حوار طارق صلاح
قال اللواء مصطفى كمال الدين حسين، المنسق العام لائتلاف «حق الشعب» بالبرلمان، إن إسقاط البرلمان عضوية النائب محمد أنور السادات بأغلبية الأصوات مقصود ومنظم لذبح المعارضة وتكميم الأفواه، وإن البرلمان أعاد سياسة الزمن الغابر لإجبار المعارضين على الصمت الرهيب، على حد تعبيره موضحاً أن ائتلاف «دعم مصر» دوره الموافقة وتمرير رغبات الحكومة، وأن أداء البرلمان باهت ومخيب لآمال الشعب.
وأضاف، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن مجلس النواب فشل فى مواجهة الإرهاب والأزمات الاقتصادية، وأن الأعضاء حاولوا مراراً مناقشة ميزانية البرلمان لكن فشلوا، مؤكداً أن هناك تدخلات خارجية تحرك البرلمان فى اتجاهات محددة، مشيراً إلى أن البرلمان اشترى ٢٢ سيارة جديدة، وخصص ٢١ مليون جنيه لصيانة الأسانسيرات والتكييفات حسب تأكيده..
وإلى نص الحوار:
■ فى البداية ما رأيك فى إسقاط البرلمان عضوية النائب محمد أنور السادات بأغلبية الأصوات؟
– أقل ما يمكن أن يقال فى هذا الأمر إنه سقوط لمجلس النواب، وسوف تظل بقعة سوداء ملازمة لهذا البرلمان لن يمحوها الزمن، وسيكتب فى تاريخه أنه استهدف أحد نواب الشعب كونه معارضاً وصاحب آراء سياسية تسير فى اتجاه معاكس لرغبة القيادة وبعض الأشخاص داخل المجلس، وما حدث مع السادات إجراء تعسفى فج تم بهدف استبعاده عن طريق ترتيب اتهامات ليست حقيقية للوصول الى النهاية المأساوية، وإسقاط عضويته مقصودة ومنظمة.
■ لكن إسقاط العضوية عن السادات تم وفقاً لاتهامات أكد رئيس المجلس أنها ثابتة فى حقه؟
– أولاً بالنسبة لما اعتبروه تزويراً فإنهم يعلمون جيداً أننا داخل المجلس عندما يرغب أحد فى جمع توقيعات فإنه يمرر ورقة وهو جالس مكانه، بمعنى أن يعطيها لمن يجلس بجواره وتنتقل الورقة من يد إلى أخرى، وهذه الطريقة لا يمكن أبداً أن تقول إن بها تزويراً لسبب بسيط، ومن الممكن أن يقوم نائب بالتوقيع له ولزميل آخر، كما أن الموقعين على الورقة محل الاتهام- ٦٢ عضواً- قالوا إن ٧ توقيعات ليست توقيعهم، فهل كان بحاجة إلى تزوير هذا العدد الضئيل؟ بالطبع كلام غير منطقى بالمرة، وفيما يخص إرسال بيانات للبرلمان الدولى فالسادات أعلن أن مخاطباته آراء سياسية نشرها بالصحف والمنظمات المصرية والشخصيات العامة، وهى بمثابة قاعدة بيانات موجودة على الإيميل الخاص به، كما أن البرلمان الدولى أكد فى خطابه للمجلس عدم حصوله على معلومات، وأخيراً موضوع الحديث مع السفير الهولندى وقانون الجمعيات الأهلية حيث إنه يناقش فى العلن أمام العالم فلا يمكن أن يكون اتهاماً أبدا.
وأقصد فى النهاية أن الأمر استهداف للسادات، لأنه معارض، وتمثل سياسة مستمرة من الزمن الغابر فى تكميم الأفواه وإرساء لقواعد لعبة إجبار المعارضين على الصمت الرهيب.
■ كيف تمت الموافقة بالأغلبية على إسقاط عضوية السادات؟
– كما قلت لك هى لعبة قديمة كنا نتمنى أن تنتهى، خاصة بعد ثورتين عظيمتين، لكن للأسف مازلنا نسير بنفس أساليب الماضى، ويعرف الجميع أن ائتلاف «دعم مصر» وبعض الأحزاب الموالية له يمثلون أعداداً داخل المجلس، ويعملون بمبدأ الموافقة على كل ما يمرر عليهم من قبل قياداتهم، وبالنسبة لنا كتحالف حق الشعب موقفنا واضح، وهو رفض الاغتيال السياسى للمعارضة، لذلك لم نوافق على التصويت وهجرنا القاعة وخرجنا مع عدد من الزملاء، حيث بلغ مجموعنا ١١٢ نائبا اعتراضا على الإجراء المخالف للوائح والأعراف البرلمانية، وكان لبعض الزملاء آراء فى الموضوع منها إمكانية توجيه اللوم للنائب والتدرج فى الإجراءات بدلاً من ذبح العنق مرة واحدة.
