كما كان متوقعا وكما حذر الجميع وحذرت منظمات حقوق الانسان منذ سنوات عديدة من تدهور الأوضاع في الصومال بعد استمرار المجاعات لأعوام متتالية وتوطنت العديد من الامراض والأوبئة وانتشار الفقر والجهل في جميع أركان البلاد , ووسط كل تلك النداءات بضرورة مساعدة الشعب الصومالي على مواجهة كل تلك الكوارث صم المجتمع الدولي والعربي والاسلامي آذانه , وعلى الرغم من كون الصومال عضوا ً بجامعة الدول العربية إلا أن الدول العربية لم تحرك ساكنا ً ولم تتحرك لتنقذ هذا الشعب الذي لا يملك أدنى امكانات المعيشة الآدمية والانسانية .
وبعد تراجع دور غالبية الدول العربية والاسلامية وعلى رأسهم مصر في السياسة الخارجية بشكل عام وتراجع دورها على المستوى الافريقي بشكل خاص أخذ الاثيوبيين المبادرة وعاثوا فسادا ً في الصومال تحت نظر وسمع المجتمع الدولي وبرعاية أمريكية , تحول اهل الصومال الى لصوص وبلطجية وقراصنة وأصدرت الأمم المتحدة قرارا ً يتيح التدخل العسكري في الصومال لوقف خطر القراصنة على الملاحة وهو ما يمثل تدخلا ً أجنبيا ً جديدا ً في القارة الافريقية .
فالمسألة لا تتلخص في اختطاف بعض السفن وتأثيره على التجارة العالمية والمسار الملاحي لقناة السويس ولكن تكمن الخطورة في التواجد الاجنبي بالمنطقة بحجة حماية مصالحهم التجارية والعسكرية , خاصة وسط التخاذل العربي والاسلامي المستمر لتتحول الصومال الى ذريعة أخرى للتدخل الاجنبي في الشأن الافريقي مثل دارفور .
ويعد الصومال نموذجا ً شديد الأهمية يجعلنا نرى نهاية الدول والحكومات التي تتجاهل عملية الاصلاح السياسي وتداول السلطة اللازم لتحقيق الديمقراطية وتغفل دور الدولة في الاصلاح الاقتصادي والتنمية ومواجهة الفقر والمرض والجهل , ليتحول الشعب الى لصوص وبلطجية وقراصنة ينتظرون على الشواطىء والموانىء للسرقة والنهب والخطف والاعتداء على السفن التجارية , الأمر الذي يتطلب اصلاحا ً سياسيا ًواقتصاديا ً واجتماعيا ً ووضع خطط سريعة للتنمية تساعد فيها منظمات صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والدول المانحة والامم المتحدة وجمعيات حقوق الانسان والاغاثة لتتضافر الجهود مع الدول الافريقية والعربية للحد من خطورة استمرار تدهور أوضاع المواطن الصومالي الانسانية أكثر من ذلك .
وللأسف فالصومال لا تمتاز بوجود ثروات طبيعية وتعتبر منعدمة الموارد تقريبا ً مما يجعل الانسان الذ كرمه الله يعيش في ظروف قاسية جعلته شرس الطباع وقد يصبح عن قريب مهاجرا ً يغزوا الدول العربية المجاورة للبحث عن المعيشة الانسانية وقد يمثلوا يوما ً ما خطرا ً وتهديدا ً على الامن القومي العربي والمصري , وقد يستوطنوا في اسرائيل كما حدث لقبائل الفلاشا الاثيوبية الذين تم ترحيلهم وتوطينهم في اسرائيل نتيجة المجاعات التي تعرضوا لها , وهو أمر بالغ الخطورة على مستقبل دولة عربية واسلامية تستوجب وقفة جادة من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وارادة سياسية من الحكام العرب ومساندة من المجتمع الدولي لانقاذ الصومال الشقيق .
أنور عصمت السادات