.. ظهر حزب الخضر في فرنسا.. وكان وقتها شىئاً جديداً علي الحياة السياسية.. واعتبرها المراقبون السياسيون – وقتها – تقليعة »موضة..!!« ستنتهى.
وينساها الناس والتاريخ.. ولكن حدث العكس تماماً.. وأثبتت الأيام والسنوات أنها تحرك قوي للمجتمع المدنى تجاه قضايا بلده.. وكانت له آراء مضادة لسياسة الدولة الخارجية.. ووقف هذا الحزب أمام السفن العملاقة التي تعمل بالطاقة النووية.. ليعرقل مرورها بالمياه الإقليمية لفرنسا.. حفاظاً علي البيئة وحفاظاً علي أمن الناس.. ونجحت تجربته وأوقف كثيراً من نشاطات مصر لا تختلف كثيراً عن تلك النماذج.. فالشعوب دائماً ما تكون كلها مشتركة في هدف واحد.. وهو الارتقاء بمستوي المعيشة.. والوصول لحالة الرخاء الاقتصادى.. أو علي الأقل، السعي نحو تحقيق تلك الأهداف بمختلف الوسائل.. أبواب أمامية أو خلفية.. أو حتي نوافذ ضيقة!