دائماً ما ارتبطت القيم والمثل.. وتطور الحضارات فى كل العصور.. ارتباطاً وثيقاً باحترام إنسانية العامل وإنصافه، وتقديراً لدور العمال فى الإنتاج والتنمية تم اختيار الأول من مايو من كل عام عيداً رسمياً عالمياً للاحتفال بهذه الشريحة المهمة.. وقد ساد اعتقاد خاطئ بأن عيد العمال هو بدعة ماركسية انطلقت من الاتحاد السوفيتى والدول الاشتراكية، بسبب احتفائهم البالغ بهذه المناسبة..
والحقيقة أن هذا التاريخ جاء تخليداً لإضراب قام به العمال فى شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية تسبب فى مقتل الكثير منهم.. ويبدو أن المواطن المصرى عانى دوماً من ضياع حقه وتدنى أجره، فقد ظهرت الإضرابات العمالية منذ عهد الفراعنة.. كما يتكشف سوء حاله فى أبيات الشاعر العظيم بيرم التونسى: «ساكنين علالى العتب.. أنا اللى بانيها.. فارشين مفارش قصب.. ناسج حواشيها.. يا رب ماهوش حسد لكن بعاتبكم»..
وأصبح من البديهى مؤخراً تنامى موجة الإضرابات العمالية فى كل القطاعات بعد تجاهل الحكومة المستمر لمطالبهم، التى لم تتجاوز أدنى حقوقهم بإصلاح أحوالهم، وبوضع حد أدنى للأجور، بما يتناسب مع الارتفاع الجنونى فى الأسعار، وبما يضمن حياة كريمة لهم ولأبنائهم..
ولكن.. يبدو أنه لا حياة لمن تنادى، فما زالت الحكومة كما يقال -آذن من طين وآذن من عجين- خاصة أن الاتحاد العام للعمال -الذى يعتبر تنظيماً نقابياً شبه حكومى- لم يوفر للعمال قوة ضغط أو منبراً حقيقياً لهم،
وأصبحت مطالبتهم بتأسيس نقابات عمالية مستقلة.. تتحدث باسمهم وتطالب بحقوقهم بعيداً عن تدخل الدولة.. مطلباً واقعياً وعادلاً.. إننا -كالعادة- لا نرى سوى تحت أقدامنا ولا نعى جدياً أنه فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.. فهؤلاء -عمالنا- هم نواة ترميم اقتصادنا وركيزته الأساسية نحو نهضة حقيقية.. وكل عيد عمال و-الحكومة- بخير!
أنور عصمت السادات