لم تعد حكومتنا المصرية قادرة على التمييز بين الخطأ والصواب وافتقدت مبدئاً هاماً يؤثر كثيراً فى أى مجتمع ويمثل أحد العوامل الأساسية فى تقدمه أو تخلفه آلا وهو مبدأ تحديد أولوياتها.
لتنشأ أزمة جديدة تتجاهلها الحكومة دون أى مبرر آلا وهى أزمة دعاة وأئمة المساجد الذين يطالبون بأبسط حقوقهم ولا يستجيب إليهم أحد . ينادون على النظام الذى يشير دائماً فى كل مناسبة إلى دورهم الهام فى تنوير وتحضرالمجتمع وأهمية الحفاظ على دعاة الأمة ومثقفيها وعلمائها ومفكريها وحمايتهم وتلبية مطالبهم.
لا شك أن صوتهم ليس بضعيف , لكن الحكومة سدت آذانها وأصبحت الآن لا تحب أن تسمع إلا من تريد؟ والكلام الذى تريد؟
دعاة المنابر الذين يتقابلون بالناس خمس مرات فى اليوم والليلة يخاطبون الأمى والمتعلم فى مجلس يجمع فئات كثيرة على إختلاف أفكارها ودرجاتها العلمية لهم دور فى تشكيل فكر الناس وحثهم على التحلى بالأخلاق الكريمة والتسامح والطاعة لأولى الأمر والصبر عند الضيق والأزمات..
صار هؤلاء الدعاة الآن بحاجة إلى من يخاطبهم ويقنعهم بأسباب ما يحدث معهم من إهمال شديد لهم من جانب النظام وتجاهل مطالبهم دون تنفيذ أى من الوعود التى يسمعونها منذ سنوات.
دعاة المساجد,,,, المؤسسة التربوية الأولة التى يحتك بها الطفل بعد أسرته والعامل الأساسى فى غرس القيم والمفاهيم وترسيخها فى نفوس الصغار والكبار من خلال إلقاء الضوء على النماذج التى أخلصت فى حبها لدينها ووطنها فكانت نبراساً أنار للناس طريق حياتهم.
يخطبون فى الناس فيسمعهم الرجال والنساء والأطفال والشباب والشيوخ يؤثرون فيهم ويتأثرون بهم يخاطبون فيهم مكنونات النفس الإنسانية. فينسوا المشكلات والهموم الدنيوية
وإن ضاق الحال بأحد من الناس وجلس مع أحدهم فى جلسة حول الرضا والقناعة بالقليل خرج راضياً عن حاله حامدا شاكراً داعياً بأن يدوم عليه ما يملكه من نعم كثيرة فيطمئن قلبه ويأمن بذلك معه المجتمع.
منظومة تربوية متكاملة تخاطب بالأدلة والبراهين قادرة على الجذب والإستمالة والإقناع . دفعتها الحكومة لأن يكونوا هم المتظاهرين والمحتجين فى الشوارع الذين يطالبون بحقوقهم المسلوبة فهل يرضى أحد عن هذا المنظر الذى أعتبره عار على الحكومة المصرية.
ومن ثم فإننى أقول,,,,,,, أن هؤلاء الدعاة هم رجال وزارة الأوقاف الذين خضعوا لإشرافها وتدريبها على فنون الخطابة والتأثير فى الناس , هم أصحاب الفكر الإسلامى المعتدل والمستنير ولابد من النظر اليهم بعين الإعتبار حتى يتمكنوا من العطاء للناس ونفوسهم راضية.
هؤلاء يجب أن يتفرغوا تماماً من أجل القراءة والبحث والمراجعة والإطلاع ولكن من أين يأتى هذا التفرغ إذا كانت رواتبهم لا تكفى أن يعيشوا بها أياما من الإسبوع الأول فى مطلع أى شهر. كما أنهم لا يعرفون سوى ذلك العمل النبيل , الحكومة بذلك تدفعهم للبعد عن مجالهم والنجاح فيه والجرى وراء لقمة العيش وتلبية متطلبات الأسرة وبالتالى أصبحنا الآن نعانى إنحدار مستوى كفاءة بعض الخطباء.
وإذا كنا نريد بصدق ما نتحدث عنه دائماً من أهمية تجديد الخطاب الدينى فلنسأل أنفسنا كيف سيأتى هذا التجديد فى ظل معاناة هؤلاء المنوط بهم القيام بهذا التجديد؟
فهل تنتظر الحكومة أن يمد هؤلاء أيديهم إلى الناس؟ أم اننا بإنتظار خفافيش الظلام ليبثوا فى الناس فكرهم وتطرفهم ولن نحصد آنذاك إلا هلاك الأمة.