■ نرغب فى تقييمك لأداء البرلمان منذ بدايته فى دور الانعقاد الأول حتى الآن؟
– بكل صراحة الأداء باهت لا يتناسب مع المتغيرات التى حدثت فى مصر والمنطقة والعالم أجمع، والدليل عدم رضاء الشارع المصرى، فالناس محبطون بسبب صدمتهم فى مواقف المجلس المخيبة لآمال وطموحات الجميع، فلم يستطع البرلمان أن يواجه التحديات التى تقف للوطن بالمرصاد، سواء الإرهاب أو الأزمات الاقتصادية وما صاحبها من ارتفاع الأسعار وانتشار الاحتكار وجشع التجار، ولم يحاول التصدى للفساد ومواجهة أصحاب السطوة، وبات فاتراً وغير مكترث بأى من هذه المشكلات وكأنه يقول أنا ليس لى مهمة سوى الموافقة على ما ترغبه الحكومة وما تحبه الدولة، وأنا شخصيا لا أرى أن هناك إنجازات سوى قانون الخدمة المدنية، وما حدث فى فساد القمح، ودون ذلك فالعمل روتينى جداً لا يرقى إلى مستوى البرلمانات القوية التى تكون عاملاً أساسياً فى تذليل العقبات وتقديم الحلول الجذرية لما يخدم البلاد ويضعها على الطريق الصحيح.
■ ما أبرز مشكلات البرلمان برأيك؟
– هناك أزمات كبرى تعوق عمل البرلمان وتجعله غير قادر على تقديم خدمات جليلة للوطن، ومنها انحياز الدكتور على عبدالعال، رئيس المجلس، لائتلاف دعم مصر، حيث يحاول الأخير السيطرة التامة على مجريات الأمور، وتمرير رغبات الحكومة ورفض آراء المعارضة، والمصيبة الكبرى هو اتهام المعارضين بعدم الوطنية والتخوين وكأنهم فقط احتكروا هذه الصفات لأنفسهم ولن يمنحوها لمن يعارضهم فى الرأى، فضلاً عن إهمال كل الأصوات المخالفة وعدم إتاحة الفرصة لسماعهم ومصادرة أصوات المخالفين وعدم الشفافية فى كل شىء، لدرجة أن هناك مخالفات فى اللائحة التى وضعوها بأنفسهم، وعدم تحقيق الدستور والسير عكس الثوابت البرلمانية، فضلا عن تعطيل التصويت الإلكترونى الذى كلف الدولة ملايين الجنيهات، وهناك أزمات أخرى لا أرغب فى الإفصاح عنها سوى أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأطلب من خلالكم لقائه لأن هناك تصرفات داخل المجلس تصب فى النهاية عكس مصلحة البلاد.
■ لماذا لم تصارح رئيس المجلس بهذه الأزمات؟
– جلست معه مراراً، وفى كل مرة يقول إن ائتلاف دعم مصر نواب «غلابة»، وانتقدنى بسبب معارضتى، وقال لى أنت كبير المعارضين، وقلت له إن عمل النائب لا يعنى الموافقة والتبعية، وحاولنا كثيراً ومازلنا حل هذه المشكلات، لكن نواجه بكلمات صعبة منها: «أنتم عايزين تعطلوا الدنيا، وسيبوها ماشية زى ما هى ماشية»، لكن الحقيقة كل هذه الأمور توضح أن المجلس يسير وفقا لأمزجة أشخاص لا يشغلهم الشعب ولا يهتمون بأمور الوطن، وعجزنا عن مناقشة ميزانية المجلس وحاولت أكثر من مرة ولم أفلح.
■ ماذا تعنى؟
– كثير من الأعضاء أبدوا رغبتهم فى مناقشة الميزانية، للوقوف على أوجه الصرف وكيفية إدارة المبالغ المخصصة للمجلس، والإجابات كانت دائماً تسويفية، لذلك قررت أن أقدم طلبا رسميا فى هذا الشأن، وذهبت إلى المكتب المخصص لتلقى الطلبات، وفور أن استلم منى الموظف الورقة المدونة بها رغبتى فى مناقشة الميزانية، رد على متعجباً وقال: «حضرتك عايز تناقش الميزانية؟، فأجبته: نعم فيها مشكلة؟ فتدارك الأمر وقال: لا طبعاً ده حقكم»، ثم أخذ الطلب وبعد مرات من سؤالى على النتيجة علمت أنه حفظ وتم رفضه، وهذا شىء يثير الشكوك.
■ ما حجم ميزانية البرلمان الآن؟
– الميزانية زادت بنسبة ١٥% عن العام الماضى، ووصلت الآن إلى ٩٩٧ مليون جنيه، وأتمنى أن يأتى الوقت الذى نستطيع مناقشتها، لأن هناك أموراً تحتاج إلى توضيح، منها شراء ٢٢ سيارة جديدة من ماركات شهيرة، ودفع ٤ ملايين جنيه كمقدم لها، ولا نعرف مصير السيارات المصفحة التى خرجت من البرلمان إلى حوزة مجلس الوزراء، وهل الحكومة دفعت مقابلاً أم أنها على سبيل الهدايا؟ وهناك ٢١ مليون جنيه تم رصدها سنويا لصيانة الأسانسيرات وأجهزة التكييف وماكينات الطباعة دون توضيح.
■ برأيك من يدير المجلس؟
– أعتقد أن هناك تدخلات خارجية تؤثر بدرجة كبيرة وتحرك دفة البرلمان فى اتجاهات وفقاً لكل موقف.