البهلوان هو خير تعبير عن ممارس الحياة السياسية في مصر … يمشي علي الحبل ويحاول ان يظل متزنا أطول وقت ممكن ويحاور الجمهور وهو يمشي علي الحبل .. ويضحك المشاهدين ويبكيهم .. كل هذا من خلال تعبيرات وجهة .. وحتي وجهة يقوم بطلائه بألوان فاقعة وغير منسقة .. ليزيد من تعبيراته .. وانف طويل او علي شكل كرة وطلاء آخر علي الفم يزيد من اتساعه ليظل ضاحكا طوال مدة العرض …
عالم بهلوان السيرك هو في نظري، عالم رجل السياسة في أي مكان في العالم .. مها كانت انتماءاته او معتقداته … رجل ينظر اليه الناس بنظرات الشك والريبة دائما .. فهو كذاب علي طول الخط .. يلوي الحقائق لصالح دولته ويغير الثوابت في سبيل تحقيق أهداف حكومته ..
والبهلوان في عرضه يقوم بالتمثيل أحيانا ليجسد شخصية الرجل المغلوب علي أمره ليستدر عطف الناس ويساندونه في محنته …
ورجل السياسة يخترع قضايا ومشاكل بهدف اجتذاب الرأي العام حوله .. وأكبر مثال علي هذا ما تفعل له إيران .. موضوع تخصيب اليورانيوم !! … والامثله كثيرة ولا حصر لها في عالم الدبلوماسية و سلوك الدبلوماسيين …ويبدو انها صفات متعارف عليها ومتفق عليها في هذا العالم.
تلك كانت مقدمة لابد من سردها لندخل الي الموضوع الرئيسي لنا .. وهو تصرفات وسلوك وزارة الخارجية المصرية في السنوات الأخيرة …
ولا أريد ان أعدد الإسقاطات التي حدثت … فكلها أخطاء واضحة سواء في النشر او في التعامل معها … ولا أريد أيضا أن أدخل الي عالم الدبلوماسية الدولية فهي لا تمس المواطن مباشرة ووقعها وتأثيرها قد يأتي متأخرا بعض الشيء .. كعلاقات مصر مع مختلف الدول …
ولكن … قضايا كرامة المواطن المصري بالخارج .. سواء كان عاملا او موظفا او مهاجرا او يعمل بدولة أجنبية بلا أوراق رسمية …هي لب الموضوع وهي التي تثير الشعب وتفتح باب التساؤلات … وعلي سبيل المثال :
قضايا العمالة المصرية بالدول العربية وعدم مساندة الدولة لهم في ضمان حقوقهم
قضايا الهجرة الغير الشرعية . والتعامل معها علي إنهم مجرمين وخارجين علي القانون .
قضايا التجسس وقضايا عمل المصريين داخل إسرائيل والزواج من إسرائيليات..
قضايا المهاجرين المصريين وانفصالهم عن الدولة ألام بسبب التصرفات الخاطئة لموظفي السفارات المصرية بالخارج والقنصليات ..
قضايا اسري الحرب في الحروب التي خاضتها مصر مع إسرائيل
قضية اغتيال السفير المصري وتهاون الخارجية المصرية في رد الفعل ..
كل تلك القضايا كانت محور عمل وزارة الخارجية المصرية في السنوات الخمسة الماضية ..
وكانت جميع التصرفات والتداول لهذه القضايا و رد فعلها أقل من المتوقع حدوثه من الوزارة ..
بل انها كانت مثار سخرية من رجل الشارع المصري البسيط الذي لا يعرف ما هي السياسة وما هي الدبلوماسية … ولكنه له حس وطني قوي وعرف وطني يجعله ينقد التصرفات التي كانت دون مستوي الحدث ..
وأصبحت سمعة المواطن المصري بالخارج سيئة ومستهان بها… وحتى في الداخل .. وعند طلب الحصول علي تأشيرات السفر للخارج يعامل طالب التأشيرة بكثير من المهانة والتعقيدات لعلمهم بان سبب السفر الحقيقي هو العمل وليست السياحة أو الزيارة…
والحالة العامة للاقتصاد المصري المتدهور هي السبب الرئيس لكل تلك المشاكل التي تطفو علي السطح وفي الخارج وهي نتيجة حتمية لهجرة الشباب للبحث عن مورد رزق ..ليقيم بيتا ويعول اسرة ..ويعيش حياة كريمة تليق بأسمه وجنسيته المصرية التي يعتز بها .
وقضيتنا ليست البحث عن متهم أو مسئول في الدولة لنلقي علية كل أخطائنا ومصائبنا.. ولكن القضية هي ان يدرك كل مسئول بالدولة بأنه هو نفسه صانع القرار وصاحب التغير للأفضل .
وبداية هذا ان يدرك ويعرف مواطن الخطأ وإشكاله .. وهو ما نحاول ان نقوله …
بالطبع ليست وزارة الخارجية المصرية هي الملومة الوحيدة والمسئولة عن كل هموم الوطن الخارجية .. فهناك وزارات أخري … مثل وزارة القوي العاملة والهجرة … فلها ضلع كبير في التقليل من قيمة أبناء وطننا في الخارج .. وعدم قدرتها علي المتابعة الدقيقة لكل المصريين
بالخارج ، حتي انها قد لا تستطيع ان تقدر أعدادهم بدقة .. وهم أحدي أهم مصادر الدخل القومي لمصر ..ومورد من موارد الدولة كبير…
وتحتاج وزارة القوي العاملة والهجرة الي موظفين أكفاء للعمل بمجال الموارد البشرية … حتى تستطيع استثمار العمالة المصرية العاطلة بالداخل وتوجيههم الي الطريق القانوني والصحيح للعمل بالخارج مصر تملك ثروة بشرية قيمتها تعادل قيمة البترول في دول الخليج … ونفرط فيها بسهولة … والخارجية المصرية .. أيضا تحتاج الي ان زيادة نشاط المستشارين التجاريين الي جانب الدبلوماسيين السياسيين ليستطيعوا أن يفوا بأعمالهم بالخارج وان يقوموا بتلبية متطلبات الوطن الأم من متابعات وتقارير واقتراحات … الي آخره من سلسلة المطالب القومية ….وهناك أيضا جانب هام في دور الجاليات المصرية بالخارج وارتباطها بالسفارات المصرية لخدمة المصريين الوافدين وضرورة استثمار وتفعيل دور الاتحادات المصرية بالخارج وربطها بالأهداف الوطنية
الدبلوماسية .
ان ممارسة السياسة ليست بارتداء الياقات البيضاء و حضور دعوات العشاء و الكوكتيل والاحتفالات الرسمية بالخارج فقط ولكنها عمل شاق يحتاج الي إعادة نظر في تطويره ليتلاءم مع احتياجات الوطن الأم في التنمية ..
ولابد ان يكون لنا وقفة مع تلك المتغيرات التي تدفع الشباب الي المجازفة بالحياة للخروج من الوطن للب
حث عن عمل … وتلك الوقفة تحتاج الي جهد الحكومة بكافة وزارتها .. واعتبار تلك الوقفة هدفا ومشروعا قوميا لتصحيح الأوضاع الغير قانونية في هجرة الشباب …
عضو مؤسس بحزب الجبهة الديمقراطية