إن المتابع جيدا لمحاولة تحرير أرض الصحراء الغربية من الألغام حتى العلمين – التى خلفتها جيوش المحور و جيوش الحلفاء إثر الحرب التى دارت رحاها على أرضنا المصرية – يجد أنها مازالت بطيئة الخطى سواء على المستوى الدولى أو حتى على المستوى المحلى، للمطالبة بإلحاح كأصحاب حق على إزالتها، كون هذا الموضوع إنسانى فى المقام الأول ، كما أنه يعتبر حق للمواطن المصرى أن يعيش آمنا من ” إرهاب الألغام “… يجب ألا ننتظر كارثة كبرى “عبارة الصحراء ۹۸”، حتى نفيق من غفوتنا مسرعين بلا تخطيط مسبق لمطالبة الدول المتسببة فى زراعة تلك الألغام لإزالتها وبقية الدول الثمانى الكبرى للتعاون معنا.
يعد هذا الحزام الساحلى العريض منطقة جذب للتنمية والاستثمارات المحلية والدولية، حيث تذخر هذه المنطقة بالكثير من الثروات الطبيعية والزراعية، حيث تحوى أكثر من ٦٥۰ مليون متر مكعب من الثروات المعدنية و ۸،٤ مليار برميل بترول واحتياطى غاز طبيعى يقدر بحوالى ٤،۱۳ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى ، كما تذخر بالأراضى الخصبة التى تبلغ مساحتها نحو ٣ مليون فدان ، بالإضافة إلى أن جزءا كبيرا منها صالح لزراعة القمح. كما يجب أن تضم برامج خطط التنمية سيناء و الصحراء الشرقية، حيث خلفت الحروب المصرية الإسرائيلية ما يقرب من ٥،٥ مليون لغم مما يعوق العديد من المشاريع السياحية بشواطئ البحر الأحمر و سيناء…إننا فى ظل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والطاقة فى حاجة إلى استثمار تلك الثروات المدفونة تحت رمال الصحراء الملتهبة بالألغام.
إننا مطالبون – حكومة و شعبا – بالتحرك السريع فى هذا الاتجاه، فعلى الحكومة أن تخاطب الدول المعنية المتسببة فى زراعة الألغام و جميعها كما تطالعنا تقارير السياسة الخارجية من الدول الصديقة وبقية الدول الثمانى الكبرى، كما عليها أن تعد الخطط التفصيلية للتنمية والاستثمار فى المنطقة… وعلينا نحن كمواطنين وكمجتمع مدنى وجمعيات أهلية أن نقوم بحملة شعبية قومية للمطالبة بنزع تلك الألغام، وتنمية أراضينا يكون لها أصداء دولية بجانب تأثيرها المحلى، إننا جميعا نذكر مطالبة اليهود بتعويضات المحرقة الألماني( الهولوكوست ) والتى ترهق الاقتصاد الألمانى حتى الآن و ما جنوه من دعم دولى فى هذا الصدد. رغم أنهم بالغوا وهولوا كثيرا بشأن الأرقام والإحصائيات إلا أنهم كسبوا الصفقة ونالوا مبتغاهم … نحن لا نطالب بالمبالغة أو الكذب، فإن إحصاءات ما زرع فى أراضينا من ألغام معلومة تماما وبدقة لدى كل الهيئات الدولية المختصة بهذا الشأن، فالأمر خطير بغير تهويل أو أى تحريك فى الأرقام.
إن لمجلس الأمن مسئوليات نصت عليها مواد إنشاء الأمم المتحدة وأهمها نصرة الحق على الباطل ولو بالتدخل العسكرى والعمل على إنهاء الحروب الدائرة، كذلك العمل على تعويض الدولة المتضررة من الآثار المدمرة للحروب، وتلك المسئولية هى التى نحن بصددها الآن، فالأمر يتعلق بآثار خطيرة لحرب عالمية دار بعض منها على جزء من أراضينا … فلنتحرك دبلوماسيا مع الدول المعنية يصاحبها حملتنا الشعبية لكوننا على يقين أننا أصحاب حق ثابت تاريخيا وواقعيا.. فإذا لم نتوصل إلى اتفاق فلنلجأ إلى مجلس الأمن و الأمم المتحدة ليقوم بمسئولياته، مع مناشدتنا نحن كمجتمع مدنى جميع المنظمات الدولية والحقوقية والمجتمعات المدنية ليضموا صوتهم إلى صوت الحق.
لا نستطيع أن ننكر الجهود التى تبذلها وزارة التعاون الدولى والأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى .. إن مساهمة نيوزيلندا وغيرها من الدول الأوروبية فى إزالة الألغام حتى ولو كانت رمزية، إلا أنها بداية الطريق فى الاستجابة الدولية وعلينا أن نبذل المزيد.
إذا كنا دولة آمنت بالسلام العالمى فلا استسلام لهدر حق أصيل لنا فى السلام المحلى لمواطنينا الذين أعطوا الكثير وبذلوا الغالى والنفيس لنيل الحرية والاستقلال رغم كل الصعاب. إن المطالبة بحقوقنا تعتبر إحدى المحطات الجوهرية و المؤثرة فى الحياة الديمقراطية التى نبتغيها جميعا.
علينا المطالبة ولو حتى لجأنا للتحكيم الدولى، فقد سبق أن أعاد لنا طابا المصرية.. فهل لنا أن نعيد الكرة إذا انقطعت كل السبل السابقة ؟! و داخل إطار الصورة ذاتها سنبصر فى الخلفية أيا من الدول تعتبر صديقة للعدل وللحق ولنا.
أنور عصمت السادات