23مارس

فجأة انتفض واستيقظ المواطن المصري البسيط.. الذي يصدق الجرائد القومية.. علي أنه له حق في الممارسة الديمقراطية، وأن ينتخب من يريد في بلدته ليمثله في المجالس المحلية!! وأن هناك أشخاصا هم أصلح لأن يكونوا علي رأس تلك المجالس ليصلحوا ما عجز الدهر عن إصلاحه..!!

انتفض المواطن من نومه الذي طال.. واستغرق سنوات وسنوات تقترب من عدد السنوات التي رقدها أهل الكهف واكتشف أن لديه بطاقة ولديه كينونة أنه مواطن مصري بالبطاقة وبالمولد وباللغة وبالدين، أيضا.. اكتشاف عظيم.. ونزل من سريره ونزع الغطاء الذي كان علي رأسه وجسده، وعقد العزم علي المضي إلي لجنة الانتخابات.. وتوكل علي الله العلي القدير.. خالص النية.. والنية لله..

وتتجه إلي الخير وإلي الحب في المشاركة.. في الاشتراك فيما يسمونه ديمقراطية، التي تكتب في اليوم مئات المرات وعلي صفحات كل الجرائد القومية والحزبية والصفراء والخضراء والحمراء.. وصحف كل لون، حتي المجلات الفنية والمسرحية.. والإذاعات والفضائيات وبرامج الحوارات الكلامية.. البيت بيتك ودارك والعاشرة والحادية عشرة مساء.. والقاهرة اليوم وغدا.. والمحور والمفصل!!

قابله الموظف المسؤول.. ونظر إليه نظرة تفحص بعين يملؤها الشك والريبة.. ونظر إلي الورقة التي معه والبطاقة الانتخابية.. وسأله أين كنت طوال كل تلك السنوات!! لماذا لم تجدد تلك البطاقة، ومن هذا الذي تريد أن تقدم أوراق ترشيحه؟؟ ألا تعلم أنه في المعتقل!! وكل أوراقه قد رفضت لعدم الاستكمال ولعدم صحتها ولعدم مشروعيتها.. أين كنت؟؟

أنت من أهل الكهف؟؟؟… لم ييأس المواطن ولم تخر قواه.. وقام في اليوم التالي ينوي الخير.. والنية لله.. متوجهاً إلي لجنة الانتخابات ليرشح نفسه بنفسه.. وبيدي لا بيد عمرو.. سوف أرشح نفسي عن العمال في المركز.. والجميع يعرفني ويحبني ويتمني لي الخير.

نظر إليه الموظف بنظرة استهجان وتفرس.. وقال له إنت مابتفهمش؟؟!! عمال إيه وفلاحين إيه وفئات إيه.. إنت منين؟؟ ومين وراك؟؟ عموما اترك ورقك.. وفوت علينا بكره.

صدق المواطن كلام الموظف.. وبعد ٢٤ ساعة ذهب إليه ليسأل عن أوراقه.. والمطلوب منه للترشح لمنصب كبير في المحليات.. فقابله الموظف.. وقال انت زي الفل!! تم التحري عنك في الأمن.. وفي منظمات حقوق الإنسان وفي المنظمات الدولية، وكلها أجمعت علي أنك غير موجود لديها وأنك شخصية وهمية وبيضاء، ألم أقل لك إنك زي الفل!!

فكيف أقبل ورقك وأنت أساسا غير موجود..!! عموما فكر تاني وارجع لنا بعد عامين في المحليات المقبلة.. يمكن يكون لك وجود.. وأقبل ورقك..!!

ذهب المواطن إلي سريره.. واستكمل نومه.. وفي الصباح اكتشف أنه كان يحلم!!

أنور عصمت السادات
نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.