تحتفل مصر فى اليوم الأول من شهر مايو فى كل عام بعيد العمال تقديراً منا جميعاً لدورهم العظيم وما يبذلونه من جهد وعناء من أجل مصربما يملكون من رصيد وطنى كبير وتاريخ طويل من البذل والعطاء.
هم رجال مصر الذين يحملون على عاتقهم مسئولية عظيمة لتخطو مصر على طريق النقلة النوعية الشاملة ضمن منظومة الإصلاح التى لن تتحقق إلا من خلال رجال مخلصين يسعون إلى آمال وطموحات نتطلع لها جميعا لنراها فى مصر.
لكن عمال مصر الآن يعيشون حياة أشبه ما تكون بما عاشه عمال مصر قبل ثورة يوليو من حياة صعبة وتنظيم نقابى ليس قادراً على حماية حقوقهم فلا قوانين تحميهم وتدعم حقوقهم ولا صوت لهم داخل مجالس الإدارة والجمعيات العمومية وأصبحوا لقمة مستساغة لبعض أصحاب الشركات ومؤسسات القطاع الخاص.
وكأننا على موعد جديد مع سيطرة رأس المال كما كانت قبل ثورة يوليولنجد طائفة غير قليلة ترفع صوتها مطالبةً بإلغاء تمثيل العمال والفلاحين فى المجالس النيابية.
نحتفل معاً بعيد العمال ونحن نؤمن تماماً بقيمة العمل وبمهارة وخبرات عمال مصر وإتقانهم ولمساتهم الرائعة وجهد سواعدهم التى تبنى صروح إنتاجية شامخة وتؤكد جودة ومزايا عديدة يتمتعون بها وحدهم دون غيرهم لكن,,,,,
أين فرحة عيد العمال ومؤسسات القطاع العام والخاص تتجاهل أحكام وقوانين العمالة وقرارات الحكومة المتعلقة بحقوق العمال؟ ولماذا لم نرى إلى الآن توازن دقيق بين مصالح العمال ومصالح المجتمع؟ وأين تطوير البنية المؤسسية والتشريعية اللازمة لإرساء آليات السوق وتشجيع الإستثمار والإنتاج ؟
صار عمال مصر الآن فى معاناة من سياسات عديدة أهدرت حقوقهم وأصبحنا نعيش حالة من التظاهر والإضراب والإحتجاجات التى لم نكن نشاهدها قبل ذلك فى مصر.
إتجهنا إلى تشجيع الإستثمارات والآن نعانى الخصخصة التى أضرت بالكثير من عمالنا وعلى ذلك فإنه لابد من
تطوير الإطار التشريعى الذى يضمن حقوق العمال وكذلك النظام النقابى لتحقيق إستقلالية وفاعلية فى تمثيل مصالح العمال وضمان تفاعل العامل مع مؤسسات المستثمرين لكى نتمكن من تدعيم قدرتنا على الإنتاج وتواجدنا فى السوق الداخلى والخارجى .
وإذا كنا نتطلع إلى رفع إنتاجية العامل المصرى فلابد وأن نعمل أولا على زيادة دخله لأن راحته وسعادته وإحساسه بأنه يعمل بمقابل مناسب هو الأساس الأول لعطاء هذا العامل وحبه لعمله وعلى ذلك فلابد وأن تكون النقابات العمالية هى الراعى الأول لهذه الأسس فى القطاعين العام والخاص لنقف على محور تطوير وتحديث الصناعة والإرتقاء بجودة المنتجات.
,,,, ولابد من النظرمن جديد لكل الإلتزامات المتبادلة للعمالة وأصحاب العمل فى كل ما يتعلق بالأجور والإجازات وساعات العمل والتأمينات والمعاشات المناسبة من أجل الدمج الكامل للعمالة المصرية فى سوق عمل منظم يحفظ للعمال حقوقهم ويؤمن مستقبلهم.
ولا غنى عن صياغة جديدة لعلاقة المواطن بالدولة والإهتمام بالعمال خاصةً الفقراء ومحدودى الدخل والتصدى لعمالة الأطفال بكل صورها وأشكالها وتنمية المشروعات الصغيرة وتيسير السبل أمام الشباب والعمل على توفير فرص عمل مناسبة وتشجيع المرأة المصرية العاملة لتقف مع الرجل فى ميادين العمل والإنتاج . ولن يأتى ذلك إلا من خلال وضع سياسات قومية جديدة لنظام العمل فى مصر فى إطار من الحوار الدائر مع العمال والنقابات والإتحادات العمالية للوقوف على مشاكلهم وإتخاذ القرارات المناسبة النابعة من ميولهم وإحتياجاتهم.
وتحية من القلب لكل عمال مصر ولكل إرادة مصرية مخلصة تحاول أن تقود الوطن إلى بر الأمان وكل عام وأنتم بخير.