مصالحة وطنية بدون وزارة الداخلية استقبلت القوى الوطنية السياسية في مصر الأيام الماضية أخبار عن حملة اعتقالات واسعة بين قيادات مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والعديد من قيادات ورموز الجماعة في المحافظات بمزيد من الإحباط العام الذي يسود جنبات المجتمع المصري بأكمله سواء كان متفقا ً مع أفكار ومواقف جماعة الإخوان المسلمين أو مختلفا ً معها , فبالتأكيد لا خلاف على رفض فكرة الاعتقال التي تسيء لصورة مصر , وتؤثر على رغبة المواطنين في المشاركة السياسية .
ونظرا ً لحساسية الوضع السياسي لمصر في الآونة الأخيرة , فإن حزب الإصلاح والتنمية (تحت التأسيس) يدعو لفتح حوار بين قيادات الإخوان المسلمين باعتبارهم مصريين يتمتعون بالحس الوطني ويمثلون قوى سياسية في الشارع المصري شئنا أم أبينا , مع مؤسسة الرئاسة المصرية مباشرة وبعيدا ً عن وساطة وزارة الداخلية أو جهاز أمن الدولة .
وتظهر حتمية إتمام الحوار السياسي الداخلي في مصر في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية التي تحيط بالوطن كضرورة ملحة لتفادي أي صدام نتيجة الاعتقالات والاحتقان الشعبي والمحاكمات العسكرية الغير دستورية , خاصة وأن جماعة الإخوان المسلمين يعدون برنامجا ً حزبيا ً يتمشى مع الدولة المدنية ويحترم القانون والدستور , الأمر الذي يمكن استغلاله ليكون بنية الحوار السياسي .
وعلى نفس الصعيد يدعو الحزب لفتح حوار مباشر أيضا ً بين مؤسسة الرئاسة وبين قيادات أقباط المهجر والذي تلاحظ في الفترة الأخيرة كثرة احتجاجاتهم وعقدهم لمؤتمرات في مختلف دول العالم لإبداء غضبهم واعتراضهم من بعض الممارسات السياسية والأمنية الخاطئة تجاه قضايا المسيحيين في مصر , الأمر الذي يمثل تهديدا ً لسمعة مصر بالخارج ويؤثر على انتمائهم ويزيد من شعورهم بالغربة الحقيقية , كما يؤثر مباشرة ً على مناخ الاستثمار ويمثل دعاية سلبية في ظل ظروف اقتصادية عالمية صعبة تحتاج للم شمل المصريين وتشجيع أبناء الوطن على ضخ الأموال في السوق لتحسين الأوضاع الاقتصادية في مصر .
والكلمة الأخيرة هنا لكم يا سيادة الرئيس , في تلك المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن والتي تستوجب وقفة جادة لإعادة ترميم البيت المصري من الداخل , خاصة في ظل تبنيكم لحوار الفصائل الفلسطينية وإصراركم على إجراء مصالحة وطنية واتفاق سياسي لحل أزمة الصراع العربي الإسرائيلي , وكذا مبادرتكم الأخيرة لحل الصراعات في الصومال وغيرها الكثير , فمن باب أولى أن توجه جهودك لخلق مناخ من الثقة والاستقرار بين القوى الوطنية المصرية وبين مؤسسة الرئاسة دون وسطاء من الحزب الوطني أو الوزراء الذين فشلوا جميعا ً في محاولتهم لرأب الصدع الداخلي .
ولعل الجهة الوحيدة التي تتمتع بالقبول العام لدى جميع التيارات السياسية , والتي سجلت نجاحات في أكثر من تجربة للوساطة الخارجية والمحلية هي هيئة الأمن القومي التي تتميز بالحياد وتحظى باحترام الجميع ويشهد له القاصي والداني بقدرتها على التوسط لتحقيق الصحوة الوطنية المرجوة واستنهاض الهمم لمستقبل مشرق , يستطيع فيه المصريون مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظرهم في سبيل رفعة الوطن .
يا سيادة الرئيس بين يديك مسئولية كبيرة في جمع الفرقاء المصريين وتوحيد الصفوف , وهذا قدرك وحدك بعيدا ً عن حاشية السوء التي تعطي المصريين أذنا ً من طين وأخرى من عجين , ونسألك دائما السداد والتوفيق لما فيه مصلحة البلاد .
أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية