منذ أكثر من خمسة عشر عاما مضت ، منذ بدأت ظاهرة اندماج الكيانات الاقتصادية الكبيرة مع بعضها . البعض .ظهرت التجمعات العالمية الاقتصادية الكبيرة التي تستطيع ان تغير مسار دول وشعوب .. وتستطيع التحكم في خطوط التنمية التي تنتهجها أي دولة . ويمتد أثرها حتي علي السياسة الخارجية لتلك الدول ..
وكنا سابقا نسمع ونتابع قرارات واجتماعات واحدة من تلك الكيانات الاقتصادية ( منظمة الأوبك) .. تجمع الدول المنتجة للبترول …. ذلك الكيان الاقتصادي العملاق الذي عرفه العالم وذاع صيته وعرف تأثيره بعد حرب أكتوبر 73 .. وعلي أثره وبعد كل لقاء وأجتماع لهم تصعد البورصة وتهبط وتتخذ القرارات .. التي كانت ومازالت توثر عل ميزانية كل مواطن مهما كان مكانه علي الكرة الراضية..
ولم يعد للفقر و لا للفقراء .. مكانا وسط العمالقة ووسط الحيتان ولن يكون لهم ذكرا .. فهم لا يحركون ساكنا ولا يغيرون مسارا ولا يشكلون خطرا .. او حتي استقرارا لشعوبهم لضعف استثماراتهم بين الكبار .. ومحدودية فكرهم وتمسكهم بالقديم والتراث العتيق في التجارة والاقتصاد .. ومتخذين من التاريخ الاقتصادي منهجا ودستورا لهم ودليلا لمستقبل تجارتهم ..
والفقراء الذين اقصدهم هم الشركات والمصانع والبنوك وبيوت الأموال وشركات البرمجيات والمزارع الصغيرة .. وكل منتج محدود التوزيع ..، الفقراء اليوم لهم شكل مخالف عن النمط التقليدي المعروف .. فقراء اليوم هم فقراء العلم والمعرفة .. فقراء العقول .. والمفكرون بنصف عقل ونصف معرفة … هؤلاء هم الفقراء حقا .
ومصر .. كانت ومازالت بعيدة عن هذا الفكر .. وتعيش هذا الفقر بكل إبعاده ..فقر في الاندماج العالمي وفقر في الإنتاج وفقر في العقول .. ومحدودية التطلع الي الغد .. وعدم الانخراط والاندماج في الكيانات الكبيرة ..
ولكن مؤخرا حدث تطور فردي لبعض المؤسسات الاقتصادية في الاندماج الاقتصادي العالي .. وظهرت شركات عالمية عملاقة في مصر – علي يد افراد – وفي بعض دول الخليج ..( الذين يجب ان نعترف بأنهم سبقونا بفكرهم نحو هذا التحول والتغير ..) – والمثال علي ذلك – دولة الأمارات وشركاتها التي كد أن تفوز بعطاء إنشاء وادارة 6 مواني أمريكية .. وتدخلت السياسية الأمريكية لوقف السماح بحدوث هذا التحول ..
ونعود الي مصر والي تلك الطفرة – المتأخرة في هذا الاندماج الاقتصادي العالمي في مجالات الإنشاءات المعمارية .. العملاقة التي بداـ تأخذ مجالها في مصر .. بإنشاء تجمعات سكنية فاخرة جدا .. وبأرقام وميزانيات
تعدت ميزانية دول متوسطة ..واجتذبت الأموال العربية والعالمية المعطلة .. واستثمرتها .. بعيدا عن الحكومة .. وفي سياق العولمة وبالانفتاح الاقتصادي .. وبعيدا عن أساليب الدعم للفقراء .. فلا مكان الان لهؤلاء الفقراء .. سوي ان يكونوا عمالا مؤقتين في مشروعات عالمية ..
المحظوظين والسعداء من الفقراء عم من يستطيعوا ان يخرجوا من حلقة الحصار الاقتصادي بأعمال عقولهم في أساليب وطرق جديدة وابتكار الأعمال الغير نمطية . وقتها سيكون لهم شأن وضرورة
فقراء مصر ومن هم تحت خط الفقر .. ( والتي تشير التقارير العالمية الإحصائية الي انهم في حدود 20% من أجمالي سكتن مصر ) المقياس العالمي لمن هم الفقراء يختلف من منطقة الي أخري .. ولكن الفقر واضح علي الوجوه .. والذنب ليس ذنب هؤلاء البشر وحجهم .. ولكن شركاء هذه الجريمة هم رؤساء الحكومات المتعاقبة علي مدي عشرين عاما مضت بتجاهلهم المشاكل الاقتصادية .. ورفضهم المشاركة في التخطيط ورفضهم الآخر .. كمبدأ ..
بحجة الأمن القومي .. وحجة التأمين الاجتماعي او الأمن الاجتماعي وحماية الشعب !!
تلك الكلمات والحجج آدت بنا الآن الي هذا الفقر والتخلف .. وظلمت الملايين من الشعب المصري في المشاركة في بناء المستقبل وأصبحوا فقراء ..
هل مازال أمامنا وقتا وفرصة لإصلاح هذا الخلل في الفكر الاقتصادي العالمي الجديد ( علينا ) ؟
أنور عصمت السادات
عضو مجلس الشعب المصري المستقل