أبو ذر الغفاري المتفرد في الزهد والورع المترفع عن السلطة والمال .. مخافة من الله وهو كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عنه (رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده). صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم .
صحابي جليل … يحبه رسول الله … ولان الطبيعة الإنسانية تختلف من شخص لآخر فقد كان أبو ذر واحدا من هؤلاء أصحاب السمات المتفردة في الطبيعة الإنسانية … وحياته السياسية كانت لها صفحات بيضاء مخالفة لكل السياسيين أيام الرسول وبعده … فهو الوحيد الذي فهم ما هي السياسة وما خفاياها ورفض كل المناصب التي عرضت عليه ..
والسائر وحده كان وصفا دقيقا من رسول الله ( وما ينطق عن الهوى ) لحياة إنسان أسلم في الجهر وليس في الخفاء ولفظ ورفض كل من كان يحاول أن يتملقه أو يداهنه أو حتى يداعبه اليوم وبعد 1428 عاما علي هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم.. يتكرر هذا النموذج.. وها نحن الآن وفي أحد الأقطار العربية (مصر) التي فتحها المسلمون.. لدينا السائرون وحدهم ….وهم ليسوا من السياسيين .. ولا من الصالحين . ولا من الاقتصاديين ولا من الاجتماعيين ….أنهم مواطنون عاديون ويعيشون بيننا ومهمومون بالوطن .. ولا يملكون جاها ولا سلطانا ..
تلك الفئة درست وعملت وسلكت طرق الحياة بمثالية نادرة .. ولم تسلك أي طريق خلفي سواء في التعامل اليومي أو في العمل الذي يعملونه .. سواء كان حكوميا أو عملا حرا أو مهنيا … النموذج الذي اتخذوه في حياتهم ..هو كما يقول الكتاب في وصف النموذج المثالي في الحياة ..
بالقطع هؤلاء هم السائرون وحدهم..وبالقطع هم بعيدون عن أسباب الظهور و الشهرة … ولا يعرفهم الكثيرون .. ولكن في كل مجموعة أو فئة واو تجمع نجد هذا النموذج البشري يعيش بيننا والجميع يحترمه …
ولقد وصلنا في حياتنا السياسية الآن إلي هذا إننا نسير وحدنا ونتكلم وحدنا ونسمع وحدنا وسنموت وحدنا … من كثرة التهميش الذي تفرضه فئات من حزب الأغلبية… ولا اعتراض…وكأننا نكلم أنفسنا ونتحدث إلي حائط أصم !!
رددنا كثيرا كلاما حول ضرورة الارتقاء بالعمل العام ليكون خالصا لوجه الله وليس نفاقا ولا رياء للوصول لمراكز سلطة … ولم نجد آذانا صاغية …تكلمنا وكتبنا بضرورة دفع الصفوف الخلفية إلي الأمام لتأخذ دورها وحقها في قيادة البلد وتحمل المسؤولية … ولا مجيب ..
سائرون وحدنا …
رفضا كل مظاهر الاحتكار وكل أسبابه … وكشفنا مواطن وبؤر الفساد .. ولم نجد رد فعل أو تغير في السياسة أو في الأسلوب …. سائرون وحدنا ..
كشفنا تدهور البنية الأساسية في القرى و النجوع البعيدة عن العاصمة وطالبنا بضرورة الإسراع في الارتقاء بالمستوي المعيشي للفلاح البسيط والمواطن المكافح البعيد عن نقاط الاهتمام والبعيد عن متخذي القرار … ولم نجد إصلاحا حقيقيا أو حتى نية إصلاح ….. سائرون وحدنا
طالبنا بضرورة الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث ( تشريعية وتنفيذية وقضائية ) وضرورة استقلال القضاء استقلالا تاما .. والبعد عن التداخل مع السلطة التنفيذية …
وتكلمنا وكتبنا وعبرنا عن هذا … وكأننا سائرون وحدنا….
التعديلات الدستورية الأخيرة .. تكلمنا وكتبنا فيها برأينا وكتب كل من له رأي فيها .. ولم يتم الأخذ بأي من كل تلك الآراء .. وكأننا سائرون وحدنا ..
كشفنا معاناة الشباب الباحث عن عمل .. في محافظات الدلتا – الأكثر كثافة سكانية بين محافظات الجمهورية .. وكيف انه يخاطر بحياته بالسفر للخارج بالطرق الغير قانونية الغير آمنة وضرورة أن نجد له سبيلا أكثر آمنا.. وتوفير أسلوب جديد يحقق له العيشة الكريمة سواء بمصر أو خارج مصر .. ومازال مسلسل غرق الشباب في البحر مستمرا …. سائرون وحدنا …
السائر وحده الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري لم يكن ليرضي بما يحدث بمصر ولو قدر لنا أن يكون بيننا شخصية مثله … لتغير الحال …
نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية