26فبراير

ان الأستهتار الفج بقيم المجتمع و تقاليده الشرقية الراسخة بل و بما شرعته الأديان السماوية من خلال التحرش الجنسى الذي يتعدى بإثم و خساسة علي الحرمات و الحريات … أمر لا يستهان به لأنه يهز كيان المجتمع و يبث الرعب في قلوب الأسرة المصرية خاصة تحت وطأة ظروف الكساد و الغلاء و أرتفاع نسبة البطالة بشقيها الظاهرى و المقنع و التى هى محور مشاكل شبابنا للحد الذى أصبح البعض منهم جناه بجرائم التحرش الجنسى و المقترن بالقتل أحيانا.

و قد أسعدنى كثيرا مقترح تعديل قانون العقوبات الذى تقدم به المجلس القومى للمرأة الي وزارة العدل لدراسته حيث أن تطبيق المادة 17 عقوبات على مطلقها و التى تسمح للقاضى بالنزول بالعقوبة – التى تتراوح بين الاعدام و السجن المؤبد و المشدد – درجتين و فى هذه الحالة لن يتلقى الجانى القصاص العادل … فيأتي مقترح تعديل قانون العقوبات باضافة مادة جديدة تستثنى الجنايات المنصوص عليها في المواد 290 , 269 , 268 , 267 من قانون العقوبات من تطبيق المادة 17 عقوبات في حدود معينة بحيث تعطى للقاضى سلطة النزول بالعقوبة درجة واحدة فقط … و فى أعتقادى ان هذا مطلب مجتمعى ملح و عاجل لدرء رعب الأسرة المصرية و شديد خوفها من التعدى علي أبنائها – و لكن فى رأيي هذا لا يكفى لسد تلك الثغرة الأجتماعية التي تتسع مساحتها يوما بعد يوم و تأخذ أشكال متعددة و أساليب مختلفة و أحيانا و ربما غالبا بالتهديد و الاكراه و ممارسة شتى أنواع الضغوط !!

اذن فالأمر يستلزم تعديلا جوهريا و الأمر مفوض لفقهاء القانون و التشريع حيث يجب أن تنفرد مادة قانونية ” بجنايات التحرش الجنسى و هتك العرض و الأغتصاب و خطف امرأة أو طفل ” المقترن بتلك النية مع تحديد عقوبة رادعة ما بين اعدام أو السجن المؤبد في حالة تمام ارتكاب الجرم ووصول الجانى الى غايته أما في حالة البدء في تنفيذ الجانى لتحرشه وعدم أكتمال التنفيذ ففى هذه الحالة يعاقب المتحرش بالحبس سنة مع النفاذ و غرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه و يكون الحبس وجوبى و لا يستبدل مطلقا بالغرامة فقط مع عدم الاجازة للقاضى بالنزول بالعقوبة مطلقا … اضافة الي ذلك تم توسيع دائرة التعريف بالتحرش الجنسى الذى أصبح المقصود به كل تعرض الغرض منه الأستثارة الجنسية دون رغبة من الطرف المتحرش به سواء كان رجلا أو أمرأة و يشمل اللمس و الكلام و المحادثات التليفونية و الخطابات الغرامية و الرسائل عبر الهاتف المحمول و الانترنت و الاتصالات المعبرة عن ذلك و الدالة عليه بحيث تكون ذات مغزى جنسى بحيث يقع هذا التحرش من رجل أو امرأة في موقع القوة بالنسبة للطرف الآخر.

و على الرغم من المناظرات الاعلامية بين فريق المتشددين و الذى يلقى اللوم علي عاتق السيدات و الفتيات المتبرجات علي أنهم سبب رئيسي في أجتذاب ذئاب التحرش و لهم في ذلك سند أخلاقى نابع من الأديان السماوية و تقاليدنا الشرقية الا أنه يحجر علي حرية الآخر التي كفلها الدستور .. و بين فريق منظمات حقوق المرأة و اللاتي يشددن علي مبدأ عدم التعرض و التعدي علي حرية المرأة لأى مبرر كان و حملوا الرجال جرم التحرش بالكامل و أستندوا أيضا علي سند ديني و هو ” غض البصر ” اضافة الي مبدأ حرية الفرد – كما يؤكدن أن الأمر أصبح ظاهرة بينما خالفهم الرأى علماء المركز القومى للبحوث الأجتماعية و الجنائية حيث قرروا انها حالات فردية … من جانبى لست مع أو ضد هذا الفريق أو ذاك لأن الأختلاف خلاق لايجاد الحلول و لو أن الأمر يحتاج الي دراسة متأنية لكل مسببات التحرش الجنسى للوصول بالمجتمع لبر الأمان لتلافى أثره السلبي علي المجتمع و أمن الأسرة المصرية . و أود أن أشيد هنا الي دور كلا من مؤسسة المرأة الجديدة و المركز المصرى لحقوق المرأة في اصدار التقارير الدقيقة حول التحرش و العنف ضد المرأة و مساندة النساء المعنفات لمواجهة المجتمع .

و لنكن صرحاء يجب علي القائمين بهذه الدراسة أن يأكدوا علي ضرورة منح شباب مصر مساحة مناسبة من الحرية لممارسة حقوقهم الدستورية و مشاركتهم في الحياة العامة فكريا و سياسيا و ابداعيا و فتح السبيل أمامهم لادراك دورهم بوعى سلوكى و أخلاقى منضبط من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة و على وجه الخصوص مفهوم الحرية الشخصية الذي يؤكد على عدم تجاهل حرية الآخر و كامل حقوقه في مبادئه و أختياراته و ميوله و أتجاهاته طالما كانت مشروعة و لا تتعدى علي حرية الآخرين و أمنهم . و هذا يمثل اشارة واضحة للتوجه لحماية شبابنا من خطر الوقوع فريسة الفراغ فوجدوا أنفسهم ظلال بلا شخوص فتجمدت أواصرهم و تبلدت بداخلهم روح الانسانية و الشهامة و سكنت ضمائرهم تبعا لسكون ضمير المجتمع من حولهم و عدم النظر بقناعة صادقة لضرورة الأهتمام بمشاركتهم في ابداء الرأى و حل قضايا المجتمع .

أخيرا أتوجه للقائمين على شئون العدل و أعضاء البرلمان الموقرين أن يؤيدوا نظرة المجتمع للتحرش الجنسى و ما يخلفه من دمار نفوس الأبرياء و تصدير الخوف و الفزع للآباء و الأمهات فتغليظ العقوبة للقصاص العادل عاجل و النص علي هذا الجرم بمادة منفردة ضرورى و أتساع دائرة التعريف بالتحرش واجبة.

أنور عصمت السادات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.