خطاب الرئيس مبارك يوم 9 يونية أمام مؤتمر السكان الأخير طرح عدة تساؤلات ، أولها هل مشاكل مصر انحصرت كلها في السكان وعددهم ..؟؟ وهل النداء الذي وجهه الرئيس إلي العلماء والجمعيات و الأحزاب والجهات البحثية بضرورة العمل علي ضبط الزيادة السكانية والعمل علي توعية المجتمع بخطورة تلك الزيادة علي التنمية ..
تجارب الشعوب في التنمية لم تعلق أسباب زيادة السكان علي فشل تجاربهم السابقة .. تجارب الصين معروفة للجميع منذ أربعينات القرن الماضي … تجارب النمور السبعة … (ماليزيا وتايلاند وسنغافورة واندونيسيا و الفلبين و كوريا الجنوبية و تايوان ) تجربة ناجحة يعرفها العالم كله ويعرف كيف استطاعوا ان ينموا وفي أعناقهم مئات الملايين من البشر تعيش علي أرضهم .
ولست مدافعا عن الزيادة السكانية الغير منضبطة او الزيادة السكانية العشوائية التي نراها في القري وفي المجتمعات الأقل تعليما .. وأعتبرها نعمة من الله .. ولكن أسباب التخلف لم تكن كلها منصبة في تلك القضية ..
لماذا لا نعكس السؤال .. ونغير اتجاهه … ونقول لماذا تخلفت مصر اقتصاديا وعلميا وزراعيا وصناعيا وتعليميا …الخ رغم توافرالأيدي العاملة بها ورخصها … ولماذا لم يتجه العالم الي مصر بصفتها أرض الكنانة التي تحوي ملايين من الأيدي العاملة ..؟؟ يأخذ منها ويعطيها ويتفاعل معها ؟؟
ولماذا لا نعكس السؤال مرة أخري ونقول هل فشلت الإدارة والحكومة في مصر في تعريف التنمية وارتباطها بعدد السكان ؟؟ ووضع آلية مصرية خالصة لتنمية المجتمع؟؟
ولم لا نسأل أنفسنا مرات ومرات.. ما الذي اتخذته الإدارة في الحكومات المصرية المتعاقبة.. ومحاولات أصحاب الفكر الجديد في تنمية المجتمع المصري وتثقيفه ووضع حلول تتفق مع عاداته وتقاليده وإمكانياته في التصنيع والزراعة وفي كافة المجالات ..
تعليق مشاكلنا علي الزيادة السكانية استهزاء بنا وسخرية من شعب وقياداته عبر عشرات السنين .. نملك مليون كيلومتر وأكثر.. مساحة جمهورية مصر العربية …. منها ما لا يزيد عن 8% مأهول بالسكان… والباقي صحراء….إلا من بعض القصور والمنتجعات الجديدة – الجديدة أيضا علي المجتمع المصري وتقاليده – بل أصبحت تلك المنتجعات موضوعا هاما جدا للوزارات والوزراء كواجهة يحبونها كإشارة للتنمية في الصحراء ..
( الآمان المفقود ..) أصبح سمة تهدد المجتمع المصري بكل فئاته .. حتي الأغنياء منهم .. مثله مثل الكنز المفقود وهو في الحقيقة كنز أن تعثر لبيتك علي كنز الأمان والصحة والتعليم ….فهذا هو الوطن .. وهو الملجأ والمستقر… الوطن الذي يغلف البيت بالأمان أمان تلك الثلاث أشياء … والتي أصبحت الآن شبه مفقودة … وأسبابها كثيرة .. وبدايتها .. الاستسلام لكل أنواع الروتين والسلبية وعدم المشاركة في كل ما يدور حولنا… نرى المخطئ ولا نتحرك نرى السارق والكاذب والمنافق ولا ننطق بكلمة واحدة ..
ولم تعد كلمات التفسير والتطييب والتهوين بالأحداث تجدي مع كم الاحباطات التي نراها في كل مظاهر الحياة ..كل يوم .. بل كل لحظة نعيشها علي أرضنا المستباحة لأفكار الهواة و المنتفعين .
وكنت لا أحب ان أكون واحدا من تلك العوامل التي تدفع الناس إلي الإحباط …ولا أكتب فيها … ولكن هذا شر لابد منه … والشرور قد تكون في سن القلم كما هي في الطعام ..